أصبحت الحكومة الرقمية السعودية في طليعة أكثر الحكومات الرقمية تقدما وكفاءة على المستوى العالمي، إذ تقدم حاليا ما يقارب (6،000) خدمة حكومية بشكل رقمي، تمثل أكثر من (97%) من إجمالي الخدمات الحكومية الرقمية، وحققت المملكة المركز الأول في مؤشر نضج الخدمات الحكوميّة الإلكترونية والنقّالة لعام (2023م) الصادر من لجنة الأممالمتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) التابعة لمنظمة الأممالمتحدة، للمرة الثانية على التوالي بنتيجة نضج عالية بلغت (93%) في النتيجة العامة للمؤشر، ولم يأت كل ذلك التقدم والنجاح من فراغ ولكنه جاء نتيجة لبعد نظر قيادة المملكة وحرصها على مواكبة العصر الرقمي ولسخائها وإنفاقها اللامحدود بحيث تجاوز الاستثمار في ذلك الجانب (120) مليار ريال في الأعوام الخمس الماضية سعيا منها للارتقاء بالحكومة الإلكترونية عبر التحول الرقمي إلى حكومة رقمية رائدة ومتميزة، لها هيئة خاصة بها تعنى بتسهيل الطريق للجهات الحكومية لتوفر خدمات رقمية ذات جودة وكفاءة عالية تساهم في رفع العوائد الاستثمارية وتعمل على الرفع من قيمة الاقتصاد الوطني، إضافة إلى قياس أداء الجهات الحكومية وقدراتها في مجال الحكومة الرقمية، لتحقيق رضا المستفيد وهي تستخدم آخر ما بلغ العلم من أدوات كالذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة بغية تجويد العمليات الحكومية وجعلها أكثر تقدما وفعالية للمواطن والمقيم والزائر وغيرهم من المستفيدين. وتميزت استراتيجية التحول الرقمي للحكومة السعودية بمواكبتها لآخر المستجدات التقنية وتنمية المهارات والقدرات والأدوات الرقمية. إمعانا منها في تمكين ودعم المؤسسات والهيئات الحكومية المختلفة وسعيا إلى توفير جميع الخدمات الحكومية رقميًا، وإتاحة الوصول إليها بسهولة فقلت في رحلة المملكة للتحول الرقمي كثير من العيوب التي يحتمل حدوثها عند التعاملات مع الحكومة الإلكترونية أو الرقمية، ويعكس التقدم السعودي في هذا المجال بشهادة مختلف الهيئات الدولية نجاح مختلف الإجراءات والسياسات التي تبنتها المملكة لتجنب المشكلات وتجويد تجربة المستخدم وتفاعله الرقمي، بدءا بإزالة القلق والتخوف حيال سرية بياناته وحمايتها خلال تفاعله مع المواقع والمنصات الحكومية على شبكة الإنترنت دون إغفال تسهيل وتيسير التعاملات وجعل المهارات التكنولوجية اللازمة للمستخدم بسيطة وغير معقدة إضافة إلى الحرص على التحديث المستمر لمختلف الأنظمة الرقمية الحكومية إمعانا في الوصول ومنعا للانقطاعات والاتصال بالإنترنت. جهود المملكة المتدرجة وتسارعت جهود المملكة المتدرجة منذ خطة العمل الأولى للحكومة الإلكترونية التي كانت بدايتها في 2006 بعد إطلاق رؤية 2030 التي فتحت الباب واسعًا للاستفادة القصوى من التطور العالمي في مجالات التقنية واستجلاب آخر المستجدات فيه كتقنية الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، وتصميم واستخدام الرجل الآلي مع نشر التقنيات الحديثة في القطاعين العام والخاص ولم تخيب تلك الجهود ظن القيادة الرشيدة فتحققت العديد من مستهدفات رؤية 2030 في ذلك الجانب على أرض الواقع كما تجاوزت 7 مؤشرات مستهدفاتها للعام 2023، فعلى صعيد المستهدف الفرعي تعزيز فاعلية الحكومة تجاوزت 3 مؤشرات مستهدفاتها، يتقدمها مؤشر الفاعلية الحكومية والذي سجل 70.8 درجة مقابل 60.7 درجة كانت المستهدف بنهاية العام 2023. وتجاوز مؤشر إجمالي الإيرادات الحكومية غير النفطية المستهدف لتسجل 457 مليار ريال بنهاية العام 2023 ارتفاعا من 166 مليار ريال في العام 2016. كما تجاوز مؤشر ترتيب المملكة في مؤشر الأممالمتحدة لتطوير الحكومة الإلكترونية المستهدف بتحقيق المملكة الترتيب ال31 عالميا مقابل 36 عالميا في العام 2016. متانة البنية الرقمية نجحت المملكة بفضل متانة البنية الرقمية في الارتقاء بالخدمات الحكومية وتفعيل التعامل بين مختلف