عادت أسعار النفط في الأسبوع الماضي إلى التراجع بعد مكاسب استمرت لسبعة أسابيع، حيث انخفض برنت 2.4 % إلى 84.80 دولارا وغرب تكساس 2.3 % إلى 81.25 دولارا، بعد أن فاقت مخاوف تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني، أكبر مستورد للنفط عالميا، واحتمال زيادة أسعار الفائدة الأميركية بوادر شح المعروض، وبهذا تتلاشى الآمال في عودة الطلب الصيني على النفط إلى مستويات ما قبل الوباء خلال الأشهر المقبلة أو العام المقبل، حيث كان من المتوقع أن يمثل نمو الطلب الصيني 70 % أو 1.6 مليون برميل يوميا من نمو الطلب العالمي على النفط هذا العام. كما أن الصين تتبع سياسة نفطية حمائية لتهدئة ارتفاع أسعار النفط بشراء النفط الأرخص عالميا، حيث من متوقع أن تستورد 1.5 مليون برميل يوميًا من النفط الإيراني في أغسطس والأعلى منذ 2013، وفقًا لتقديرات كيبلر. بالإضافة إلى استمرارها شراء النفط الروسي الأرخص نسبيا. وتستغل الصين أيضا مخزونها النفطي الذي يتجاوز مليار برميل حيال ارتفاع أسعار النفط بدلا من الشراء، فيبدو أنها استخدمت مخزون النفط في يوليو، بعد أن تجاوز إنتاج المصافي كمية النفط المتاحة من الواردات والإنتاج المحلي، لذلك تراجعت واردات الصين من النفط إلى متوسط 10.29 مليون برميل يوميًا في يوليو مقارنة بمستواها القياسي 12.67 مليون برميل يوميًا في يونيو، رغم أنها كانت أعلى 17 % عن يوليو 2022 بسبب عمليات الإغلاق الصارمة لمكافحة كوفيد-19. وأظهرت البيانات الصينية يوم الثلاثاء الماضي، انخفاض المؤشرات التالية في يوليو مقارنة بشهر يونيو: نمو الإنتاج الصناعي الصيني من 4.4 % إلى 3.7 %؛ مبيعات التجزئة من 3.1 % الى 2.5 %؛ بينما ارتفع معدل البطالة الإجمالي من 5.2 % إلى 5.3 %، كما انخفض مؤشر الرئيس لاستهلاك الأسر من 3.1 % إلى 2.5 % في يوليو على أساس سنوي، وكذلك مؤشر الاستثمار العقاري 8.5 % في الفترة من يناير إلى يوليو مقارنة بانخفاض 7.9 % في الفترة من يناير إلى يونيو على أساس سنوي، وفقا لمكتب الإحصاءات الصيني. ولذلك توقع بنك وول ستريت نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين 4.7 % هذا العام، انخفاضًا من التوقعات السابقة عند 5 %، وبانخفاض من 4.5 % إلى 4.2 % في 2024. بينما توقع جي بي مورجان انخفاضه إلى 4.8 %، وباركليز إلى 4.5 % في 2023، وجميعها أقل من النمو الذي تستهدف الصين عند 5 % هذا العام، رغم القرار الصيني بخفض أسعار الفائدة الرئيسة للمرة الثانية في ثلاثة أشهر والذي لن يكون كافيا لوقف دوامة الانحدار الاقتصادي. لهذا نصح سيتي جروب الخميس الماضي، التجار ببيع النفط ومنتجاته على المكشوف بنهاية الصيف مع تراجع أسعار النفط عن مستواها الحالي، كما أنه حذر من وصول الطلب على النفط إلى ذروته في الشهر الحالي، مع تقلص الفائض في المعروض إلى 200 ألف برميل يوميًا هذا العام، بينما سيرتفع الفائض إلى 1.8 مليون برميل يوميًا العام المقبل، نتيجة ارتفاع الإمدادات الإضافية من داخل "أوبك+" وخارجها، مما قد يدفع "أوبك +" إلى تعميق خفض إنتاجها من أجل إبقاء الأسعار فوق 70 دولارًا. وهذه التوقعات أكثر واقعية وتعكس متغيرات أسواق النفط الحالية والمتوقعة مستقبلا.