قرر برهان بوركهارت الرحالة السويسري المسلم بدايةً أن يقوم برحلة إلى مكةالمكرمة وهي تعتبر واحدة من أهم رحلاته وأشهرها على الإطلاق وعلى الرغم من أنها لم تكن جزءًا من خطة رحلاته الأصلية إلا أنها أصبحت الرحلة قبل الأخيرة في حياته. وصل بوركهارت إلى مكةالمكرمة في شهر رمضان من عام 1229 هجريًا قضى الشهر كاملا في المدينة صائمًا ومؤديًا الشعائر الدينية المعتادة ولكنه لم يغادر مكة بعد انتهاء شهر رمضان بل قرر أن يبقى هناك في انتظار موسم الحج في تلك السنة وهكذا قضى أشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر في مكةالمكرمة باستثناء بعض الرحلات القصيرة في المناطق المجاورة وبشكل عام قضى معظم الوقت في المدينة وعندما حان موسم الحج قام بوركهارت بأداء جميع مراسم الحج كما يفعل الحجاج الآخرون و تمكن من دخول داخل الكعبة مرتين ففي رمضان يتم فتح باب الكعبة للحجاج والمعتمرين للصلاة في داخلها ويتم فتحه مرة أخرى خلال موسم الحج ووصف بوركهارت ما شاهده قائلاً: "لم أجد في مكة الجمال الرشيق الذي يتواجد في آثار اليونان وإيطاليا ولا الفخامة المتجلية في مباني الهند ولكنني لم أشهد مشاهد بهذا الهيبة والجمال في أي مكان آخر في العالم لا يمكننا أن نرى في مكة أي شيء مسرحيًا مصطنعًا ولا يمكننا أن نرى في لباس الحج أي شيء يشبه لباس الأوبرا كل شيء هنا بسيط ومؤثر ويملأ العقل بخشية الله". ومن خلال إقامته في مكة اتيحت لبوركهارت فرصة لاكتشاف أدق تفاصيل المدينة المقدسة بما في ذلك بناياتها ومحلاتها وتجارتها ومنتجاتها وكذلك نظام الحكم فيها كما تعرف على عادات وتقاليد سكان مكة ، ورحلة بوركهارت في الحجاز وتنقلاته بين مدنها المختلفة بما في ذلك إقامته الطويلة في مكةالمكرمة استمرت لمدة تقارب عشرة أشهر بدأت الرحلة عندما وصل إلى جدة في 20 يوليو 1814 واستمرت حتى مغادرته ميناء ينبع في 15 مايو 1815، عندما عاد إلى مصر. المصدر : ( كتاب ترحال في جزيرة العرب / المؤلف جون لويس )