تراجعت أسعار النفط بشكل حاد خلال الأسبوع الماضي إلى أقل من 70 دولاراً للبرميل من خام برنت القياسي وهو أقل سعر منذ العام 2021 وهنالك توقعات بانخفاض قادم دون مستوى 60 دولاراً للبرميل، منظمة أوبك خفضت يوم الثلاثاء الماضي توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2024 تماشياً مع البيانات التي تلقتها منذ بداية العام، كما قلصت توقعاتها للعام المقبل في ثاني تعديل بالخفض من المجموعة، نمو الطلب العالمي على النفط يواصل التباطؤ بوتيرة حادة مقارنة بالمعدلات المسجلة عقب انتهاء أزمة كوفيد 19، ويعود السبب الرئيس في ذلك إلى التباطؤ الكبير في نمو الطلب الصيني، حيث تراجع استهلاك الصين من النفط بمقدار 280 ألف برميل يومياً على أساس سنوي في يوليو الماضي، ويواجه الاقتصاد الصيني تحديات كبيرة منها ضعف الطلب الاستهلاكي وسوء المناخ الذي تسبب في تعطيل مشاريع البناء، بالإضافة إلى التوتر القائم بين الولاياتالمتحدةوالصين مما رفع حدة المخاطر أمام الأعمال التجارية في الصين في السنوات القليلة الماضية، وتتجه بعض الشركات الأميركية إلى توجيه استثماراتها الآن إلى مناطق أخرى في العالم، مثل فيتنام وماليزيا وجنوب آسيا، صندوق النقد الدولي توقع نمو الاقتصاد الصيني 5 % هذا العام ارتفاعاً عن تقديراته السابقة التي كانت تشير إلى نمو 4.6 %، لكنه توقع نمواً أبطأ في السنوات المقبلة، كل هذه التحديات التي تواجه الاقتصاد الصيني وهو ثاني أكبر اقتصاد في العالم تضغط على أسعار النفط، المملكة تُعد ثاني أكبر مورد للنفط الخام إلى الصين بعد روسيا، ولكن بيانات الجمارك الصينية أظهرت تراجع صادرات النفط السعودي إلى الصين في السبعة أشهر الأولى من العام الحالي إلى 1.61 مليون برميل يومياً بنسبة 10.3 %، مقارنة بنفس المدة من العام الماضي، ولكن هنالك توقعات بارتفاع صادرات النفط السعودي إلى الصين خلال أكتوبر المقبل بنسبة تقترب من 5 %، مقارنة بمستويات سبتمبر، بعد تخفيضات كبيرة في الأسعار من جانب شركة أرامكو للمحافظة على شريك مهم لصادرات النفط السعودي والمنتجات البتروكيميائية، رئيس مجلس الدولة الصيني قام بزيارة رسمية إلى الرياض الأسبوع الماضي لمدة يومين من أجل المشاركة في أعمال اجتماع "الدورة الرابعة للجنة السعودية الصينية رفيعة المستوى" الشراكة بين البلدين تطورت على الصعيد الاستثماري، حيث باتت الصين إحدى كبرى الدول المستثمرة في السعودية، مع ضخّها استثمارات بقيمة بلغت 16.8 مليار دولار في عام 2023، مقابل 1.5 مليار دولار ضخّتها خلال عام 2022، فيما وصلت قيمة الاستثمارات السعودية في الصين إلى 75 مليار ريال، ومن المتوقع ضخ استثمارات صينية في الاقتصاد السعودي خلال السنوات المقبلة، وقد اتخذت المصانع الصينية من جازان منطقة لوجستية وصناعية للاستفادة من موقعها الفريد والمحوري، حيث تربط أوروبا وأفريقيا وآسيا والمحيط الهندي، باعتبارها من ضمن محطات طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين، كما يتمتع الميناء بإمكانية تطور هائلة في المستقبل، الاستثمارات الصينية في المملكة هي الأكبر عربياً، ويوجد 750 شركة صينية تعمل حالياً في السوق السعودية بمشروعات البناء الضخمة بما فيها مدينة نيوم. الإيرادات النفطية مهمة لاقتصاد المملكة، إذ تشكل نسبتها أكثر من 60 % من حجم الإيرادات ولكن مع رؤية 2030 أصبحت الإيرادات غير النفطة رافداً مهماً لميزانية الدولة وتواصل نموها السنوي مع تنفيذ المزيد من برامج الرؤية حيث ساهمت في الحد من تأثير تقلبات أسعار النفط على تنفيذ خططها الاستراتيجية ولو رجعنا إلى أرقام الناتج المحلي في الربع الثاني من هذا العام نجد أن الأنشطة غير النفطية حققت ارتفاعاً قدره 4.9 % على أساس سنوي، و2.1 % على أساس ربعي، كما حققت الأنشطة الحكومية نمواً قدره 3.6 % على أساس سنوي، و2.3 % على أساس ربعي، على الرغم من تراجع الأنشطة النفطية بنسبة 8.9 % على أساس سنوي، ولذلك سوف يستمر النمو رغم التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي وتأثر أسعار النفط بها. وزير الاستثمار السعودي المهندس خالد الفالح ذكر أنه بعد ثماني سنوات من إطلاق رؤية 2030، أصبحت المملكة الآن أكثر التزاماً وعزماً على تنفيذ البرنامج، وحققت أو على وشك إكمال 87 % من أهدافها، وهذا بلا شك يؤكد أن بناء الرؤية جاء بعد دراسة حصيفة واستشراف رائع للمستقبل وقدرة على التعامل مع التحديات. حسين بن حمد الرقيب