يطيب لي أن أنتهز هذه الفرصة العظيمة لتهنئة القيادة الرشيدة وفقها الله بنجاح حج هذا العام مع خالص الدعاء الصادق أن يتقبل الله من الحجاج حجهم في تلك الرحلة الميمونة بعد أن قدموا من كل فج عميق تلبية للأذان الأول من الخليل إبراهيم عليه السلام، فمنهم من غادر إلى بلدة ومنهم من هو على أدراج الطريق أو على أهبة الاستعداد للسفر إلى حيث أتى، بعد أن منّ الله عليهم بأداء هذا المنسك العظيم وتيسر لهم أداء الحج في يسر وسهولة، كما لا يفوتني أن أشكر تلك الجهود التي بذلت من كوادر مختلفة من كل قطاعات الدولة، وأسهمت بشكل كبير في نجاح الحج بالوقوف المباشر في كل جزء من المشاعر المقدسة بعد أن نذروا أنفسهم لخدمة ضيوف الرحمن لا يرجون من ذلك إلا الأجر وحسن الثواب. وأنت أيها الحاج المبارك أثناء وجهتك صوب مكةالمكرمة بعد أن أحرمت برداء وإزار كغيرك من عباد الله المسلمين في تلك اللحظات تتجلى لك المعاني والدلالات، لا فرق بينكم جميعا سواسية كأسنان المشط، ذلك الزي الموحد وضع الجميع على قدم المساواة لا فرق بين تلك الجموع إلا بالتقوى، ذلك هو الشعار الذي يلزمك بقول الحق تبارك وتعالى ( ذلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) الحج 32، وأول تلك المشاعر هو لبس الإحرام الذي يعد أحد أركان الحج، يممت وجهتك إلى بيت الله الحرام وكلنا ندرك مشاعرك التي أسلمت لوجه الله وفاضت كل حواسك، أنسابت الدموع خشوعاً لله، ضَمُرَ الجسد وذبلت الملامح ولسانك يلهج لبيك اللهم لبيك أملاً في رحمة الله ورجاء في عفوه وغفرانه، وخطاك تتهادى نحو محطتها الأولى حيث الطواف ببيت الله الحرام فتسفح دمعا آخر وتشخص الأبصار إلى أفق السماء وتقشعر الأبدان في موقف عظيم تيسر لك دون غيرك وفي حرارة شمس لاهبة وفي ازدحام شديد لحظات تنقلك إلى يوم المحشر والساعة العظيمة، في وقوف بين يدي الله هذه هي إحدى منازل التربية التي تستلهم فيها أخي الحاج ذلك الموقف العظيم. وأنت تجول بين أروقة تلك المشاعر وفي جنبات بيت الله الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم كنت محفوفا بالرعاية والعناية والخدمات الجليلة التي قدمتها حكومة المملكة العربية السعودية بتوجيه وإشراف مباشر من مولاي خادم الحرمين الشريفين وسمو سيدي الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-، ونحن لا يسعنا أن نكتفي بجهودكم في التنقلات وغيرها مما يسهل سرعة الحركة والوصول إلى الأماكن المختلفة، في أماكن ذات طابع جغرافي مختلف وطقس غير مألوف وتنقلات محددة بوقت زمني محدد ودقيق يحتاج الحاج إلى تفويج إليه بشكل سلس دون إرباك أو تدافع مخل مع جموع كثيرة وحشود بالملايين تتفاوت أعمارها ولغاتها وظروفها الصحية ومن الضرورة أن تباشر نفس من سبقك مع تأمين كل ما تحتاجه بالترافق الميداني مع فرق أمنية وصحية وتوعوية وإرشادية وغيرها وكل هذا مرتبط بزمن قصير على مبدأ ومن تعجل في يومين فلا إثم عليه بعد هذا كله وفي خضم هذه الرحلة الميمونة نود إن تجيبنا أخي الحاج بكل تجرد وشفافية ووضوح تجيب إجابة تُسال عنها يوم العرض واللقاء يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، هل استشعرت في رحلتك الميمونة قول الحق من دخله كان آمناً؟ بكل ما تعنيه هذه الكلمة، آمناً على نفسك وأهلك ومالك، آمناً في كل ما تحتاجه من دواء وغذاء هل أطمأنت نفسك وتمثل لك شعار هذا العام (يسر وطمأنينة) بحق وحقيقة هذه التساؤلات تحتاج إلى إجابات صادقة متجردة تعكس الواقع وحقيقة من كانوا سادة وكنا سدنة لهم طوال الحج في الرحلة الميمونة.. وإلى لقاء..