مشروع الرياضة السعودي يحمل العديد من الفوائد ولكنه في نفس الوقت يواجه تحديات قد تؤدي إلى تعثره. من بين هذه التحديات، التعصب الرياضي الذي ينشأ بين المشجعين يغذيه الإعلام الرياضي غير الواعي. مشروعنا الرياضي مشروع دولة يحمل استراتيجيات اقتصادية واجتماعية. من الناحية الاقتصادية، يساهم المشروع في تنشيط الاقتصاد المحلي من خلال استثمارات ضخمة في بناء وتطوير الملاعب والمنشآت الرياضية، وتوفير فرص عمل في قطاعات متعددة مثل البناء والتشييد والضيافة والسياحة، يعزز المشروع أيضا السياحة الرياضية ويجذب الزوار والمشجعين من داخل المملكة وخارجها، مما يؤدي إلى زيادة الإيرادات وتعزيز القطاع السياحي بشكل عام. من الناحية الاجتماعية والثقافية، يعزز المشروع السياحة الرياضية بالتواصل والتفاعل الاجتماعي بين مجتمعنا المحلي والمجتمعات المختلفة والانفتاح على العالم واستقطاب المشجعين الرياضيين لزيارة البلاد مما يتيح للزوار فرصة تجربة الثقافة السعودية والتفاعل مع السكان المحليين لتعميق الفهم المتبادل وتجربة الضيافة السعودية وبناء جسور التواصل والتعرف على ثقافتنا عن قرب بدل التلقي من الإعلام المغرض الأمر الذي يساهم في "ريمونتادا" الصورة الحقيقية للسعودية والسعوديين. ومع ذلك، يواجه مشروع الرياضة السعودي تحديات من التعصب الرياضي الذي يمكن أن يقود إلى إخفاق. التعصب الرياضي ينشأ عندما يتحول الدعم والانتماء لفريق رياضي إلى انقسامات وصراعات بين المشجعين ويؤثر على السلم الاجتماعي والاستراتيجيات الوطنية سيما حين يغذيه الإعلام الرياضي غير الواعي الذي يلعب دورا مهما في تأجيج التعصب الرياضي وإحباط المشروع الرياضي. الإعلام الرياضي له دور إيجابي لكنه للأسف غائب أو ربما مغيب فهو المعني في ترويج الروح الرياضية وتعزيز التسامح والاحترام بين المشجعين والفرق المتنافسة غير أن ما نشاهده هو العكس. وللأسف فإن إعلامنا الرياضي ضعيف الاحترافية فهو في مرحلة أقل من المرحلة، فالدولة تريد صناعة الرياضة التي تدعم الاقتصاد وتنشأ منها فرص التوظيف بينما الإعلام الرياضي يساهم في إفشال مرحلة الرحلة الوطنية، بقصد أو دون قصد. هل يعلم هؤلاء أن تعثر المشروع الرياضي قد يؤدي إلى تراجع النشاط الاقتصادي المحلي. فالمشروع يوفر جذب استثمارات أجنبية وفرص عمل محلية، بدءا من اللاعبين والمدربين والحكام وصولا إلى الموظفين الإداريين والتقنيين والعاملين في الفنادق والمطاعم وقطاع النقل والخدمات المرتبطة بالمشروع. التعصب يعمي ويصمّ؛ والمتعصبون لا يدركون اختلاف المرحلة ووجوب دعم الرحلة الوطنية، وإن أدركوا فلا يهمهم سوى إسقاط بعضهم حتى لو تعرض مشروع الوطن الرياضي لأزمة وقد لا يدركون أبعاد تلك الأزمة سيما وأن النجوم الدوليين المتواجدون بيننا لهم جماهير عالمية غفيرة وخلفهم قوافل من المنصات الإعلامية ووكالات الأنباء التي تترصد عثرات الوطن خاصة حين تكون بأيدينا (يخربون بيوتهم بأيديهم). للتغلب على هذه المخاوف وضمان نجاح مشروع الرياضة، تبدو الحاجة لاتخاذ إجراءات فعالة. فكما أننا نشهد نقلة رياضية نوعية فيحسن، بالتوازي، إحداث نقلة نوعية جديدة في جوانب عديدة كإعادة النظر في البرامج الرياضية التلفزيونية وإعادة هيكلة المؤسسات الرياضية من اتحاد ولجان، وبعث روح جديدة وشخصيات مهنية تحركها "الحيادية" بعيدا عن الميول والنفعية البراغماتية الشخصية، كذلك تجديد اللوائح الرياضية وجعلها تتناغم مع المشروع الرياضي السعودي لدعمه وحمايته مع صرامة التنفيذ بعيدا عن التعاطف والتساهل والتجاهل.