إننا نعيش اليوم في عالم مليء بالانقسامات والصراعات التي أحدثت شرخاً عميقاً في نسيج المجتمعات على مستوى العالم، فالحرب الروسية الأوكرانية والتحالفات الدولية قد أبرزت مدى تأثير الصراعات على الاستقرار العالمي، في الوقت ذاته، يشهد الشرق الأوسط توترات مستمرة تعكس حجم التأثيرات المماثلة، وفي ظل كل هذه الفوضى، تبرز جمهورية الصين الشعبية كقوة صامتة في كل المجالات، تعمل جاهدة بعيداً عن الصخب والضجيج، مركزةً جهودها على النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة، فالوضع العالمي الحالي، تعيش البشرية فيه مرحلة من التحولات العميقة بفعل التقلبات السياسية والأزمات الاقتصادية، والانقسامات والحروب مثل الأزمة الروسية الأوكرانية التي من شأنها إعادة رسم خرائط القوى العالمية من جديد، ولا شك أن تأثيرات هذه الصراعات تمتد لتشمل منطقة الشرق الأوسط، ما يزيد من تعقيد الوضع العالمي. وسط هذه الفوضى العالمية، تقف الصين كمثال للقوة التي تختار العمل بحكمة وتؤمن بأن الاقتصاد هو عصب الحياة، بينما تتصارع القوى العالمية في ساحات القتال، تعمل الصين بصمت نحو تحقيق نمو اقتصادي مستدام، معتبرةً ذلك الطريق الأمثل لتعزيز مكانتها العالمية دون الحاجة إلى الدخول في صراعات مسلحة. تؤمن الصين بأهمية الاقتصاد كأساس للقوة والاستقرار الوطني والدول، وفي هذا الإطار تعكس سياساتها رؤية استراتيجية تقوم على تجنب الصراعات العسكرية والتركيز بدلاً من ذلك على التنافس الاقتصادي، للتنمية والابتكار في التكنولوجيا والصناعة كوسائل لتعزيز مكانتها في النظام العالمي الجديد الذي يشهد تغيرات جذرية تعيد توزيع القوى الاقتصادية المتحكمة في الاقتصاد العالمي. بالنظر إلى تجاربها التاريخية واستلهامًا من الحكمة كما في فحوى الحديث :"ماقام الإسلام إلا بمال خديجة.."، تؤمن الصين بأن الاقتصاد هو المفتاح للبناء والتنمية، وهو أساس التقدم والريادة، فالعمل الدؤوب وسياسات الانفتاح الاقتصادي التي تنتهجها، تهدف غالباً إلى بناء نموذج تنموي يخدم مصالحها الوطنية ويسهم في استقرار ورخاء المجتمع الدولي. إن الصين اليوم، لم تصل إلى ما وصلت إليه بسهولة كاملة، بل إن مكانتها الحالية تعود إلى سياساتها الصبورة والمدروسة، وهي بذلك تقدم نموذجًا فريدًا لكيفية التقدم والنجاح في عالم مضطرب بدون الحاجة إلى الصخب والضجيج الذي يرافق الصراعات، والدخول في متاهاتها. إن تركيزها على الاقتصاد وتجنب الصراعات يبشر بطريق مستقبلي مليء بالفرص والإمكانيات ليس فقط للصين بل للعالم أجمع، فمن خلال التنافس الاقتصادي البناء والتعاون في مجالات التنمية المستدامة، يمكن للمجتمع الدولي التغلب على العديد من التحديات التي تواجه البشرية اليوم، وبدلا من استنزاف طاقاتها في الحروب والصراعات تصبها فيما يخدم القضايا الإنسانية المشتركة على رأسها دفع عجلة الاقتصاد قدما لتحقيق حلم المجتمعات للعيش في حياة كريمة.