الإدارات الحكومية والمستفيد سواء كان مواطنا أو مقيما أو زائرا أو غير ذلك إذ عملت على تطوير مختلف الخدمات المقدمة رقميا وجعلتها مناسبة وملبية لاحتياج المواطن وقادرة على تسهيل أموره فتعددت المنصات والخدمات الإلكترونية، لتغدو المملكة ضمن أفضل دول العالم في مجالي توفير معلومات الخدمات الحكومية وإتاحة ومشاركة البيانات الحكومية المفتوحة للمواطنين وقطاعات الأعمال، وكمثال على تعدد تلك الخدمات وشموليتها نذكر من بين أكثر الخدمات الحكومية استخدما خدمة إصدار جواز سفر جديد التي تقدمها المديرية العامة للجوازات، وخدمة إصدار رخصة القيادة التي تقدمها مديرية الأمن العام، وخدمة إصدار رخصة بناء المقدمة من وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان وخدمة إصدار رخصة سير المركبة (الاستمارة) من قبل مديرية الأمن العام، وخدمة إصدار سجل تجاري رئيس (تسجيل شركة جديدة) من قبل وزارة التجارة، وخدمة إنشاء حساب في البوابة الوطنية للعمل (طاقات) للباحثين عن العمل من قبل صندوق تنمية الموارد البشرية، وخدمة التقديم على الوظائف الحكومية (جدارة) التي تقدمها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وخدمة التسجيل في برنامج حساب المواطن (أحد برامج الحماية الاجتماعية) تحت مظلة وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وخدمة تأشيرات الإقامة من قبل وزارة الخارجية وخدمة استعلام عن المخالفات المرورية من قبل مديرية الأمن العام وكثير من الخدمات الأخرى المقدمة التي يطول الحديث عنها ويصعب حصرها. ولم يثن هذا النجاح المتحقق والتطور الملموس عن متابعة الطريق في سبيل مواكبة التطور التقني والإلكتروني المتواصل على الصعيد العالمي فواصلت رؤية 2030 تطلعاتها راسمة مستهدفات جديدة للحكومة الرقمية بالمملكة فوضعت نطاقا للفترة من 2023 حتى 2030 تتم خلاله استراتيجية الحكومة الرقمية المحدثة الطامحة إلى أن تُصنف ضمن المراتب العشرة الأولى في مجال الحكومة الرقمية، عبر كسب رضا المستفيدين من مختلف الشرائح والطبقات في المجتمع وضمان تحسن جودة الحياة وتميزها في ظل خدمات الحكومة الرقمية وزيادة معدلات الأداء لمختلف الأعمال بشكل أساسي من خلال استخدام المنظومة الرقمية وإحداث تحوّل شامل في عمل الحكومة من خلال دمج التقنيات الرقمية في مختلف العمليات والقرارات وزيادة كفاءة الحكومة الرقمية وإنتاجيتها والاستفادة من البيانات المفتوحة لتحسين وتجويد المشاركة والشفافية والمساءلة وتقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في جميع مراحل تقديم الخدمات العامة الرقمية مواكبة في تطلعاتها تلك تحقيق أهداف الأممالمتحدة للتنمية المستدامة والتي منها على سبيل المثال ضمان المزيد من الشفافية والانفتاح والشمولية في الإجراءات والعمليات الحكومية وتشجيع مشاركة المواطنين وأصحاب المصلحة في القطاع الخاص والمجتمع المدني في وضع السياسات وتصميم الخدمات العامة وتقديمها. ومع التقدم المطرد والمتواتر المتحقق في أداء الحكومة الرقمية يزداد رضا المستفيد عن المنصات الحكومية وتقل التحديات التي تواجهه في تعاملاته الرقمية حسب تأكيد مؤشر النضج الإلكتروني الذي أطلقته هيئة الحكومة الرقمية بشكل سنوي وبهدف تقييم رضا المستفيدين عن المنصات الحكومية الرقمية، ففي دورته الأولى والتي كانت في 2022 بلغت النتيجة العامة لمؤشر نضج التجربة الرقمية للخدمات الحكومية 77.26% في المستوى (متمكن)، وشملت تلك الدورة 12 منصة حكومية فقط وكان عدد المشاركين 18 ألف مشارك فقط، وفي دورته الثانية التي تمت في 2023 حقق مؤشره العام زيادة إلى نسبة 80،68 % وكان عدد المشاركين في الاستبيان أكثر من 134 ألف مشارك وركز المؤشر على نضج 24 منصة رقمية من خلال أربع نقاط هي رضا المستفيد وتجربة المستخدم والتعامل مع الشكاوي والتقنيات والأدوات. قياس أداء الجهات الحكومية وقدراتها في مجال الحكومة الرقمية