يتأثر الإنسان بالحياة الاجتماعية التي يعيش داخل إطارها، ويتأثر بالأشخاص الذين يخالطهم، فالمشاعر عدوى سواءً إيجابية كانت أو سلبية، ولو لاحظنا أنفسنا بعد عدة جلسات مختلفة مع من حولنا سنجد أن المشاعر المحيطة قد تسللت إلينا وتمكنت من تغيير حالتنا المزاجية، والتأثير على طاقتنا حتى وإن لم يبد ذلك ظاهرًا، لذا لابد من تواجدنا في مجتمع إيجابي ومبهج ومقبل على الحياة، لأن ذلك يحسِّن من الحالة النفسية والمعنوية لنا ويزيد من إنتاجيتنا، ويساهم في تفاعلنا مع الأشياء بطريقة منطقية، مهم جدًا أن يحيط الإنسان نفسه بأشخاص يمتلكون نظرة ملونة للحياة، ويمتلكون أهدافا واسعة، ويؤمنون بتعددية الخيارات، وكما يقال: (جاور السعيد تسعد) فمجاورة أولئك المتفائلين يشرح الصدور الضيقة، ويسكب الضوء في الثقوب المعتمة، ويساعدنا على مشاهدة الأشياء بأحجامها الطبيعية دون المبالغة في الألم، أو التمادي في الحزن، أو البقاء داخل المساحة الكئيبة، أنا لا أطالب بالإيجابية المطلقة ولا أتحدث من برج عاجي ولا من مكان خالٍ من الكدمات، أنا فقط أدعو للاتزان، وللسلام الروحي، ولوضع الأشياء في أماكنها الحقيقية؛ فالحزن قاتم ومظلم والبقاء داخله من أكبر معيقات النجاح، أعرف جيدًا أن النفس البشرية معرضة للأزمات، وأعرف أن الإنسان يحتاج إلى تفريغ ما بداخله والتعبير عن أحزانه وخيباته، ولكن أنا ضد البقاء في ظل تلك الأزمة، ضد التواجد في مجتمع يضخم تلك المشاعر السلبية، ويساهم في مكوثنا داخل دائرة تعيسة، المشاعر السيئة التي يُصدِّرها السلبيون تنعكس على المحيطين دون وعي من المتلقي لأن التعاسة أيضًا معدية تتسلل إلى دواخلنا كالسم وتفقدنا صحة الأشياء، ومتعة الحياة، وقد أثبتت الدراسات العلمية أن الأصحاب السلبيين المتذمرين يشكلون عقبة حقيقية في أماكن تواجدهم سواءً في مجال العمل، أو على صعيد العلاقات، ويؤثرون بطريقة كبيرة على إنتاجية المكان والأشخاص من حولهم، وكما قيل قديماً في الأمثال الشعبية البسيطة: (الحي يحييك والميت يزيدك غبن) وهذا دلالة على الأثر الروحي للبشر منذ الأزل، فبالفطرة وبالعلم وبالعاطفة وبالمنطق كل شيء يدعو إلى التواجد بالقرب من السعداء المبتهجين، كل شيء يدعو إلى اعتزال الأشخاص السلبيين وعدم التواجد معهم أو على الأقل عدم الاستماع إليهم، فالروح لابد أن تتغذى على المشاعر الطيبة من حب وتفاؤل وإيجابية وظن كريم برب العباد، لابد أن تتغذى على إيمان تام بكل ماعند الله، الحياة واسعة ومواطن السعادة متفاوتة، ونحن لسنا بحاجة لأولئك الذين يعيقون أيامنا وأفكارنا وطموحاتنا، لسنا بحاجه لأفكارهم المفخخة بالنقد والتذمر والبؤس، لسنا بحاجه لسارقي الطاقة، بل نحن بحاجه إلى البهجة التي سنتجاوز بها كل مصاعب الطريق.