حظيت مكةالمكرمة والمدينة المنورة باهتمام وعناية ولاة أمر هذه البلاد المباركة في كل النواحي الدينية والعمرانية الحضارية والاهتمام بزوارهما، حيث إنهما بقعتان مباركتان فيهما أعظم وأشرف مسجدين المسجد الحرام وفيه الكعبة المشرفة التي يتجه إليها المسلمون في صلواتهم الخمس، والمسجد النبوي الشريف وفيه الروضة الشريفة وقبر الرسول عليه الصلاة والسلام. وقد بدأت هذه البلاد المباركة منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - بوضع لبنة هذه العناية والاهتمام بأدق تفاصيلها خدمة للحرمين الشريفين وقاصديهما ومنها عمارتهم حيث ابتدأ العمل في تحسين وترميم الحرم المكي الشريف عام 1354ه ، بعد أن تأسيس المملكة العربية السعودية، وقد شمل العمل صحن الطواف والمسعى وجميع أروقة وجدران ومآذن وقبب الحرم المكي الشريف وقام بإنشاء سبيلين لماء زمزم يضاف إلى السبيل القديم. وفي عام 1368ه أمر - رحمه الله - بالعمل على توسعة المسجد النبوي الشريف. وقد استكمل أبناؤه الملوك البررة هذه المسيرة في خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، حيث بادر الملك سعود بن عبدالعزيز - رحمه الله - بالتوسع والاهتمام بالأماكن القريبة من الحرم المكي الشريف ببناء ثلاثة طوابق للمسجد وطابقين للمسعى وتوسعة صحن الطواف وتوسعة المطاف، وتم إنشاء الطرق التي تؤدي للحرم بعد تعبيدها. كما أمر الملك سعود - رحمه الله - بتوسعة الحرم النبوي الشريف وفي عهده تم إكمال بناء توسعة المسجد النبوي الشريف. وفي عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز - رحمه الله - أكملت مسيرة البناء للحرمين الشريفين وتواصلت قصة العناية والاهتمام بهما، فقد تم إزالة البناء القائم على مقام إبراهيم ليتّسع صحن الطواف ووضع المقام في غطاء بلوري وأمر - رحمه الله - بنقل مصنع الكسوة إلى موقعه الجديد، وخصص له دعماً خاصاً ودعا له مجموعة كبيرة من الموظفين المميزين في مجال الحياكة والصناعة والتطريز، كما أمر - رحمه الله - ببناء مبنى خاصاً لمكتبة الحرم المكي الشريف. كما قرر إجراء توسعة جديدة للمسجد النبوي الشريف ولم تتناول العمارة للمسجد نفسه، بل جهزت تلك المساحة لإقامة مصلى كبير مظلّل يتسع لعدد من المصلين يماثل عددهم داخل المسجد مما أتاح المجال لاستيعاب أعداد كبيرة من المصلين. وفي عهد الملك خالد بن عبدالعزيز - رحمه الله - يواصل التاريخ نشر السير الناصعة والمواقف الخالدة في الاهتمام والعناية بالحرمين الشريفين، فقد أمر - رحمه الله - بصنع باب جديد للكعبة وآخر لباب السلم إلى سطح الكعبة من الذهب الخالص، وأسس أول برنامج صيانة ونظافة للمسجد الحرام واستمر العمل في إكمال التوسعات المختلفة للحرم. أما بالنسبة للمسجد النبوي فقد تم في عهد الملك خالد - رحمه الله - أعمال توسعة حيث ضمّت الأرض إلى ساحات المسجد النبوي، وظلّلت منها مساحة غرار المظلات السابقة وهيئت للصلاة فيها. واتخذ الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - من لقب خادم الحرمين الشريفين وسام عز وشرف يسطره له التاريخ على صفحاته، فسخر كل إمكاناته وطاقاته لأعمال الخير، وعلى رأسها توسعة الحرمين الشريفين، فاهتم بتعبيد الطرق وإنشاء الأنفاق وإقامة الجسور وتوفير المياه المبردة والمستشفيات المتنقلة في كل مكان ووسائل الاتصالات الحديثة ووسائل النقل المريحة المكيفة وتسهيل إجراءات الدخول والمغادرة عبر بوابات المملكة البرية والبحرية والجوية، كما اعتنى كثيراً بمواسم الحج واستقبال الحجاج وإكرامهم والسعي لراحتهم، وأمر - رحمه الله - بتوسعة المسجد الحرام في مشروع حتى أصبح المسجد الحرام يستوعب ما يقارب المليون ونصف المليون مصل في مواسم الحج والعمرة ورمضان، ومما صاحب ذلك من مشروعات جبّارة أن زيدت المآذن وجمعت الشبكات الكهربائية في غرف خاصة طرزت بأشكال جميلة، وكذلك تم تبليط سطوح الحرم والاستفادة منها لتكون للصلاة والطواف والسعي، وتبليط صحن الطواف بالرخام البارد، كما أمر - رحمه الله - بإنشاء خمسة سلالم كهربائية بالمسجد لتسهيل الصعود والنزول إلى السطح والطابق الأول وبناء خمسة جسور علوية للدخول إلى الطابق الأول والخروج منه من جهة الشمال. كما حظي المسجد النبوي الشريف بعناية الملك فهد - رحمه الله - حيث تمت توسعته في مشروع يعد من أكبر المنجزات للمسجد النبوي الشريف. وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز - رحمه الله - تم عمل أكبر مشروع تاريخي لتوسعة المسعى لتتضاعف مساحته أربع مرات، وكذلك تم توسعة صحن الطواف في عمل هندسي متميز، إضافة إلى مشروع جسر الجمرات الذي تم إنجازه بكفاءة وروعة وضخامة أذهلت كل من يراه، وكذلك إنشاء قطار المشاعر والذي ساهم بشكل مرن وانسيابي في تنقلات الحجاج بين منى وعرفات ومزدلفة، وكذلك أمر بافتتاح قناتين فضائيتين تنقل بشكل مباشر من الحرم المكي والحرم المدني ولمدة أربع وعشرين ساعة حتى يرى المسلمون في جميع أقطار العالم المسجدين اللذين تشتاق نفوسهم إليهما. ولا يقل اهتمامه - رحمه الله - بالمسجد النبوي عن المسجد الحرام فقد أمر بتوسعة الجهة الشمالية والشرقية إلى جانب مشروع مظلات. وفي هذا العهد الميمون، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - يتواصل الاهتمام والمتابعة منه شخصياً لتذليل كافة العقبات في سبيل عمارة الحرمين الشريفين وسهولة الوصول إليهما وتوسعتهما ليؤدي حجاج ومعتمرو وزوّار مكة والمدينة مناسكهم بكل يسر وسهولة وأمان واطمئنان، وقد أمر - حفظه الله - بإكمال جميع التوسعات في الحرم المكي والتي بدأت في عهد الملك عبدالله - رحمه الله -. ويتابع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الاهتمام بمشروع مظلات المسجد النبوي التي أمر بها - أيده الله - وهي من المشروعات العملاقة، حيث جاء التوجيه بتصنيعها وتركيبها على أعمدة ساحات المسجد النبوي الشريف التي يصل عددها إلى 182 مظلة، ثم الأمر بإضافة 68 مظلة في الساحات الشرقية، وتغطي هذه المظلات مساحة 143 ألف متر مربع من الساحات المحيطة بالمسجد من جهاته الأربع يصلي تحت الواحدة منها ما يزيد على 800 مصل، يضاف إلى ذلك تظليل ستة مسارات في الجهة الجنوبية يسير تحتها الزوار والمصلون وهذه المظلات صنعت خصيصًا لساحات المسجد النبوي على أحدث تقنية، ولا يزال هذا الاهتمام متواصل حتى يومنا هذا. وعلى مدى عقود من الزمن نجد أن هذه البلاد المباركة بقيادة ولاة الأمر - حفظهم الله - يسعون لمواكبة رؤية المملكة الطموحة 2030م لتحقيق التطلعات والاحتياجات التي تقدمها المملكة لخدمة ضيوف الرحمن وزوار الحرمين الشريفين ليجسد واقع الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة الذي يلمسه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها في مواسم العمرة والحج كل عام. ومر الحرمان الشريفان خلال الأعوام السابقة بالعديد من المشاريع التنموية والتطويرية والتي وجدت لها أولوية في هذا العهد الزاهر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظهما الله -، ووجدا اهتمامًا كبيرًا بحجّاج ومعتمري بيت الله الحرام من خلال استكمال أعمال توسعة المسجد الحرام بمعايير عالية تُحقّق سبل الراحة والطمأنينة لهم. إعداد - أحمد الشمالي