مع انطلاقة العام الجديد، أطلقت المملكة عشرة مشروعات تطوير جديدة بقيمة 143 مليون دولار، في خطوة تُمثِّل مؤشرًا على البيئة المواتية لريادة الأعمال في المملكة، وحافزًا للرأسمال المحلي للانخراط بشكل أوسع في مضمار التنافس في هذا القطاع. وتأتي هذه المشاريع التي أعلنتها الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية «مدن» تتويجًا لمبادرات حكومية لرعاية ودعم المشاريع الصغيرة، ابتداءً من الفكرة، ثم التطوُّر والتوسُّع وصولاً إلى النجاح. وحتى شهر مايو من العام الماضي 2023 وصلت أعداد المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة إلى 1.2 مليون منشأة، بنهاية الربع الأول من العام الجاري، بزيادة 4.8 % مقارنة بالربع الرابع من عام 2022، وفقًا لإحصائية نشرتها الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في حينه. ومن المهم التذكير بأن رؤية المملكة 2030 التي أعلنها سمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، في عام 2016، تُشكِّل دافعًا رئيسيًّا في هذا التوجُّه للمملكة نحو تحفيز قطاعات الأعمال المتعددة، والرُّقي بها وتطويرها، بما يتماشى مع النظم المؤطِّرة لها من جهة، والتقدم الذي يشهده العالم في ريادة الأعمال على كل المستويات، خاصة أنظمة الأتمتة والرقمنة، من جهة أخرى. ومع الزخم الحكومي الذي يوليه لقطاع الأعمال في المملكة، أعلن صندوق التنمية السياحي السعودي مع انطلاق العام الجديد إطلاق مركز نمو السياحة «TDF Grow»؛ لدعم روَّاد الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة في قطاع السياحة، في خطوة من شأنها أيضًا دفع عجلة الابتكار ورعاية المواهب، وتوفير الأدوات المناسبة والبيئة الملائمة لروَّاد الأعمال، ومساعدتهم على تأسيس منشآت سياحية. جانب آخر من ريادة الأعمال في المملكة، يمكن تسليط الضوء عليه، يأتي ضمن اقتصاد السياحة المتعلقة بصناعة الأفلام والسينما؛ فالتقديرات تتحدَّث عن إيرادات تتجاوز المليار دولار منذ أن افتتحت المملكة أول دار عرض سينمائية في 2018. أيضًا قطاع الأعمال في الجانب الصحي يُمثِّل أبرز وجهات رأس المال المحلي؛ إذ تشهد المملكة توسُّعًا في هذا النوع من النشاط؛ فتقديرات المشتغلين في هذا القطاع تشير إلى توقُّعات بأن يشهد هذا العام نموًّا تصاعديًّا؛ إذ يحتل القطاع الصحي المرتبة الثالثة من حيث حجم الإنفاق الحكومي، فقد تم إنفاق ما يقرب من 37.3 مليار دولار في عام 2022 على هذا القطاع الحيوي. ولا ننسى التذكير أيضًا بأن المملكة صارت محور ارتكاز وجذب للاستثمارات الأجنبية؛ ويُجسِّد ذلك الكثير من خطط العمل المشتركة، من بينها ما اختتمت به المملكة عامها الماضي 2023 بعقد منتدى الاستثمار السعودي - الياباني في العاصمة الرياض، الذي أكد فيه وزير الاستثمار السعودي، المهندس خالد الفالح، استهداف المملكة كمًّا هائلاً من الاستثمارات، تفوق قيمتها الاثني عشر تريليون ريال، سعيًا لتحقيق أهداف رؤية 2030 الطموحة، التي تشمل كل القطاعات. ولتعزيز بيئة الأعمال وتطويرها، وصولاً إلى تحقيق الأهداف المرجوة، من المهم العمل على تذليل العراقيل أمام القطاعات المختلفة، بمزيد من المحفزات، وبأشكال متعددة، خاصة القانونية. ومن المهم لفت الانتباه في سياق الحديث عن قطاع الأعمال إلى إعطاء مدينة الرياض استحقاقاتها من المشاريع والأعمال الاقتصادية؛ فالمدينة تحتضن أكبر تكتل بشري داخل المملكة؛ وتحتاج إلى مواكبة الاحتياجات برؤية متطورة وطموحة، تجعل منها أيضًا قِبلة لرأس المال المحلي والأجنبي، واستثمار كل طاقاتها بما يحقق أهداف رؤية 2030. يسود الكثير من التفاؤل بأن يكون هذا العام 2024 محطة ينطلق منها قطاع الأعمال في المملكة بكل توجهاته نحو النهوض بمشاريعه الحالية، وتطوير خططه، والاستفادة من التجارب العالمية في مضمار النهوض. * نائب رئيس لجنة المنشآت الطبية - غرفة الرياض