البجيري في حي طريف بالدرعية، ذلك المكان الذي يحكي قصة كفاح لأبطال كان لهم الأثر الكبير بعد الله عز وجل فيما ننعم به من أمن وأمان وخيرات عظام "بلدة طيبة ورب غفور"، حين تقف على أرضه تشعر براحة نفسية؛ فهو يستدعي الذكريات التي تعود إلى تلكم العصور الأولى من تاريخ بلادنا المباركة التي تجاوزت العديد من التحديات وحققت النجاحات المتتالية بعد توفيق الله عز وجل، ثم بفضل رجال سطر التاريخ أسماءهم؛ حيث قدموا الغالي والنفيس من أجل أن تحيا الأجيال الحالية بكل حرية وأمان، فحين تتجول بين أحضانه ستتعرف على تاريخ الأجداد وانطلاقة حضارتنا المجيدة، سترى جمال بيوت الطين وهي محفوفة بالنخيل المثمرة. وستجد في كل زاوية لها قصة وحدث، في زيارة لي بدأت بمسجد طريف وصلينا به وما أجمله من مسجد ويوجد به الخلوة وكان يُصلّى فيها وقت الشتاء وهي في بطن الأرض وتمتاز بالدفء، انطلقت إلى متحف به من الآثار الجميلة التي تحكي قصة ما يربو عن مئتي سنة، رأيت تلك الكتب والمخطوطات والسيوف والمدافع والقصور وشاهدت بعيني تلك العصور القديمة عبر الشاشات التلفزيونية ذلك العصر الغابر، كنت أقول في نفسي وأنا أشاهد ذلك التاريخ ماذا كان اهتمامهم؟ وما أهدافهم في الحياة؟ وإلى ماذا كانوا يصبون؟ خاضوا الحروب وكانوا في كر وفر مع أعدائهم فيغلِبون تارة ويُغلبون تارة فقامت الدولة السعودية الأولى بقيادة الإمام محمد بن سعود، وتستمر لسنوات ويصمد شعبه حتى تآمر عليها الأعداء فسقطت، وما هي إلا سنوات قليلة حتى انتظم عِقد ذلكم الشعب الأبي المناضل ليبحث عن الحرية والأمن والأمان فقامت الدولة السعودية الثانية بقيادة الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود الذي قاد ذلك الشعب بسيفه الأجرب وفكره الوقاد فخاض الحروب تلو الحروب وتوسعت تلك الدولة ثم سقطت بكيد أعدائها، ولكن مازال الطموح بين أعين قادتها وشعبها فتقوم الدولة السعودية الثالثة بقيادة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- ويسانده الأبطال الشجعان الذين نذروا أنفسهم لخدمته وتأسيس تلك الدولة العربية الإسلامية التي دستورها كتاب الله وسنة رسوله، فنصرهم الله وتوسعت تلك الدولة وسادها الأمن والأمان وأصبحت لها المكانة العالية بين دول العالم، وها نحن اليوم نعيش رغد العيش ورخاءه بقوة تلك الأجيال الأبية بعد توفيق الله لها، لم ترضَ بضيم ولم تجعل لليأس مكانًا، ودولتنا اليوم هي محط الأنظار بين العالم بقوة قيادتها وهمة شعبها، فنحمد الله على ما منَّ علينا به من نعمة الأمن والأمان والقيادة الحكيمة التي تسعى لخدمة أبنائها وتذلل لهم الصعوبات وتحسَّن جودة الحياة بما حباها الله من إمكانات ورؤية ثاقبة، ويوم تأسيس هذه الدولة المباركة كان يوماً حافلاً بالعطاءات والإنسانية التي امتدت حتى شملت أرجاء المعمورة، وكانت منبعًا للتوحيد والتسامح والوسطية وموطنًا للعدالة والأمن والأمان لشعبها وضيوفها. وفي نهاية الجولة أسدل الليل ستاره إلى الأرض وازدان المكان جمالًا بالمناظر الخلابة ذات الإضاءة الخافتة، ولمعت النجوم والكواكب ونزل سكون الليل وعلم المملكة العربية السعودية يرفرف في السماء وبدأت نسمات الهواء البارد تهب على الجسد والفؤاد فجلست في إحدى شرفات المكان أتأمل وأتبصر فقد أسرني جمال المنظر الساحر وإطلالته الخيالية وهدوءه المريح فقد كانت رحلة ماتعة ذهب بي الخيال إلى مشاعر جياشة سال بها قلمي ولكنه قصر عن وصف جماله ورونقه وحسنه بأكمله، فنسأل الله أن يحفظ لنا قيادتنا وعلماءنا وأن يصرف عنا شر الأشرار وكيد الفجار. مشاري محمد بن دليلة