شهدت أسعار النفط تقلبات حادة خلال الأسبوع الماضي، مدفوعة بالعوامل الاقتصادية وقرب خفض سعر الفائدة ووقف إنتاج النفط الليبي، وضعف الطلب الصيني في آن واحد، فلم تعد معادلة النفط متوازنة، وحان الوقت، لتكيف أسواق النفط مع الطلب الصيني، بدلاً من التفاؤل بعودته وقد لا يعود، والإسراع في التركيز على العوامل البديلة التي تحدد اتجاه الأسعار العالمية ومن أهمها العرض، من أجل أسعار أكثر استقراراً وفي الاتجاه الصاعد، فلم تعد ديناميكية أسواق النفط كما كانت قبل أزمة كوفيد-19، وهو ما يحدث مع اقتصاد الصين المهيمن على نمو الطلب العالمي على النفط وانتعاش أسعاره. وفي يوم الاثنين، ارتفعت أسعار النفط بشكل كبير، حيث تجاوز برنت 80 دولارًا وغرب تكساس 77.40 دولارًا، بعد إعلان البرلمان الليبي إغلاق حقول النفط والموانئ، وتنتج ليبيا 1.180 مليون برميل يوميًا، ووفقًا لشركة رابيدان إنرجي جروب، إن خسائر الإنتاج قد تصل إلى مليون برميل يوميًا وتستمر لعدة أسابيع، لكن من المثير للاهتمام أن تأثير الاغلاق على الأسعار لم يتجاوز أكثر من يوم واحداً، قبل أن تتجاهله الأسواق تمامًا في الأيام التالية من الأسبوع الماضي. أما على مستوى الأسبوع، انخفض برنت 0.22 دولارًا أو 0.3% الى 78.80 دولارًا من 79.02 دولارًا، في حين انخفض غرب تكساس 1.29 دولارًا أو 1.7% الى 73.55 دولارًا من 74.83 دولارًا، ومازالت المخاوف تتزايد بشأن نمو استهلاك النفط الصيني وضعف هوامش ربح المصافي، مما يشير إلى تباطؤ الطلب العالمي هذا العام والمقبل، وحاولت أسعار النفط مواصلة ارتفاعها يوم الأربعاء الماضي ولكنها فشلت، بعد صدور بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، وتراجع مخزونات النفط التجارية الأمريكية بمقدار 846 ألف برميل في الأسبوع المنتهي في 23 أغسطس، وهو أقل من المتوقع، مما أضاف إلى مخاوف الطلب. وتشير أغلبية المؤشرات الاقتصادية الأمريكية إلى حدٍ بعيد ابتعاده عن شبح الركود، حيث استقر معدل التضخم السنوي القياسي دون تغيير في يوليو عند 2.5٪ في يوليو، وكذلك معدل التضخم الأساسي، عند 2.6٪. بينما نما إجمالي الناتج المحلي بمعدل 3% في الربع الثاني على أساس سنوي، وفقًا لمكتب التحليل الاقتصادي. وانخفضت طلبات البطالة المعدلة موسميًا بمقدار 2000 إلى 231 ألف طلب للأسبوع المنتهي في 24 أغسطس، ولكن معدل البطالة ارتفع إلى 4.3% في يوليو 2024 من 4.1% في الشهر السابق، وفقاً لوزارة العمل الأمريكية يوم الجمعة، وهو الأعلى منذ أكتوبر 2021، مما عزز إلى حدٍ كبير خفض أسعار الفائدة الفدرالية في سبتمبر، والذي سيعوض بدء تخفيف الخفض الطوعي من أعضاء أوبك+ الثمانية في أكتوبر. وسيبقى انكماش الطلب الصيني على النفط التحدي الأكبر في أسواق النفط، حيث بدأت واردات الصين تتباطأ خلال عام 2024، بعد أن وصلت إلى أعلى قمة لها عند 11.29 مليون برميل يوميًا في عام 2023، وواصلت الواردات تراجعها، حيث تراجعت 12% على أساس شهري في يوليو، و3% على أساس سنوي، وهذا يعود إلى تدهور اقتصاد العقارات وانخفاض هوامش المصافي واستمرار تباطؤ الإنتاج الصناعي، الذي انكمش إلى 49.1 نقطة في أغسطس، وفقًا للمكتب الوطني الصيني للإحصاء، كما أن الصين بدأت تستبدل الديزل بالغاز الطبيعي المسال كوقود للشاحنات الثقيلة، وهي أيضًا رائدة في صناعة السيارات الكهربائية، ولذلك توقعت شركة النفط الحكومية "سينوبك" أن يصل الطلب الصيني على النفط إلى ذروته قبل عام 2027.