اضطلعت مبادرة (السعودية الخضراء) برسالة حيوية سامية تهدف إلى تحسين البيئة، وتحقيق جودة الحياة؛ ليعم نفعها الحاضر والمستقبل، فهي مبادرة وطنية طموح تتطلع في المقام الأول إلى الحد من تداعيات تغيّر المناخ، وقد أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - بهدف تفعيل أثر كافة فئات المجتمع، وتوحيد جهود الاستدامة، وتسريع وتيرة العمل المناخي في المملكة العربية السعودية؛ ولهذا تعمل المبادرة على تسريع رحلة انتقال المملكة نحو الاقتصاد الأخضر، وصولاً إلى تحقيق ثلاثة أهداف مهمة، تتمثل في: تقليل الانبعاثات الكربونية، وتشجير المملكة، وحماية المناطق البرية والبحرية. وبما أن المبادرة تسعى إلى تحقيق تلك الأهداف بشكل حقيقي، وعلى نحو واقعي، فإن للشعراء أثرهم الكبير في تعزيز هذه الأهداف النبيلة من منظورها الإبداعي الجمالي، ومن زاويتها المعنوية السامية، وذلك فيما يطرحونه في أشعارهم وقصائدهم من رمزية لونية يجسدها اللون الأخضر في حضوره البهي، ورونقه المشرق؛ لذلك يقول جاسم الصحيح: «لا بُدَّ للأرضِ أنْ تحيا على أملٍ / ما لاحَ فيها اخضرارٌ يرتدي فَنَنَا»، ويقول عبد الله الخضير: «ولقد عشقت من الجمال ربيعه / والعاشقون قلوبهم خضراءُ»؛ لهذا استعمل الشعراء السعوديون اللون الأخضر كثيراً في التعبير عن الوطن، ولا سيما أنه لون يرمز – في أكثر الأحوال – إلى الحب، والأمل، والخصب، والخير، والنماء، والسلام، والأمان. لقد وظف الشعراء السعوديون معاني الخصب، ودلالات النماء في أشعارهم كثيراً، وكانوا في ذلك يراوحون بين الإشارة الرمزية، والدلالات المعنوية، فيلمحون إلى الأشجار، والأزهار، والربيع، والصحراء في نباتاتها الخضراء، وواحاتها الغنّاء، وما يتصل بها من الوقوف على الطبيعة المتنامية، والبيئة المستدامة التي يسعى الشعراء السعوديون إلى نقلها في صورة شعرية جميلة، ويكفي لنعرف هذا الاهتمام البيئي في الشعر أن نجد واحداً من أهم الأعلام الشعرية السعودية - وهو الشاعر الكبير عبدالله بن خميس – يضع اسم ديوانه انطلاقاً من هذا التصور، حيث وسمه ب(على ربى اليمامة)، وألمح في كثير من قصائد الديوان إلى ما يبوح به اللون الأخضر من معانٍ كثيرة تدور أكثرها حول ذكر الجِنان، والبساتين، والحدائق، والخمائل، والربى، وما شابه ذلك. وفي أشعار السعوديين تتضح الخضرة اليانعة في كثير من قصائدهم، وقد «يرى كل شيءٍ بها أخضرا»، وهذا اللون حاضر عند غير شاعر سعودي، فمن ذلك قول إبراهيم خفاجي في النشيد الوطني: «وارفع الخفاق أخضر / يحمل النور المسطر»، ويستعمل إبراهيم صعابي الرمز في اللون الأخضر، فيقول: «عيناكِ أيتها الحبيبة / منهما أستلّ سر توهجي / بهما أرى ما لا يُرى / شمساً مسافرةً وظلّاً أخضرا ..»، ويقول حسين أحمد النجمي بشكل أكثر صراحة: «تألقي في سماء المجد وانتصبي / يا نجمة الشرق يا نوّارة الشهبِ = يا نخلة الواحة الخضراء كم سَمَقت / عيوننا لترى عقداً من الحَبَبِ»، ويقول في أخرى عن راية التوحيد: «لونها الأخضر يحكي قصة / من طموح فاق حد الانتهاء = خضرة الأرض التي قد أشرقت / فوقها أسمى رسالات السماء»، ويؤكد على رمز اللون الأخضر في قصيدة أخرى فيقول: «وأهلها رفعوا بالحق رايتها / خضراء رمزاً لأرض الخير والمطرِ».