الحب يفرح قلوب الجميع، والحب الذي أعيشه بعروقي لا بقلبي فقط، والحب الذي تعيشه في قلبك فقط ليس الحب، بل هو قطرة واحدة من نهر دمك، وموجة وحيدة في بحرك. والحب أعيشه بأفكاري لا برأسي، والحب الذي تعيشه في عقلك فقط ليس الحب بل هو خيال وفكرة من أفكارك، والحب لا أعيشه في الخيال، بل في الأحلام، والحب الذي تعيشه في خيالك فقط هو حلم من أحلامك والخيال فيسمرنا على الأرض كالظلال التي ما هي سوى أحلام الشمس المكسوفة، كظلنا الذي هو هامات أمانينا المحروقة في الشمس. والحب الذي تعيشه بروحك فقط، ليس الحب، بل هو شهوة من شهواتك المقموعة، وهو رغبة من رغبات روحك المدفونة، الحب ليس أغنية تطلقها حناجرنا في الهواء كفراغ يناجي ذاته، كهواء يحاكي الهواء، كفناء الداخل الذي ينادي الفناء الأرحب، كوحدة تكلم ذاتها وهي تكفكف دمعها، كأطياف مخاوفنا الهاربة من ذاتها إلى ذاتها وهي تلحق أمانينا في الأفق الشاسع. الحب ليس أغنية الحنجرة فقط، بل هو الشبابة واللحن والأغنية والرقصة، هو لحن روحك وشبابة جسدك وأغنية قلبك، لأن الحب يدخلنا دون استئذان، دون أن يطرق أبوابنا الموصدة، ولا يطرق الحب باباً موصداً. الحب هو الذي لا تجد فيه الآخر الكامل فقط، بل تجد فيه ذاتك كاملة أولاً، وهو الذي فيه تحقق ذاتك، لأن الحب الذي فيه تكون روحك غريبة عن ذاتها، والذي يفيه لا تكون ذاتك على سجيتها، نعم على سجيتها، على فطرتها الأولى ليس الحب. الحب ليس أن الواحد يكمل الآخر، بل أن الواحد يكمل ذاته أولاً، الحب هو طريق الروح إلى الكمال، الحب الكامل هو الذي يحقق طبيعته ويجعله كاملاً في هذه الطبيعة التي تستحوذ على كليته، على عقله وقلبه وجسده لأن هذه الطبيعة المسيطرة هي روحه، وفي كل واحد من البشر طبيعة مسيطرة، وحبه الحقيقي هو الذي يحقق له تلك الطبيعة التي هي حقيقته وجوهره. إن الحب اضمحل في قلوب الناس، كالملح في البحر، وأنا أملح العالم وسأعود كل هذا، سأعود بحر الحب، بركة السماء في الأرض وبركتها، ستعود البسمة إلى شفتي، والفرحة إلى قلبي، والأمل يولد في داخلي، والآن يمكنني أن أموت وروحي راضية مرضية. فإذا أنت في طريق الحب، فلا تقل: "سأبحث عن الحب، بل قل سأبحث عن ذاتي في الحب. ولا تقل، سأبحث عن نصفي الآخر، بل قل، سأبحث عن ذاتي الكاملة في الحب".