الراوي والشاعر إبراهيم اليوسف أحد من خدم الشعر الشعبي في بدايات ظهور الإعلام فقد كان أحد الرواد الذين قدمو برنامج البادية بصحبة منديل بن فهيد - رحمه الله - حيث كان هذا البرنامج هو الأشهر والأكثر متابعة من المهتمين بالشعر حيث يلتف أصحاب المجالس في الحاضرة والبادية وأفراد الأسرة حول المذياع بعد صلاة العشاء للاستماع إلى البرنامج. وبوفاة الأديب إبراهيم اليوسف يفقد الشعر الشعبي واحدا ممن خدموه فقد قدم الكثير والكثير من خلال برامجه المسموعة البادية ثم برنامج قصة وأبيات وما طرحه من مؤلفات أهمها كتاب قصة وأبيات بأجزائه وطباعاته المتتابعة، حيث بلغت القصص التى نشرها بأجزائها الثلاثة قصة وأبيات 492 قصة. لقد كان - رحمه الله - دمث الأخلاق بشوش الوجه كريما في منزله متواضعا حسن الإصغاء، وبرغم إلمامه بروايات والقصائد إلا أنه عندم يستمع إلى من يخطي في النقل والرواية لا يقاطع المتحدث بل ينتظر حتى ينتهي ثم يبدي وجهة نظره بكل أدب واحترام، وأذكر في أحد المجالس الشعرية قبل أكثر من ثلاثين عاما قال أحدهم بعض الأبيات وخلط بها فقال أحد الحاضرين لليوسف لما لا توقفه؟ فكان رده - رحمه لله - مقتضبا حيث استعار أحد الأمثال الشعبية (السماء تشيل رصاص واجد). رحم الله إبراهيم إليوسف فقد كان موته مؤثرا فيمن يعرفه وفيمن أحبه من خلال صوته في الإذاعة أو تابعه من خلال إصداراته، فقد نعاه العديد من خلال منصة "X" حيث قال الدكتور أحمد العريفي: رحم الله الراوية الأديب إبراهيم العبدالله اليوسف، وأسكنه الجنة، وعظم مثوبته وأجره بما أصابه من مرض، وأحسن عزاء أهل بيته ووده. عرفته في صغري من مشاركته للشيخ منديل الفهيد في تقديم برنامج البادية في إذاعة الرياض، ثم من تقديمه برنامج قصة وأبيات في الإذاعة، ثم رأيته قبل زمن طويل في مجلس الوالد مع الشاعر عبدالله بن صقيه - رحمه الله - عليهم أجمعين. ولا أنسى ما كان عليه من بسط الوجه وسماحة الخلق وحسن الحديث وكتب الأستاذ قاسم الرويس: رحم الله الأديب الراوية إبراهيم بن عبدالله اليوسف وأسكنه فسيح جناته، بذل جهده في خدمة الأدب الشعبي من خلال برامجه ومؤلفاته فحفظ جانباً من تراثنا وتاريخنا، وهو من الشخصيات الثقافية والإعلامية التي تستحق الوفاء والتكريم. وكتب أحمد العثمان السكران: إنا لله وإنا إليه راجعون، انتقل إلى رحمة الله الراوي الكبير إبراهيم بن عبدالله اليوسف مقدم البرنامج الإذاعي (قصة وأبيات) والذي كان يروي فيه قصصا وأبياتا من تراثنا، أسأل الله أن يسكنه فسيح جناته ووالدينا والمسلمين. وكتب د. محمد الصالح العريني: (إنا للَّه وإنا إليه راجعون)، انتقل إلى رحمة الله تعالى الأستاذ الأديب إبراهيم بن عبدالله اليوسف، مُقدّم برنامج من البادية وقِصّة وأبيات، بعد مُعاناة طويلة من المرض، وكان د. محمد الصالح العريني كتب في تغريدة قبل سنوات الصديق إبراهيم اليوسف نشأ في الأسياح وتعلم فيها