في ظل التغيرات الكبيرة التي شهدتها الحياة الاجتماعية وتعقيداتها المتزايدة، تجد الجدات أنفسهن اليوم أمام تحديات جديدة تتعلق بتربية الأحفاد. ففي الوقت الذي كان يُعتقد فيه أن دورهن التربوي ينتهي بانتهاء دورهن في تربية أبنائهن، تأتي هذه التحديات لتضيف مسؤوليات جديدة على عاتقهن. خلال أحد الاجتماعات العائلية الشهرية، تجلت هذه القضية بوضوح. كانت هناك إحدى قريباتنا، وقد تقاعدت حديثًا بعد سنوات طويلة قضتها في مهنة التدريس، منشغلة برعاية حفيدها البالغ من العمر خمس سنوات، حيث كانت والدته في حفل زفاف. هذا الانشغال حال دون تمكنها من الاستمتاع بالاجتماع كما كانت تأمل، حتى أنها انهمرت بالبكاء، معبرة عن شعورها بالثقل الذي يرزح على كاهلها بعد التقاعد. فقد كانت تأمل أن تعيش سنواتها الذهبية بسلام وراحة، لكنها وجدت نفسها مرة أخرى متورطة في مسؤوليات رعاية الأحفاد ودعم بناتها في حياتهن اليومية. تزايد هذه الأعباء دفعها للبحث عن المشورة ومشاركة همومها. وتزامن ذلك مع وجود أخصائية اجتماعية بين الحضور، حيث قدمت لها نصيحة صريحة بضرورة عدم الاستسلام لرغبات أبنائها في الاعتماد عليها في تربية أطفالهم. وأكدت على أن الأمهات، خاصة الجدات، يستحققن فترة من الراحة والاسترخاء بعد سنوات طويلة من العطاء والعمل الدؤوب، وأنه لا ينبغي أن يُثقل كاهلهن بمسؤوليات إضافية بمجرد أن يصبح أبناؤهن قادرين على إدارة شؤون حياتهم بأنفسهم. كما شددت على أهمية أن يُخصص للجدات الوقت الكافي للاستمتاع بحياتهن الخاصة بعيدًا عن أعباء التربية. ينبغي على الأجيال الشابة أن تدرك أهمية تحمل المسؤوليات الأسرية دون الاعتماد المفرط على الجدات. فالدور الطبيعي للأم ينتهي عندما يصل الأبناء إلى مرحلة النضج والاستقلال. ولابد أن يعترف المجتمع بأن مشاركة الأمهات في تربية الأحفاد يجب أن تكون اختيارية نابعة من رغبة صادقة، وليس واجباً مفروضاً. تحقيق هذا التوازن ضروري لضمان تمتع الأمهات بحياتهن الخاصة، بينما يتولى الأبناء مسؤولياتهم بشكل مناسب.