لا شك أن سعادة المؤمنين لا تعادلها سعادة عندما يساقون معززين مكرمين زمرا إلى جنات النعيم، حتى إذا ما وصلوا إليها فتحت أبوابها، واستقبلتهم الملائكة الكرام يهنئونهم بسلامة الوصول، بعدما عانوه من الكربات وشاهدوه من الأهوال، أي طابت أعمالكم وأقوالكم وعقائدكم، فأصبحت نفوسكم زاكية، وقلوبكم طاهرة، فبذلك استحققتم الجنات. بعد أن يجتاز المؤمنون الصراط يوقفون على قنطرة بين الجنة والنار، ثم يهذبون وينفون، وذلك بأن يقتص لبعضهم من بعض إذا كانت بينهم مظالم في الدنيا، حتى إذا دخلوا الجنة كانوا أطهارا أبرارا ليس لأحد عند الآخر مظلمة ولا يطلب بعضهم بعضا بشيء. أول البشر دخولا الجنة على الإطلاق هو رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، رواه مسلم في صحيحه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا أول من يقرع باب الجنة) وأول الأمم دخولا الجنة أمته، وأول من يدخل الجنة من هذه الأمة أبو بكر الصديق رضي الله عنه. وأول زمرة تدخل من هذه الأمة الجنة هم القمم الشامخة في الإيمان والتقى والعمل الصالح والاستقامة على الدين الحق يدخلون الجنة صفا واحدا، لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم، صورهم على صورة القمر ليلة البدر. وهؤلاء الذين يخرجون من النار ويدخلون الجنة يسميهم أهل الجنة بالجهنميين، ففي صحيح البخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ويخرج قوم من النار بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم، فيدخلون الجنة يسمون الجهنميين)، وقد ورد في أكثر من حديث أن الله يخرج من النار من كان في قلبه مثقال دينار أو نصف دينار أو مثقال ذرة من إيمان، بل يخرج أقواما لم يعملوا خيرا قط، ففي حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدخل الله أهل الجنة، يدخل من يشاء برحمته، ويدخل أهل النار، ثم يقول: (انظروا من وجدتم في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجوه). ومن الذين يدخلون الجنة قبل يوم القيامة الشهداء، (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)، المصدر: كتاب الجنة والنار