والتحق بالجيش الكويتي وعاد وعمل بوزراة المعارف وهو شاعر وراوية عرفت فيه النبل مع كرم وسماحة، رافق الشاعر منديل الفهيد في تقديم برنامج البادية وقدمه من بعده ثم برنامج قصة وأبيات وأصدره في كتاب بعدة أجزاء.. الله يشفيه ويحسن خاتمته. وكتب محمد الخربوش: رحم الله الأديب إبراهيم اليوسف وغفر له وتجاوز عنه من أميز مقدمي البرامج الشعبيه والعزاء موصول لأسرته وذويه. إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه وأسكنه جنان النعيم. وكتب ابراهيم الشراري: إنّا لله وإنّا إليهِ رَاجعُون، غفر الله له وأسكنه فسيح جناته، يعتبر من الأوائل الذين خدموا الأدب الشعبي وله الدور بالكثير بتدوينه "قصة وأبيات"، عزاؤنا لأهله وأسرته وكافة محبيه وللأدب الشعبي بفقد أحد أهم رموزه. وقد نشرت صفحة الخزامى العديد من اللقاءات معه وتم استعراض وعرض للكتب التى أصدرها ومنها ما نشر في عدد من الثلاثاء 26 صفر 1429ه - 4 مارس 2008م - العدد 14498حيث كتب الأستاذ قاسم الرويس: يظل الأستاذ إبراهيم اليوسف من أوائل المساهمين في خدمة الأدب الشعبي في كافة مناحيه وذلك من خلال عمله الإعلامي في الإذاعة السعودية طيلة الأربعين سنة الماضية، استمر حينما توقف الآخرون، وتقدم عندما تراجع المتأخرون، رافق عميد الرواة منديل الفهيد - رحمه الله -، وزامل الرعيل الأول من الرواة والشعراء، وصاحب عددا غير قليل من الرواة والشعراء الموجودين، وزاد كل ذلك باطلاعه على مخطوطات الشعر الشعبي وقراءاته لكتب الموروث واستفساراته من المهتمين ومقابلاته للباحثين فاختزن في ذاكرته رصيداً ضخماً من المرويات والمعارف والقصائد والقصص والحكايات فحولها بأسلوبه الجميل وإلقائه المميز إلى قلوب المستمعين قبل عقولهم، فنال إعجاب الجميع ومحبتهم، بسبب صدقه وأمانته ثم واقعيته وبعده عن كل ما يثير المشاعر والأحاسيس. وها هو إبراهيم اليوسف الراوية المخضرم الذي عمل في تقديم البرامج الشعبية في الإذاعة السعودية كل السنين الماضية، يخرج من الإذاعة، ولكنه سيبقى في قلوب الناس الذين طالما أدخل السرور في نفوسهم. ليس ذلك هدف المقالة ولكنه استطراد دعت إليه ضرورة السياق، فقد اطلعت على الجزء الثالث من كتاب إبراهيم اليوسف (قصة وأبيات) الذي هو في الأصل اسم للبرنامج الإذاعي الناجح الذي كان يعده ويقدمه منذ ما يربو على ربع قرن من الزمان، وكان قد أصدر الجزء الأول في عام 1412ه في حين أصدر الجزء الثاني في عام 1416ه وها هو يتحفنا بالجزء الثالث. الكتاب عبارة عن قصص قصيرة متنوعة الهدف والمضمون متساوية الحجم لأنها كانت محكومة بوقت البرنامج المحدد سلفاً وكل قصة يصاحبها قصيدة لا تتجاوز في الغالب العشرة أبيات وقد ترد في ثنايا القصة بعض الشواهد الشعرية الجميلة من هنا وهناك. كتب مقدمة الكتاب الأستاذ أحمد بن عبدالله الدامغ الذي أشار إلى أن الكتاب يحوي بين دفتيه مواقف ذات مناسبات مختلفة الاتجاهات