تتساءل متى يمكن أن تقول «لا»؟ وكيف تقولها؟ ولمن تقولها؟.. طبيعي ستكون مرهقًا ذهنيًا حين تخنقك «لا» في وقت فسحة، أو تجرك إلى مساحة من الآهات.. تساؤلات قد تموج بطول أجوبتها فلا تعرف حدود النطق حينها.. كيف تتوقَّف عن قول «نعم» عندما تريد بصدقٍ أن تقول «لا».. عندما ترسّخ قناعتك المتأرجحة في أرض صلبة فأنت تعادي الحقيقة.. والأفكار عندما تكون كبيرة تحتاج لوعي اللغة وفقه اللسان.. زراعة الركود تنمو في محيط الترهل الفكري والبطء اللغوي .. مابين الإيجاب والامتناع حالة سائلة تقبع بين "لا" و "نعم" وبين القبول والرفض تتهاوى "لا" و "نعم" الواقع يبدو لنا من مغايرا لما نريد ونرغب.. كم نريد الخوض في فهم دقيق اتجاه مانرفض أو نقبل فذلك ملازم لحالتنا، وملتصق بمشاعرنا.. تحوم حولي تساؤلات راكضة.. ما الجزء الذي يمكن أن تبيعه من عقلك، وما المساحة التي يمكن تخسرها من ذاتك، وما اللغة التي يمكن أن تغمر منطقك؟ هناك بعد بين الصوت والمعنى، ومسافة بين الحس والتفكير عندما تضع نفسك بين "لا" و"نعم". تتساءل متى يمكن أن تقول "لا"؟ وكيف تقولها؟ ولمن تقولها؟.. طبيعي ستكون مرهقًا ذهنيًا حين تخنقك "لا" في وقت فسحة، أو تجرك إلى مساحة من الآهات.. تساؤلات قد تموج بطول أجوبتها فلا تعرف حدود النطق حينها.. كيف تتوقَّف عن قول "نعم" عندما تريد بصدقٍ أن تقول "لا"؟ هل ذلك سهل أم ستواجه متاعب روحية تحبطك بالحيرة والندم. "لا" تجعلك في طاقة ذهنية شديدة السخونة فما بين قولها وتركها تقف الأنا محتارة لا مختارة.. غريبة بعض الأحيان، قد يُلِّحُّ بعض العاجزين في التغلُّب على نفيك، فيقدِّمون إليك شيئاً ليقنعوك بفعل أمرِ رفضته.. هل سيرضخ فؤادك، ويهتز كيانك، وتقاتل ب"لا" لكي تفوز وتنتصر في معركة اللاءات. "لا" هل ستقولها لوالديك حالة ما؟ في نفس الحالة هل سترددها أمام صديقك؟ وهل ستصرخ بها حول رئيسك؟ وهل ترميها على ولدك؟ وهل تجهر بها لزميلك؟ جرِّب ما يلي: أخبرهم كيف تشعر حيال عدم قبول الآخر رفضك؟ هل يتساوون في "لا" أو في "نعم". "لا" ما لونها أهي سوداء سلبية، أو رمادية مشوهة تائهة، أم بيضاء لينة، أم صفراء مغروسة في المحتملة؟ كلنا نرى "لا" قاسية حين يقولها لنا الآخر، وقد نراها حقا حين نقولها.. أعدل ذلك؟ حين تقول "لا" في غير موضعها من الممكن أن تشعر بالذنب قليلاً، ولكن هل يعني أن علينا التصرُّف بناءً على تلك المشاعر؛ أم نشعر بها دون ذلك؟ "لا" كم هي مزعجة منهكة حين نتردد في قولها عندما يتوجب قولها فنقسو على دواخلنا، ونغالط نياتنا بما ليس فيها.. قد تجامل أحدهم ب"نعم" و"اللاء" داخلك تسقطك والعكس صحيح.. قد يحبسك لين طبعك السخي فلا تقول "لا" في وقت يفترض قولها فتقضي على جزء من عاطفتك بإحراق نفسي.. "لا" قد تكشفك، تفضحك، ترضيك، ترفعك، تخفضك بالفعل.. "لا" حالة مزاجية صعبة تتخالط فيها المفاهيم، ويتمازج الإدراك والوعي في قوالب الحكمة. " لا " هي في حقيقتها جمل من القيمة تم اختزالها في حرفين بسيطين يمكن تقاذفها بين الناس بلا تفكير وإحساس لغياب الضوء الكامن في معانيها العميقة.. "لا" قد تفتح جدلا مثيرا، وقد تقفل نوافذ التعب، وقد تعني انتهاش حقيقة وقد تقتلها .. لذا فما بين الحذر والانتباه والجرأة حدود متقاربة فمن يمنحنا مساحة اقتراب قد تكون "لا" قربان سقوط، أو فدية رفعة. ويبقى القول: علينا أن نعي كيف ومتى ولمن نقول "لا"، وألا نجعل صدورنا ساحة للصراع النفسي ونحرج عقولنا، علينا أن نفهم كيف نقول "لا" وكأنها نعم، ونقول "نعم" وكأنها "لا" عندما نحسن التوقيت والأسلوب.. علينا أن نكون شفافين صادقين مع ذواتنا، ونحترم الآخر بصدق القول وطيب النية بلا إفراط طاغ، ولا تفريط ساط، ولا ضرر لنا ولا إضرار للغير.