يعيش إنسان القرن الواحد والعشرين ثورة اقتصادية هائلة، فهي بلا شك ثورة السرعة والتواصل المجتمعي، ففي هذا الزمان يستطيع الإنسان الوصول إلى من يريد في أصقاع الأرض في ثوانٍ عبر وسائل التواصل الاجتماعي فيتعرف على اهتماماتهم وميولاتهم وأخبارهم وكل ما يتناول شؤونهم، بل ويستطيع التواصل وتكوين علاقات وصداقات معهم، بالإضافة إلى تبادل الرسائل والمشتريات. إن وسائل التواصل الاجتماعي من أفضل ما أنتجته العقلية البشرية في عصرنا الحالي حتى أصبحت قائدة للمجتمعات ومؤثرة، وبزغ من خلالها مشاهير ما بين قدوات، وهادمين للقيم والأعراف الاجتماعية، عندما تنظر نظرة شمولية في برامج وسائل التواصل عالمياً، تجد ذاك المبتكر أو المفكر أو العالم وغيرهم ممن يستفاد منهم في النهضة والتقدم وهو يبث تلك الرسائل الإيجابية والمحفزة لمتابعيه، ويصنع منهم منتجين يسهمون في تنمية أوطانهم، فهؤلاء هم أصحاب رسالة وشجرة مثمرة، أخلاقهم سامقة وفكرهم ناضج، فهم نسمة ربيع تهب على العقول فتحييها علمًا ومعرفة، جعلوا من تلك الشهرة سلمًا للصعود بفكر أفراد المجتمع إلى كل ما يحقق مستهدفات دينهم ووطنهم، وصنف آخر همه اللهو واللعب وهدم القيم، وأثرهم متعدٍ على أفراد المجتمع في تفكك أسري، يبثون ما ليس بحقيقة، ولسان حالهم نحن أسعد من على وجه الأرض، ينشرون واقعهم اليومي منذ أن يصبح وحتى يمسي، ماذا أكل وماذا شرب وأين سافر، إلى آخره، من السعادة الزائفة، وكأن الحياة اختزلت فيما يفعلونه وأنها هي الحياة الحقيقية، حتى بدا بعضهم يستعرض ما لا يرضاه دين ولا خلق ولا أدب منافيًا للقيم الدينية والمجتمعية، حتى أصبحت الشهرة مرضاً لبعضهم، وهمّهم الأكبر كيف يجني المال بأي طريقة كانت ويتنازل عن مبادئه وأخلاقه وقيمه وذلك لكسب المال، تفكيرهم انحسر في هذه الدنيا الضيقة، تعدى أثرهم إلى غيرهم حتى أصبح من يقلدهم ويتمنى أن يكون في ركبهم وجعل منهم قدوة، وما علم أنه يساهم في تفكيك الأسر فيغرس العداوة والبغضاء بين الأزواج والأبناء وأسرهم، وللأسف ينظر البعض لهؤلاء المشاهير خلف الشاشات ويظنون أنهم في سعادة ويأتيهم الشيطان ببث سمومه لماذا لا تكون مثلهم؟! فقد أصبح هؤلاء المزيفون قدوات لبعض المجتمعات ومصدراً للتفاهات ومعول هدم للأخلاق والقيم، والمشكلة الكبرى تكمن في المتابعين لهم على مستوى الأطفال والشباب الذين تكون عندهم الدافعية سريعة والتقليد والتشبه حاضر والتشبع بتلك الأفكار بكل يسر وسهولة. إن المشاهير لهم انتشار واسع على مستوى العالم ومتابعتهم تتم بضغطة زر، من هنا يتحتم على كل راعٍ في أسرته أن يجتهد في توجيه من يرعاهم ويبين لهم كل وجه الحقائق، وأن يرشدهم للحق ويجتهد في ذلك ويربيهم على تقوى الله، وأن يغرس في قلوبهم القيم والعقيدة السمحة وحب الوطن ولا ينجرف إلى كل من يريد الإساءة للدين والوطن وهدم القيم والانحلال الأخلاقي والأدبي، كما يسأل الله لهم أن يحفظهم بحفظه ويكلأهم برعايته، إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.