منذ أربع سنوات تقريبًا والمملكة تسعى إلى التقدم في الذكاء الاصطناعي متعدد الوسائط، والرعاية الصحية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ومبادرات المدن الذكية، حيث من المتوقع أن يسهم هذا القطاع في خلق وظائف عالية المهارات، مع تطوير قطاعات كثيرة، وهو ما سيعمل على تعزيز القدرة التنافسية العالمية للمملكة، وإدخال الابتكار في الصناعات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي.. في نهايات الأسبوع الماضي، اختتمت "القمة العالمية للذكاء الاصطناعي" الثالثة، برعاية ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة «الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) الأمير محمد بن سلمان تحت شعار "الذكاء الاصطناعي لخير البشرية"، الأسئلة التي من المهم طرحها هنا على الرأي العام الداخلي، أضعها ضمن سياق توسيع مدراك المعرفة بما تقوم به قيادتنا، وهي على التوالي: ما الذي تريده السعودية من هذا المجال تحديدًا؟ ولماذا تتعمق دولتنا في تطبيقات الذكاء الاصطناعي؟ وهل هدفها محدود بالاقتصاد والاستثمار؟ أم أن هناك أبعاد محورية أخرى؟ في أثناء عمليات البحث عن الإجابة، وجدت أنه من الفائدة في البدء استجلاب رأي خارج "السرب السعودي التكنولوجي"، ومن الجيد صراحة اقتباس علمي (بتصرف) للخبير الأميركي مارك مينيفيتش، المستشار لدى الأممالمتحدة رئيس قسم سياسة الذكاء الاصطناعي في "المركز الدولي لبحوث الذكاء الاصطناعي" المعروف اختصارًا ب(IRCAI) الذي ترعاه اليونيسكو، وهو أيضًا عضو المجلس الاستشاري في (الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي)، وتركزت إجابته بعد قراءة حوار مطول له، في أن "السعودية تعزز ريادتها اليوم في مجال الذكاء الاصطناعي من أجل الإنسانية في المقام الأول، ويظهر ذلك في عدد من مشروعاتها الحيوية، عبر تقنين الصناعات ذات الصلة في مجالات عدة؛ من بينها خدمات الرعاية الصحية، وإدارة الأعمال، وإنشاء المدن الصناعية، ويرى -مارك مينيفيتش- أن هذه الجهود المتوافقة مع رؤية 2030 ستجذب استثمارات جديدة، وشراكات دولية، ومبادرات كثيرة، مثل تنمية مواهب الذكاء الاصطناعي، وإضفاء الطابع الديمقراطي مفتوح المصدر على استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي". لكن السؤال بعد استعراض ما قاله الخبير الدولي، هو: كيف وصلت السعودية خلال الفترة لهذا المستوى العالمي غير المُبالغ فيه؟ هناك اهتمام سعودي بالمواكبة التقنية العالمية، فهي تسعى منذ أربع سنوات تقريبًا إلى التقدم في الذكاء الاصطناعي متعدد الوسائط، والرعاية الصحية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ومبادرات المدن الذكية، حيث من المتوقع أن يسهم هذا القطاع في خلق وظائف عالية المهارات، مع تطوير قطاعات كثيرة، وهو ما سيعمل على تعزيز القدرة التنافسية العالمية للمملكة، وإدخال الابتكار في الصناعات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي. هذه التحركات التي نعيشها في بلادنا، ليست وليدة اللحظة، بل هي نواتج مُحققة عن الإستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي (NSDAI)، التي أطلقت في أكتوبر 2020 في النُسخة الأولى للقمة العالمية للذكاء الاصطناعي، والتي وضعت توجهًا إستراتيجيًا واضحًا خلال الفترة (2021 – 2030)، ويمكن استعراضها في ثلاثة مُرتكزات رئيسة، وهي: دعم الأولويات الوطنية، وبناء القدرات المتخصصة في مجالات مُحددة، وصولُا إلى تأسيس قطاع منافس ريادي على المستوى الدولي، والانضمام إلى الاقتصادات الرائدة التي تستفيد من البيانات والذكاء الاصطناعي. قمة 2024، ليست عبارة عن مؤتمر ينتهي بانتهاء جلساته النوعية، بل أنها أضحت منصة عالمية، تُظهر التزام المملكة العربية السعودية باستخدام الذكاء الاصطناعي بوصفه أداة للتنويع الاقتصادي والريادة العالمية في التقنيات المتطورة، ليس ذاك فحسب، بل صارت – أي القمة- معلمًا أساسيَا في رحلة بلادنا لتصبح رائدة عالمية في هذا المجال، واظهر ذلك أمام "الملأ العالمي" التقدم السريع الذي أحرزته في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي والابتكار وإنشاء نظام بيئي رقمي يتماشى مع رؤيتنا الطموحة، خاصة في دمج الذكاء الاصطناعي بالمشروعات الضخمة مثل "نيوم" والتقدم في البنية التحتية لمعالجة البيانات، وتطوير تقنيات خاصة بالذكاء الاصطناعي تعمل على تطوير قطاعات مثل الرعاية الصحية والطاقة والتنمية الحضرية. بصورة بانورامية سريعة، شهد العالم الذي حضر للقمة العالمية للذكاء الاصطناعي، على التوجه السعودي للتوسع مُتعدد الوسائط في هذا المجال، ما يعني قيادتها لابتكارات الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم.. دمتم بخير.