ومترجمة لكثير من العادات والتقاليد واعتبر أن هذا الجزء من الكتاب من صفوة الأدب الشعبي وأورد بعضاً مما جاء في الكتاب من شواهد القصص التي تشتمل على الحكمة، ثم شبه المفردات التراثية بالعملة القديمة التي لا يقلل من قيمتها قدمها لأنها تعد معدناً ثميناً يجب أن يقرأ تاريخ سكه واقتنائه، ليصل في النهاية إلى شكر المؤلف على جهوده المبنية على شعوره بأن نقل التراث أمانة في عنق كل باحث في مضماره لإبرازه في صورة مشوقة بطبيعتها وليس لأمر آخر. تضمن الكتاب الذي جاء في 300 صفحة 172 قصة بدأت بالقصة رقم 320 وانتهت بالقصة رقم 492 وصيغت جميع القصص بطريقة تتجه للنطق الفصيح قدر الإمكان فالصياغة هنا لم تغرق في العامية التي تحصر فائدة الكتاب في نطاق إقليمي ضيق كما يفعل بعض الرواة الذين لم يستشعروا الفرق بين ما يسمع وبين ما يقرأ. من أجمل الأشياء التي تدل على استيعاب المؤلف لمنهجية التأليف أنه ألحق كتابة كعادته بجملة من الفهارس التي لا تخفى أهميتها في تسهيل الوصول إلى المعلومات التي يريدها القارئ أو الباحث حيث وصل عدد الفهارس في هذا الجزء إلى ستة فهارس (الرواة، الشعراء، الأشخاص، المواضع، الأسر والقبائل، مطلع الأبيات) وكل فهرس تم ترتيبه هجائيا ما عدا فهرس مطلع الآيات التي تم ترتيبه حسب الصفحة. المؤلف ينقل عن الرواة مباشرة كما ينقل عن الرسائل التي تصله من المستمعين وينقل كذلك عن بعض كتب الأدب الشعبي، وهو في كل ذلك يحيل إلى مصادره بأمانة ويذكر أسماء شخصيات القصة بكل تجرد ويشير دائماً إلى هدف القصة ودلالاتها ويعمل على المقارنة بين الماضي والحاضر، والحقيقة أن الكتاب في مجمله يعطي تصوراً عن حياة الأجداد وأحوالهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ويحمل مزيجاً من التاريخ والأدب فيما يتعلق بالجزيرة العربية فهو مصدر لا يستغني عنه الباحث في هذا الشأن كما أنه يعبر عن شغف المؤلف بالتراث الشعبي وحرصه على توثيقه وحفظه لحقوق الآخرين الذين نقلوه للأجيال القادمة كشاهد عيان لأحداث الزمان خلال الفترات الغامضة من تاريخ الجزيرة العربية. كنت أتمنى لو أن المؤلف وضع عنواناً لكل قصة بدلاً من الأرقام المرتبطة بالتسلسل بالأجزاء السابقة وهو الأمر الذي أدى إلى خلو الكتاب من فهرس الموضوعات وهذا أمر غير محبذ، وهناك عديد من القصص والقصائد التي وردت في المصادر الأخرى مما لا فائدة من تكراره إلا أن يكون على مسامع الناس. والكتاب مع ما ذكرنا آنفاً يعد رافداً مهماً للمكتبة الشعبي وفيه توثيق لبرنامج إذاعي في مرحلة إعلامية معينة كما ينبئ عن المكانة الأدبية لمؤلفه الراوي المخضرم إبراهيم اليوسف ولذا فهو جدير بالقراءة. رحم الله الأديب إبراهيم اليوسف، وأسكنه فسيح جناته، وجعل الله ما أصابه تمحيصا للذنوب وأحسن الله عزاء ذويه ومحبيه. إبراهيم اليوسف في مقتبل العمر من حساب د. محمد العريني اليوسف د. أحمد العريفي قاسم الرويس