شهدت أسواق النفط زخمًا هبوطيًا خلال الأشهر الماضية وبنظرة تشاؤمية، بشأن الطلب المستقبلي على النفط وزيادة الإنتاج من خارج أوبك+. وربما حان الوقت لإعادة توازن العرض بين أوبك+ ومنتجي النفط من خارجها في اتجاه إنعاش الطلب، والذي سيحقق التوازن عند أسعار أكثر استقراراً وبدون ركوب مجانيًا. فلم يعد خفض العرض من طرف واحد قادراً على التصدي لتباطؤ الطلب العالمي في ظل الظروف الاقتصادية العالمية والتحول إلى منتجات أخرى بديلة من أكبر مستورد للنفط. ومازالت الأسواق تنتظر خفض الفدرالي لسعر الفائدة في الشهر الجاري ما بين 0.25 % و0.50 %، والذي سينعكس إيجاباً على أسعار النفط، بعد وصولها إلى أدنى مستوياتها منذ يونيو 2023، مما يشير إلى هشاشة الطلب على النفط في الأسواق العالمية وخاصة في الصين. وأججت البيانات الاقتصادية المتشائمة من الصينوالولاياتالمتحدة وأوروبا وكندا، التوقعات الهبوطية لأسعار النفط. وأظهر أداء القطاع الصناعي الأميركي انكماشاً للشهر الخامس على التوالي، حيث ارتفع مؤشر التصنيع التابع لمعهد إدارة التوريد إلى 47.2 في أغسطس، من أدنى مستوى له في ثمانية أشهر عند 46.8 نقطة، لكنه مازال دون 50 نقطة. كما أظهر أيضًا مؤشر مديري المشتريات الصناعي في الصين انكماشاً، حيث انخفض إلى 49.1 في أغسطس من 49.4 نقطة في يوليو، وهو الأدنى في ستة أشهر وللشهر الرابع على التوالي. كما جاء تقرير الوظائف الأميركية ضعيفاً، بإضافة 142 ألف وظيفة في أغسطس، أقل من المتوقع بمقدار 19 ألف وظيفة، رغم تراجع معدل البطالة 0.1 % إلى 4.2 % في أغسطس، مع انخفاض طفيف في عدد طلبات للحصول على إعانات البطالة إلى 227 ألف والأدنى في ثمانية أسابيع. وهبطت أسعار النفط على مستوى الأسبوع الماضي، حيث هبط سعر برنت 7.74 دولارات أو 9.8 % إلى 71.06 دولارًا، وغرب تكساس 5.88 دولارات أو 8 % إلى 67.67 دولارًا. على الرغم من بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، بتراجع مخزونات النفط التجارية بمقدار 6.9 ملايين برميل والمقطرات بمقدار 400 ألف برميل، إلا أن مخزونات البنزين ارتفعت بمقدار 800 ألف برميل في الأسبوع المنتهي في 30 أغسطس، مما يشير إلى تباطؤ الطلب على النفط في الولاياتالمتحدة مع انتهاء موسم القيادة في الصيف، وبدء فترة صيانة المصافي في الخريف والذي سيؤدي إلى تقليص استهلاك النفط. هكذا يبدو ضعف مرونة أسعار النفط التي تزداد يومًا بعد يوم بعدم تجاوبها مع انخفاض المخزونات أو تأجيل أوبك+ لتخفيف التخفيضات الطوعية حتى نهاية نوفمبر، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وتحول الصين من أكبر محركًا للطلب على النفط لفترة طويلة إلى تباطؤ في استهلاكها للنفط في العقود الأخيرة. وقال محللو بيرنشتاين الخميس الماضي: إن نمو الطلب الصيني على النفط يسير بوتيرة متباطئة في السنوات الخمس عشرة الماضية (باستثناء كوفيد) مع انخفاض بنسبة 2 % حتى الآن هذا العام. كما أظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء الصيني تراجع الطلب على النفط بنسبة 8 % على أساس سنوي في يوليو، ليصل إلى 13.6 مليون برميل يوميًا، وهو أدنى رقم منذ عام 2009 (باستثناء فترة كوفيد). وانخفض متوسط الطلب الصيني 0.3 مليون برميل يوميًا أو 2 % على أساس سنوي إلى 14.3 مليون برميل يوميًا خلال الفترة ما بين يناير إلى يوليو 2024.