مِنْ قديمٍ والمملكة تأخذُ على عاتِقها اتخاذ كافة التدابير والتيسيرات الكفيلة برعاية ضيوف الرحمن حجاجًا ومعتمرين في الحرمين الشريفين، حتى كان اللقب الأبرز للملك: خادم الحرمين الشريفين، وما أشرَفه مِنْ لَقبٍ لمن يرعى القاصدين بيتَ ربِّهم المعظّم، ومدينةَ نبيِّهم المُنوّرة. ولا تفتأ المملكةُ قيادةً وحكومة بتهيئة الأماكِن المقدَّسة بكلّ ما ييسِّرُ لزوّار بيت الله الحرام رحلتهم المباركة لأداء المناسك بكل يُسر وسلامٍ. ولعلّ النّاس جميعًا يشهدون المراحلَ العديدة من التوسّعات التي لا تتوقَّف في الحرم المكّي ومنطقة مكّة المكرّمة، ومناطق المشاعر المقدّسة، إذ جهزت المملكة المواقيت المكانيّة ومنطقة المشاعر بمئات المساجد، فضلاً عن تجهيزات الطرق، والمرافق في عرفات ومنى ومزدلفة، والمسارات المتعددة والأدوار بمنشأة الجمرات في مشعر منى، كما حرصت على تقديم خدمات التوعية الإسلامية للحجيج بأكثر من 40 لغة، وكلّفت المئات من الدعاة لتقديم آلاف المناشط الدعوية خلال موسم الحج، ووزعت ملايين النسخ من المصاحِف المجانية بالإضافة إلى ترجمة معاني القرآن لأكثر من 75 لغة عالمية. كما سهّلتْ إجراءات التأشيرات الإلكترونية للدخول عبر جميع منافذ المملكة برا وبحرا وجوّا، ووفّرت العناية الصحية مجانا لجميع الحجيج في المشاعر والمدينة المنورة، ولا ننسى القطار السريع الذي يعمل بكل كفاءة ودقة بين المشاعر أيام الحج. ويبقى التأكيد على أنّ خدمة ضيوف الرحمن لها محلٌ بارز في رؤية المملكة 2030 بما قدمته من تسهيلات ومبادرات، وشراكات مع القطاعين العام والخاص لتعزيز مكانة المملكة وجهة يقصدها المسلمون من شتى البقاع. ولعلنا نلفت الانتباه إلى مخرجات المؤتمر الصحفي لقيادات قوات أمن الحج 1445 ه/ 2024 م، وما أسفرَ عنه من تصريحات تعبِّر عن جهوزية الأجهزة الأمنيَّة لموسم حجّ هذا العام 1445ه لضمان أمن الحجيج وسلامتهم، وكان العنوان الأبرز: أمن الحجاج خطّ أحمر. وقد أوضح رئيس اللجنة الأمنيّة للحج الفريق محمد بن عبدالله البسامي أن القوات الأمنيّة جاهزة للتعامل مع كلّ ما يمسّ الأمن، ومنع أي إخلال بالنظام أو ما يؤثِّر على سلامة ضيوف الرحمن، مع الاستجابة السريعة للبلاغات والملاحظات الأمنيّة واتخاذ ما يلزم حيالها، وأن الأمن السعودي حريص على ضبط المخالفين لأنظمة الحج وتعليماته وفرض العقوبات والغرامات عليهم، كما أنّ الجهات الأمنيّة تتابع ما يُنشَر من إعلانات مضللة للاحتيال على الراغبين في الحج من خلال مكاتب غير نظاميّة بلا تصاريح رسميّة. والجهات الأمنيّة حريصة على تطبيق مبدأ الوقاية والسلامة للحجاج من خلال تفويجهم داخل المسجد الحرام ومنطقة المشاعر المقدسة وإدارة الحركة المرورية وتنظيمها، فضلاً عن مراعاة الخدمات الإنسانية، وتفعيل دور المتطوعين، وتنسيق الجهود مع مركز عمليات الطوارئ باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. وما سبَقَ يؤكّد أن المملكة لا تدّخِرُ وُسعًا للاستفادة من جميع المستحدثات العصريّة التي تعود بالنِّفع والتيسير على حجّاج بيت الله الحرام، وإضفاء الجلال والمتعة الروحيّة اللائقين بتلك الشعيرة المقدّسة، وتذليلِ كافةِ السُّبُل أمام ضيوف الرحمن في أداء مناسكهم بأمنِ وسلامٍ، نسأل الله تعالى أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، وأن يبارك في جهودهما وأن يتقبّل من الحجّاج حجهم وصالح أعمالهم. د. عصام بن شرف المالكي