إنها الساعة 9:30 صباحاً في نيويورك، حيث تسمع صدى جرس افتتاح البورصة يتردد من قاعة التداول الصاخبة. من بين عدد لا يحصى من المؤشرات الرقمية التي تومض أسعار الأسهم، يبرز اسم واحد: نيفيديا. يجتمع المتداولون والمحللون حول شاشاتهم وأعينهم تتسع بانتظار اللحظة التاريخية. «وصلت نيفيديا للتو إلى 3 تريليونات دولار!» يصيح أحدهم، قاطعاً بصوته الضجة التي حوله. تموج صالة التداول بالشهقات والتعليقات بين حشود المتداولين. صعود الشركة لا يحقق معلماً تاريخياً جديداً فحسب؛ إنما شهادة لقصة أوسع للتحول التقني الكبير الذي نعيشه والرؤية الاستراتيجية المتألقة التي تحققت. صباح الثلاثاء الماضي تجاوزت نيفيديا آبل ومايكروسوفت في القيمة السوقية لتكون ضمن 12 شركة قادت سوق أس أند بي 500 تاريخياً منذ إنشائها عام 1926 منها مايكروسوفت وآي بي أم وسيسكو. قصة صعود نيفيديا تشبه قصة صعود سيسكو في عصر نهضة الإنترنت. مثل سيسكو التي سيطرت على شبكة الإنترنت ونمت بنموها، أصبحت وحدات معالجة الرسومات التي تنتجها نيفيديا، المصممة للمعالجة المتوازية، لا غنى عنها في أبحاث الذكاء الاصطناعي، حيث تعمل على تشغيل كل شيء من المركبات ذاتية القيادة إلى التصوير الطبي المتقدم. تعود جذور هذه اللحظة إلى عام 1993، عندما تأسست نيفيديا برؤية لإحداث ثورة في صناعة الألعاب. تألقت نيفيديا في تحقيق تقدم كبير في منتجات الألعاب، لكن ما وضعها حقاً في خط الصعود الصاروخي هو بصيرتها لإمكاناتها خارج نطاق الألعاب. بينما يتكشف المشهد في وول ستريت، على بعد نصف قارة في وادي السيليكون، يهمهم مقر نيفيديا بنوع مختلف من الطاقة. بين المهندسين والمطورين الأبطال لهذا النجاح، يمشي جنسن هوانغ، الرئيس التنفيذي عبر الممرات معلقاً: «لقد رأينا المستقبل في الذكاء الاصطناعي»، حيث يتردد صوته بحماس شخص تجرأ على الحلم الكبير ونجح. في قاعة التداول في وول ستريت، يكتب محلل شاب بحماس على لوحة مفاتيح حاسبه المعلق واقفاً في منتصف القاعة، وهو يراجع التقارير وبيانات السوق: «هذا الصعود لا يتعلق فقط بالقيمة السوقية»، يفكر بصوت عالٍ لزميله: «يتعلق الأمر بكيفية دمج نيفيديا نفسها في نسيج التقنية الحديثة. وحدات معالجة الرسومات الخاصة بها هي العمود الفقري للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي لعمالقة السوق مثل غوغل وأمازون». صعود نيفيديا إلى قيمة سوقية تتجاوز 3 تريليونات دولار يعد إنجازاً رائعاً يعكس رؤيتها الاستراتيجية وبراعتها المبتكرة والتأثير التحويلي لتقنيتها. مع استمرار الشركة في دفع حدود ما هو ممكن مع الذكاء الاصطناعي والحوسبة عالية الأداء، فإنها تستعد للبقاء لاعباً رئيسياً في صناعة التقنية ورائداً لاتجاهات السوق المستقبلية. رحلة نيفيديا تذكير قوي بقيمة الابتكار التقني الذي يقود تحولات السوق الهائلة، وعلى لسان رئيس نيفيديا: الثورة الصناعية المقبلة قد بدأت.