مع تسارع التطور التكنولوجي والتحول إلى التسوق الإلكتروني، شهدت الحياة اليومية تحولات جذرية في نمط الاستهلاك والتسوق، في الماضي كانت رحلات التسوق التقليدية تقتصر على أيام محددة من الأسبوع، مما ساهم في تحديد أوقات الذروة وتقليل الازدحام المروري. أما الآن، فقد أدى انتشار التسوق عبر الإنترنت إلى زيادة غير مباشرة في عدد الرحلات اليومية للتوصيل، مما زاد من تعقيد مشكلة الازدحام المروري في مدينة الرياض. وفقًا لدراسة أجرتها جامعة الملك سعود، زادت رحلات التوصيل في الرياض بنسبة 40 % منذ عام 2015، مما أدى إلى زيادة الضغط على البنية التحتية للطرق وتعقيد مشكلة الازدحام المروري في المدينة. إحدى التحديات الأساسية التي تواجهها شركات التوصيل في الرياض هي معدل التسليم من أول محاولة. إذا لم يتم تسليم الشحنة من المحاولة الأولى، يتعين على شركة التوصيل إعادة المحاولة، مما يضاعف من عدد الرحلات ويزيد من الازدحام. دراسة حديثة أجرتها أحد شركات التوصيل وجدت أن حوالي 15 % من محاولات التوصيل الأولى في الرياض تفشل. لمواجهة هذه التحديات، اتخذت بعض المدن العالمية إجراءات مبتكرة يمكن أن تُطبق في الرياض. على سبيل المثال، تبنت مدينة أمستردام الهولندية استخدام الدراجات الكهربائية للشحن داخل المناطق الحضرية، مما ساهم في تقليل الازدحام المروري والتلوث البيئي بشكل كبير. يمكن أن تستفيد الرياض من هذه التجربة من خلال تشجيع استخدام وسائل نقل صديقة للبيئة مثل الدراجات الكهربائية والشاحنات الكهربائية الصغيرة أو حتى طائرات الدرون. من الضروري إجراء دراسات مستفيضة لفهم التأثير الكامل للتسوق الإلكتروني على حركة المرور في الرياض. ينبغي أن تركز هذه الدراسات على تحليل متوسط عدد طلبات التوصيل للفرد الواحد خلال فترة زمنية محددة وتقييم أثر هذا العدد على البنية التحتية المرورية. بالإضافة إلى ذلك، يجب تطوير حلول لوجستية جديدة مثل استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين مسارات التوصيل وتقليل محاولات التسليم الفاشلة. أخيرا، يتضح أن التكنولوجيا، رغم فوائدها العديدة، تسببت بشكل غير مباشر في تعقيد مشكلة الازدحام المروري في الرياض من خلال زيادة عدد رحلات التوصيل اليومية. ومع ذلك، من خلال الدراسات الشاملة والابتكارات اللوجستية، يمكننا تطوير حلول فعالة للتغلب على هذه التحديات وتحقيق توازن بين التقدم التكنولوجي والاستدامة الحضرية. * مخطط مدن