يؤكد التقرير الجديد لصندوق النقد الدولي بعنوان: «التحديث الاقتصادي الخليجي – إطلاق العنان للازدهار، تحويل التعليم إلى اختراق اقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي»، ما أشرت إليه في مقال الشهر الماضي بعنوان: المملكة والاعتماد على النفط. ففي ذلك المقال ذكرت إن القطاعات غير النفطية قد نمت في العام الماضي 2023 بنسبة 2.8 %، وذلك على الرغم من تراجع العائدات النفطية. الأمر الذي شكل ظاهرة جديدة لم نتعود عليها فيما مضى، حيث كان الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، في السابق، يتأثر بتراجع العائدات النفطية. أن تقرير البنك الدولي المشار إليه يتوقع أن ينمو اقتصاد المملكة هذا العام بنسبة 2.5%، وذلك بفضل نمو القطاعات غير النفطية، التي يعتبر القطاع الخاص هو المحرك لها، حيث من المتوقع أن تنمو هذه القطاعات بنسبة 4.8%، وهذا سوف يعوض عن الانكماش المتوقع للناتج المحلي النفطي بنسبة 0.8%. إذاً فنحن مرة أخرى هذا العام سوف نكون شهود على نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي رغم التراجع في الناتج المحلي الإجمالي النفطي، وهذا التوجه سوف يستمر في العام القادم، مما سيعطي دفعا قويا للناتج المحلي الإجمالي الذي من المتوقع أن يحقق معدلات نمو قياسية 6% تقريباً. وهذا المعدل يعتبر الأعلى بين دول مجلس التعاون، حيث من المتوقع أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي في الإمارات نمواً نسبته 4% تقريباً. أما بقية دول المجلس فهي دون ذلك. وهكذا، فإن تعدد مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، الذي كنا نسعى له منذ خطة التنمية الأولى (1970-1975)، قد بدأ يتحقق على أرض الواقع. وهذا يعني من ضمن ما يعني إن التوازن بين نصيب القطاع الحكومي والقطاع النفطي في الناتج المحلي الإجمالي من جهة ونصيب القطاع الخاص من جهة أخرى سوف تسير باتجاه الزيادة التدريجية في القطاع الثاني وتقلص نصيب القطاع الأول في الناتج المحلي الإجمالي. وهذا بدون شك سوف يشكل مصدة أو شبه ضمانه، بأن الاضطرابات في أسواق النفط العالمية، لن تؤثر على اقتصادنا على النحو الذي كنا نراه في السابق. فتطور نشاط قطاع الأعمال وارتفاع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي من شأنها أن تقلل، ولا تمنع، تأثير ارتفاع وانخفاض أسعار النفط على مختلف الأنشطة الاقتصادية، خاصة إذا ما توجهت شركات هذا القطاع إلى تصدير منتجاتها ورفع مساهمتها في المحصلة التي نجنيها من العملة الصعبة. فهذا من شأنه رفع مساهمة القطاع الخاص ليس فقط في الناتج المحلي الإجمالي، وإنما أيضاً في ميزان المدفوعات من خلال المتحصلات التي ترد إلينا وتساهم في تعدد مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط.