ودع منتخبنا بطولة آسيا 2023 البطولة التي تعرفه ويعرفها بصولاته وجولاته في عقود مضت من الزمان عندما كان الأخضر يحضر لهذه البطولة وسط هيبة خضراء تخشاها فرق شرق القارة وغربها، ويا أسفي على تلك الأيام، وتلك الأسماء! وداع أخضرنا من هذه البطولة كان متوقعًا ليس لقوة فرق هذه النسخة من البطولة، كلا وألف لا بل بسبب القصور الفني الكبير الذي يعتري أكثر خطوط منتخبنا، وهذا أمر ليس بسر بل ضعف فني يعلمه القاصي والداني..! في مواجهة كوريا الجنوبية تفوق عناصر منتخبنا على أنفسهم في مواجهة واحد من أفضل 20 منتخبًا على مستوى العالم كتجانس وتنظيم وثقة وهدوء واحترافية، واستطاع نجومنا التفوق الفني المقرون بالحماس الكبير حتى وصلت المواجهة لثوانيها الأخيرة التي كانت تحتاج للخبرة من عناصره وللحنكة من مدربه السيد(Roberto Mancini) الذي للأسف قضى على ما بدأ به من تميز في اختيار العناصر واختيار المنهجية التي كبلت سو ورفاقه ومن خلفهم مدربهم الألماني (Jürgen Klinsmann) طوال 99 دقيقة، فكان السبب -بعد الله- في الوداع الحزين لأخضرنا بعد أن استبدل نجوم الخبرة وزج بأسماء شابة لا حول لها ولا قوة في مثل هذه المواجهة الجماهيرية الصعبة كالشاب عيد المولد وبأخرى كانت بعيدة عن مستواها الفني أو محدودة المردود الفني كحسن كادش وسامي النجعي، ووقف موقف المتفرج وهو يشاهد المنتخب الكوري يواصل ضغطه الشرس والمتكرر على مرمى الأمين أحمد الكسار من الجهة اليمنى وكل الجهات دون تدخل أو توجيه! هذه التدخلات التي أقل وصف يمكن أن تصفها به «كارثية» قتلت كل شيء في الأخضر وفي مقدمتها الروح والحماس الذي غطى على كل قصور فني بمنتخبنا فكادت النتيجة أن تدخل في حيز النتائج التاريخية لولا لطف الله ومن ثم بسالة الحارس أحمد الكسار الذي تفوق على نفسه وعلى كل الظروف التي أحاطت به، ومن أمامه خط الدفاع الذي دافع بقتالية وببسالة وضعت الثواني الأخيرة لها نهاية غير سعيدة! الأخطاء التي ارتكبها الإيطالي (Roberto Mancini) في نهاية المواجهة والتي تسببت في وداع منتخبنا المبكر للبطولة لا يمكن أن تجعلنا نغض الطرف عما يعانيه منتخبنا من شح وضعف واضح بخط الهجوم وافتقاد هذا الخط لأسماء من فئة النجوم الكبار كماجد عبد الله وسامي الجابر وفهد المهلل وغيرهم من سلسلة المهاجمين الذين وضعوا بصماتهم بشباك كبار وصغار القارة الصفراء، مما أجبر كل مدرب يمر على منتخبنا الاستعانة بأسماء تتكرر في كل منازلة قارية دون أن يكون لها تأثيرًا بأنديتها المحلية! خط الوسط هو الآخر يشتكي من ندرة الأسماء القادرة على قيادته باقتدار سواء كان ذلك في الجانب الدفاعي أو صناعة اللعب! هذا القصور الفني لا يمكن أن أحمله (Roberto Mancini) بل تتحمله بالدرجة الأولى الأندية بكل فئاتها السنية والأولمبية وفرقها الأولى ومن ثم وجود المحترفين وسيطرتهم على مثل هذين الخطين الذين دفع الأخضر ثمن ضعفهما كثيرًا! ما يهم اليوم وغدًا ليس خروج (Roberto Mancini) قبل نهاية ركلات الترجيح ولا نقاشه الحاد مع ساعد الدفاع الأيمن سعود عبد الحميد فهذه تفاصيل صغيرة سرعان ما تنتهي بوقتها! الأهم هل السيد (Roberto Mancini) قادر على صناعة منتخب قوي خلال المرحلة المقبلة؟ هل لدى المدرب واتحاد القدم مشروع يساعد اللاعب المحلي على المشاركة باستمرار حتى ولو كان ذلك بدوري الدرجة الأولى أو الدرجة الثانية أو الاحتراف الخارجي بأندية الجوار أو الدوريات الأوروبية حتى ولو كانت أقل من مستوى الدوري لدينا؟ أم ستستمر معاناة منتخبنا بالاعتماد على لاعبين أغلب مواسمهم احتياط بأنديتهم مما أفقدهم لكثير من نجوميتهم كما حدث مع المدافع الصلب حسان تمبكتي وغيره من بقية النجوم؟ المرحلة المقبلة صعبة وتتطلب من اتحاد القدم العمل والتخطيط الجيد سواء كان ذلك بوجود السيد (Roberto Mancini) أو بدونه فمستقبل المنتخب أهم من أي اسم، بل يجب طرد أي اسم مدربًا كان أم لاعبًا لا يتوافق مع طموحات ومستقبل منتخبنا خلال المرحلة المقبلة وبلا تردد. فاصلة: لا يمكن أن تنافس منتخبات تعج صفوفها بلاعبين يلعبون في أقوى دوريات العالم كمنتخبات كوريا الجنوبية واليابان وأستراليا ولاعبوك احتياط بأنديتهم مهما جلبت أفضل المدربين حول العالم، بل لا يليق بمنتخب له تاريخ وإرث كبير كمنتخبنا الاعتماد على مثل ذلك ووداع كل بطولة قارية بشكل متكرر ومبكر.