يزخر الوطن الغالي بالكثير من المواقع التاريخية، ومن هذه المواقع جبل «الصايرة» الشامخ بصحراء المتن شرق محافظة بِيشَة التي تقع في الجنوب الغربي وتتبع لمنطقة عسير؛ وتُعد صحراء المتن أنموذجاً سطّره البلدانيون في مؤلفاتهم، ولهجت به ألسنة شُعراء العرب في مُعلقاتهم. «الرياض» التقت بأحد عُشاق جبل «الصايرة» بصحراء المتن شرق المحافظة فايز بن منيس المقيطيف الجهمي، الذي عاش وترعرع فيها طيلة تسعين عاماً يتبع إبله منابت العشب ومساقط الماء يجوب سهولها ووهادها، كما أن له شهرة في قيافة الأثر والبشر، وصاحب الخيمة الشعبية على طريق الغادِ والرائح لم يحجب عن مار ولا خاطر، فبقي في المدينة بين أبنائه وأحفاده، ولكنه لا يزال يراود محبوبته الصحراء بين الفينة والأخرى، وكثيراً ما يتلهف ويجذبه الحنين على جبل «الصايرة» الذي عاش مجاوراً له ما يناهز الأربعون عاماً. * ما أهم المعالم في أرض المتن؟ * سهل المتن.. كلها معالم جعلها السيل، ومنها: الصايرة الحمراء، والصايرة البيضاء، والغُربيات، وفيها قبر جدي، وكذلك جبل وقط ووحشّة عيسى، أيضاً ولد ابني عبدالرحمن فيها. * وجبة الإفطار والسحور في رمضان قديماً كيف كانت تقدم؟ * كان فطوري على تمر وماء، وبعد الصلاة على سحلة غضار من المريس «منقوع التمر» ومعه عصير الليمون إن وجد، أما السحور فكان على ما تيسر على قرص مَلّة من بُر مع سمن غنم وحليب ناقة مفوّر ولله الحمد. * ما أصعب المواقف التي عشتها في رمضان؟ * غب علينا يوم فيه مطر وغيم أسود ورهف برد وفي أثناء ذلك أفطرت قبل الأذان بظني أن الوقت قد حان وقتها، قدم عليّ ابني عبدالرحمن قادماً من البلاد فأخبرني بالساعة، الله يغفر الذنب. * حياة الصحراء بالرغم من صعوبة الحياة القاسية فيها لكن تظل لها محبة وعشق عند ابن البادية حدثنا عن ذلك؟ * حياة الصحراء في السابق صعبة وقاسية ومعاناة ورغم ذلك فقد أعتد عليها طيلة العقود الماضية، وأعشقها كثيراً، وعندما كنت شاباً حرصت على خدمة والدي ووالدتي في البداوة وفي الحضارة، فوالدي كان قائماً بشؤون القبيلة، وأخي الأكبر بعيداً في وظيفته برأس تنورة، لذا لم أتقدم للوظائف المتاحة في ذلك الزمن. * القهوة ماذا تعني عند أهل البادية؟ * للقهوة أهمية بالغة في حياة البدوي.. فهي رمز الضيافة وكل منطقة تتميز بإعداد وطريقة تحضيرها وأنا من أعد قهوتي، وأحمس حباتها بنفسي على عود السمر. * حدثنا عن أهمية الإبل وعشقها في حياتك؟ * الإبل.. هي موروثنا الذي اكتسبناه من آبائنا وأجدادنا وما زلنا نحتفظ بأسماء من سلالاتها مثل: آل هديّه، آل سمحه، آل الشرفاء، آل رُمحه، ومن الفحول القديمة زريق بعير أزرق معصّم يحبه والدي كثيراً يحمل الأثقال وإنتاجه زين، ومنها كذلك عشيوين، وشِرْهان، وبليهيد. * حدثنا عن أهم الهويات المحببة لك قديماً؟ * من أوّل كانت هواية الصيد للظباء والأرانب، ويوم كثرت السيارات صار شفي للحم قليل، ولا أرغب لحم المنقولة، ولا المندولة. * عرّفنا عن معنى المنقولة والمندولة ؟ * المنقولة: اللحمة المطبوخة المتبقية من وليمة العَشاء، وهي التي تنقل من مكان إلى مكان، والمندولة: لحم الشاة الدافع والحمد لله على النعمة. * حدثنا عن زواجك، وكم كان المهر في ذلك الزمن؟ * تزوجت بزولية، وما زلت أتذكر وصيّة والد زوجتي فرزان بن كمهان عندما قال: يا ولدي «النسوان كسايب الظفران، فرايس النذلان». * ما أهم المقتنيات الثمينة التي تحتفظ بها؟ * وثائق ومراسلات حفظها والدي من أجدادي ناصر ومحمد من موحد البلاد الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، كذلك احتفظ بمعاميل القهوة القديمة من محماس ومهراس ودلال نحاس رسلانيات. * ما سر المحبّة والعلاقة بينك وبين جبل «الصايرة»؟ * لا شك المربى قتّال، فقد ولدت ونشأت في أرض وطني، ولم أفارق جبل «الصايرة» منذُ أن وُلد ابني سعود في عام 1407ه، وقد حفظت من والدي أغرودة قديمة ومنها: الصايرة بنت طموح زين تشنى الضنط ولا بني بسقان كما أن ابن عمي الشاعر بداح بن عبدالله آل مرو الجهمي قد وصف هذه العلاقة وهذه المحبة المتبادلة بيني وبين هذا الجبل بقوله: ياللي تجون الصايرة خبروني عن وضع راعيها عسى الله يشافيه لقيتها تهجرع بخافي اللحوني تالي عصير تذكر اسمه وتناديه تقول يا فايز تحفت عيوني ما عاد لك شوفه ولا صوتٍ أوحيه وعلمتها بعلمه وهاضت شجوني ووقف كلامي ما تلاحقت تاليه قالت لي انكانك بحالي حنوني أبي أشوف اللي أقدره وأغليه بيني وبينه عشرة ما تهوني ومنازله عندي وبقلبي مرابيه فايز المقيطيف المقيطيف مع حفيده باسل قبل سنوات