لم يكن مفاجئاً أن يخرج المنتخب السعودي بخيبة آسيوية جديدة ويواصل ابتعاده عن المنافسة على عرش القارة، ذلك أن الاستعداد لهذه البطولة لم يكن يشي بأي جدية وعزم على تحقيقها أو على الأقل الوصول لنصف النهائي. ما حدث أول من أمس أمام كوريا الجنوبية ما هو إلا انعكاس لحالة الفوضى التي بدأها اتحاد الكرة الذي ترك المنتخب بلا مدرب لخمسة أشهر تقريباً، قبل أن يرتكب خطأ فادحاً بالارتباط بالإيطالي مانشيني الذي لم يكن مقنعاً منذ التجمع الإعدادي إن على مستوى الخيارات أو على مستوى طريقته التي لم يعتد عليها لاعبو المنتخب السعودي. وقبل البطولة كانت ثالثة الأثافي حين اصطدم مانشيني بثلاثة من نجوم المنتخب، وهز أركان «الأخضر» قبل ساعات من مواجهة الافتتاح والتي مرت بسلام، ليطل بعدها ويصرّح بعدم استحقاق فريق للترشح لنيل اللقب وهو الذي ارتفعت أسهمه كثيراً بعد حضوره الجيد في دور المجموعات. إن كان من حسنة للإيطالي مانشيني فهي لن تتجاوز العمل الدفاعي الجيد، وهو أمر سينجح به أي مدرب إن اعتمد على ثلاثة مدافعين، لكن ذلك لا يساوي شيئاً أمام الأخطاء التي ارتكبها وأدار بها مواجهة كوريا حين قزّم «الأخضر» وأجبر لاعبيه على التراجع وتخلى عن نجم المنتخب الأول سالم الدوسري فيما لم يكن لتغييراته أي بصمة إيجابية، بل إنها زادت من الضغوطات على منتخبنا الذي بحث عن ركلات الترجيح بفعل تدخلات المدرب الإيطالي. أما الكارثة الكبرى فهي هروبه قبل تنفيذ الركلة الترجيحية الأخيرة للمنتخب الكوري، ففي وقت كان يتطلب الموقف تواجده لمواساة لاعبيه بعد الخسارة، قام مدرب كوريا الجنوبية الألماني كلينسمان ولاعبوه بذلك الدور، في مشهد غريب يبعث على التساؤل إن كان مانشيني بالفعل يرغب ببناء منتخب، ويملك مشروعاً لا يتوقف على الخروج من استحقاق واحد. التعاقد مع مانشيني في الأصل خطأ لا يقل فداحة عن الارتباط بالهولندي فرانك ريكارد قبل أكثر من عشر سنوات، ولطالما حذرنا من التعاقد مع المدربين لمجرد أسمائهم الكبيرة، فمانشيني وقبله ريكارد ليسا بالاسمين المناسبين فنياً لهوية منتخبنا وتركيبته وخصائص لاعبيه. لا أعلم من هو صاحب القرار في التعاقد مع مانشيني، ولا أعلم على ماذا بنى قراره، لكن الأكيد أن مانشيني لا يناسبنا ولا يناسب مرحلة البناء، وأن قرار إقالته مسألة وقت بعد ليلة هرب فيها من مواجهة فشله.