المملكة أثبتت تاريخيًا أنها بلد يصعب اختراق لحمته الوطنية، أو مسيرته السياسية عبر أي شكل من أشكال التشكيك سواءً الإعلامي أو غيره، أو حتى التأثير فيها، وتكاد تكون الدولة الوحيدة في هذا العالم التي تتحقق فيها اللحمة السياسية المجتمعية بدرجات غير مسبوقة، وتكمن مشكلة الآخرين حولنا في عدم فهمهم الطبيعة المجتمعية التي تكونت بها السعودية تاريخيًا وسياسيًا واجتماعيًا.. تتعرض المملكة العربية السعودية إلى واحدة من حملات الهجوم التي تخفي خلفها أسئلة جوهرية حول توقيت الهجوم ونوعيته ومصادره واتجاهاته، والحقيقة أن العامل المشترك الذي تمت ملاحظته أن كل تلك الحملات على اختلاف أنواعها اعتمدت على نقاط ضعف معرفية تعاني منها تلك الحملات حول المملكة وواقعها السياسي والاجتماعي، حيث عملت تلك الحملات على تصميم تقنيات ومشاهد تحاول من خلالها أن تكون مقنعة للمتلقي الذي تستهدفه. وقبل تناول الموضوع لا بد من الفهم أن معظم التقارير الإعلامية التي تصدرها المراكز المتخصصة في متابعة الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي كلها تؤكد أن استخدام الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي للتلاعب بالرأي العام أصبح اليوم مشكلة عالمية ميزت القرن الحادي والعشرين، وخاصة مع وصول وسائل التواصل الاجتماعي إلى كونها جزءا أساسيا في حياتنا الحديثة، فهذه الوسائل تساهم وبشكل مباشر في ربط البشر في جميع أنحاء العالم مع بعضهم لتوفر لهم منبراً لتبادل المعلومات والآراء والأفكار. ومن الطبيعي أن يكون هذا التواصل الواسع بين البشر على هذا الكوكب مصدر خطر كبيرا عندما تتعرض المعلومة المنقولة إلى تسميم مقصود من قبل منتجيها، فاليوم أصبحت المعلومات المنقولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي معرضة لكل أنواع التلاعب البشري من تسميم وقلب للحقائق؛ ما يعني أن الاستخدام الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي له نتائج متنافرة ومتناقضة، ولعل السؤال الذي يمكن طرحه حول فهم هذا الهجوم وتحليله سياسياً واجتماعياً يمكن تقسيمه إلى عدة أسئلة فرعية، أولها يدور حول الهجوم، ولماذا في هذا التوقيت؟، وهذا غالباً مرتبط ببعد سياسي لا بد من فهمه، ثانيها يدور حول درجة التأثير لهذه الحملة على المستوى العالمي، وثالثها يدور حول الدور المطلوب نهجه للتعامل المستقبلي مع مثل هذه الحملات. فيما يخص التساؤل الأول؛ فإننا في المجتمع السعودي ندرك أن هناك ثمنا للإنجازات التي حققتها السعودية خلال ما يقارب من عقد من الزمان مضى، وخاصة تلك التطبيقات المرتبطة برؤية السعودية 2030، ونحن في المجتمع السعودي ندرك أن مملكتنا ليست دولة على الهامش؛ بل إنها تخضع لرقابة شديدة من كل العالم بهدف قياس مدى إنجازاتها التنموية وتحولاتها السريعة كونها تتكئ على مكانة إقليمية ودولية تدركها الدول، ولو عدنا للتاريخ لوجدنا أن هناك علاقة طردية حول درجة الهجوم على السعودية ومواقفها السياسية والتنموية، لذلك فإن تأثير هذه الحملات لا يمكن أن يحمل أكثر من تمريره عبر بوابة الزمن وذوبانه عبر تجاهله مثل كثير من حملات الهجوم التي تصدت لها دول أو شخصيات ومؤسسات إعلامية. في السؤال الثاني حول درجة تأثير هذه الحملة؛ فالحقيقة أن الحملات الإعلامية التي تستخدمها وسائل التواصل الاجتماعي تتميز بأنها سريعة الذوبان، فما تعلمناه خلال السنوات الماضية أن الحملات الإعلامية عبر وسائل التواصل الاجتماعي يمكن تفريقها ببساطة عبر تجاهلها ورميها بالحقائق، فالحملات التي تقوم على التضليل والتزييف يسهل تفريقها بكم الحقائق ذات المصداقية العالية، وكمجتمع سعودي فإن علينا أن نكون مستعدين لمثل هذه الحملات مستقبلا، فما يجري في مملكتنا من تطورات وتحولات على المستويات السياسية والاجتماعية والتنموية لن يتم قبوله من الجميع من حولنا أو البعيدين عنا، فهناك من يرغب في إيقاف هذه العجلة، وهناك من يرغب في كسر ثبات هذه المملكة في مواقفها العربية والإسلامية والدولية. أما السؤال الثالث والدور المطلوب نهجه للتعامل الحالي والمستقبلي مع مثل هذه الحملات؛ فإنه لا بد وأن ندرك أن مواجهة هذه الحملات يتطلب منا جميعا الوعي بأن القاعدة الثابتة التي تقف خلف الهجوم على السعودية في كل وقت هي دائما محاولة منع المملكة من تحقيق إنجازاتها والتأثير عليها وشعبها بأي صورة مهما كان حجم هذه الصورة أو وسيلتها، ولذلك علينا أن ندرك أن العالم يفهم المملكة العربية السعودية ومواقفها الراسخة غير القابلة للتغيير وهي قبلة المسلمين، وهي قائد الشرق الأوسط وصانعة قراره، وهي مؤثر اقتصادي دولي بامتلاكها الطاقة ومكانتها الجغرافية، وهذه الحقيقة كافية بأن نتفهم الأسباب خلف كل تلك الحملات ومصادرها. هذه الحملات مهما كانت سوف تواجه ذات المصير الذي واجهته سابقاتها من الحملات الممنهجة، حيث السؤال الذي يقول ما هذا المصير؟ المملكة أثبتت تاريخيًا أنها بلد يصعب اختراق لحمته الوطنية أو مسيرته السياسية عبر أي شكل من أشكال التشكيك سواءً الإعلامي أو غيره، أو حتى التأثير فيها، وتكاد تكون الدولة الوحيدة في هذا العالم التي تتحقق فيها اللحمة السياسية المجتمعية بدرجات غير مسبوقة، وتكمن مشكلة الآخرين حولنا في عدم فهمهم الطبيعة المجتمعية التي تكونت بها السعودية تاريخيًا وسياسيًا واجتماعيًا.