لا شك أن لرمضان أثرا حسنا لدى عامة المسلمين في كل أصقاع المعمورة حتى وغير المسلمين يحسون بروحانيته وكرمه لما يرون من الأعمال ويسمعونه من الأقوال الخيرة التي يسمعونها من المسلمين حين التهاني بقدومه ومما يرونه من أفعال محببة إلى النفوس من صلوات وأنفاق أموال ابتغاء وجه الله قد تطال الفقير منهم، فالصدقة تصح على كل نفس رطبة كم في الحديث النبوي (فقد دلت نصوص الشرع على أن المسلم يحصل له الأجر بالإحسان على كل شيء وفي كل شيء، وأن الحيوان داخل في هذا، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: في كل كبد رطبة أجر. رواه البخاري) وليس اليوم كالأمس فأصبحت الأعمال والدراسات على اختلاف أنواعها أساسا لاختلاط الجنسيات رجالا ونساء والتعرف على العادات والتقاليد والمشاركة في الأفراح والأتراح كل هذه أدت إلى التقارب بينهم وهكذا الأمور تحولت من الجفاء إلى اللين وحسن التعامل والتفاهم في مختلف الأمور والشرط الأساسي ألا يكون غير السلم محارب فيا أيها المسلمون، إن من أفضل الأعمال الصالحة وأجلِّها عند الله -تعالى- الصيامُ، فقد رغَّب فيه الشرع وحثَّ عليه، وجعله أحد أركان الإِسلام العظام، وأخبر جل وعلا أنه لا تستغني عنه الأمم؛ لما فيه من تهذيب الأخلاق، وتطهير النفوس، وحملها على الصبر، فقال سبحانه يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) لذا فلهذا الشهر المبارك فضائلَ عظيمة، وخصائص كثيرة، حَرِيٌ بالمسلم أن يسعى في تحصيلها ويجتهد في نيل ثوابها، ومن ذلك: أنه سببٌ لمغفرة الذنوب فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصَّلواتُ الخَمْسُ والجمعةُ إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكَفِّرات لما بينهُنَّ إذا اجْتُنِبَت الْكَبَائر" أخرجه مسلم. وفيه تفتح فيه أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب النيران وأن الشياطين تصفَّد، أي توثَّق وتغلّ، ومن فضائله أن الله أنزل فيه القرآن وأنَّ ثوابَه لا يَتَقَيَّدُ بِعَدَدٍ مُعيَّنٍ بل يُعْطَى الصائم أجره بغير حساب، وجاء عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ عملِ ابنِ آدمَ لَهُ يضاعَف الحَسَنَة بعَشرِ أمثالِها إلى سَبْعِمائِة ضِعْفٍ، قَالَ الله تعالى: (إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به(حديث قدسي) يَدَعُ شهْوَتَه وطعامه وشرابه من أجْلِي". علما أن الصَّومَ جُنَّة أي: وقايةٌ وستْرٌ يَقي الصَّائِمَ من اللَّغوِ والرَّفثِ والمحرمات ومن فضائله أنَّ خُلوف فمِ الصائمِ أطيبُ عند الله مِنْ ريحِ المسْكِ؛ وأن للصائِمِ فرْحَتينْ: فَرحَةً عند فِطْرِهِ، وفَرحةً عنْد لِقاءِ ربِّه فينبغي لنا عباد الله أن نستغل هذا الشَّهْرِ الْكَرِيمِ بِالتَّوْبَةِ النَّصُوحِ مِنْ جَمِيعِ الذُّنُوب وأن نجتهد في أداء الفرائض بل ونستكثر من النوافل، ونربي على ذلك أهلنا ومن تحت أيدينا، وأن نرتب أوقاتنا فيه ونحفظ ساعاته وأيامَه فلا تضيع علينا سدى فإننا لا ندري هل ندرك رمضان مرة أخرى أم لا، بل لا ندري هل نتمه أم لا، فعلينا أن نجعل كل رمضان يمر علينا أن يكون لنا فيه بصمات تجلب الحسنات أكثر من الشهور السابقة والحمد لله أن بلغنا هذا الشهر الكريم نسأل الله أن نكون جميعا ممن تقبل منه وعظم أجره والله المستعان والحمد لله رب العالمين.