في سياق أكبر وإطار تاريخي ممتد تبدو الاغتيالات السياسية هي العنوان الأبرز للمرحلة الحالية، وربما تكون شعار المرحلة المقبلة، فلاتزال الآثار المترتبة على حادثة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية وملابسات الحادث على الأراضي الإيرانية في طهران غير واضحة، ومن الصعب ألا نفسر عملية اغتيال إسماعيل هنية، وخاصة في هذا التوقيت والمكان ذاته الواقع في مبنى ضيافة تابع مباشرة للحرس الثوري الإيراني، إلا أنها إشارة قوية توحي باقتراب وقوع حرب إقليمية واسعة؛ حيث يمكن اعتبارها رسالة فحواها ترجمة الوضع الحالي في قطاع غزة خاصة أنها جاءت في هذا التوقيت لتعرقل وتساهم في تأخير صفقة الرهائن إلى جانب وقف القتال في غزة. لا شك أن عملية اغتيال هنية ومن قبله شكر تثير مخاوف دولية بشأن الوضع القابل للاشتعال في الشرق الأوسط، حتى إن الإدارة الأميركية أعلنت أنها تفاجأت، ما أثار تساؤلات في الأذهان حول ما إذا كان نتنياهو جادًا بشأن وقف إطلاق النار؟ إن نية الحكومة الإسرائيلية هي ضمان انتشار الصراع، فمن الواضح أنها لا تستطيع الخروج من الحرب على غزة، وتجاهلت أن الحل السياسي الذي يضمن حقوق الجميع هو السبيل الوحيد لتحقيق ذلك. الصراع القائم ليس له مثيل في جميع أنحاء العالم، وهذه المعاناة الإنسانية الفلسطينية جرحت القلب وأدمته؛ كونه يمتد على طول أوتار الهوية العربية والإسلامية، بقضية حملتها كل الأجيال، وعبرت عن سرديات الانتماء للأرض. صانعو السلام أصبحت مشاركتهم في هذا الوضع أمر محتوم من أجل إصلاح تداعيات هذا الصراع الممتد، والتعبير بشكل جدي تجاه موقف المصالحة لمعالجة معاداة وكراهية الأديان. كما أن صانعي السلام يجب أن يمثل موقفهم الوضوح بعد تمدد أوجه الصراع بكل إشكالياته الذي ظهر تحت إطار ضجة وصدمة وردود فعل متطرفة من شأنها أن تمثل إعاقة لكل جسور الاستجابة الإنسانية العاجلة لتعديل مسار الأزمة الحالية، وزرع بذور السلام بشكل عاجل.