شارك وفد المملكة العربية السعودية في الاجتماع السنوي ل"المنتدى الاقتصادي العالمي 2024" لبحث تعزيز التعاون الدولي من أجل تحويل التحديات العالمية إلى فرص، وتحقيق أمن الموارد المستدامة في عالم متغير، وتعزيز المرونة الاقتصادية المتكاملة. وناقش وفد المملكة خلال مشاركته في منتدى دافوس، أبرز التحديات الإقليمية والدولية الراهنة، وسبل معالجتها عبر تعزيز الحوار والتعاون الدولي، ودعم التكامل الاقتصادي، واستدامة الموارد، والاستفادة من الابتكار والحلول التقنية، إلى جانب ضرورة استكشاف الفرص التي تتيحها التقنية الناشئة، وتأثيرها على عملية صنع السياسات والقرارات في المجتمع الدولي. وسلّط الوفد السعودي الضوء على التقدم الذي تم إنجازه في إطار رؤية السعودية 2030، ومسيرة التحول والتنمية التي تشهدها المملكة في مختلف المجالات، والفرص الاستثمارية المتاحة في العديد من القطاعات، والتي تستهدف الوصول إلى اقتصاد مزدهر ومتنوع ومنفتح على فرص التعاون المشترك. وفي هذا الشأن قال وزير المالية محمد الجدعان: "إن هناك فروقات واسعة في تشريعات المؤسسات المتقدمة للإقراض. وأضاف الجدعان خلال جلسة حوارية في منتدى دافوس بعنوان "تنظيم القطاع غير المصرفي"، أن هناك "تشكيلة من أدوات النمو وسط تطور قطاع التكنولوجيا المالية". وقام الجدعان بتعريف ما معنى المؤسسات المالية غير المالية، وهي بحسب تعبيره مؤسسات التي توفر وتبتكر الائتمان. مؤكداً أهمية الاستثمارات للدول ذات الدخل المنخفض لبناء مرونة اقتصادية متكاملة وتعزيز إنتاجيتها من خلال خلق فرص العمل للشباب. ولفت الجدعان إلى ضرورة تقديم العون للدول الأفريقية التي تعاني مشكلات الديون، مبيّناً أنه "يجب أن نأخذ على عاتقنا المسؤولية ونقدم الدعم لها، وللبنوك دور في مساعدتها بهذا الصدد". وذلك للإسهام في إعادة إصلاح بنية هذه الدول. وأوضح الجدعان: "أن الدول الأفريقية تواجه مشكلة أيضاً بأنها تولّد أكثر من 3 ملايين منصب عمل، لافتاً إلى وجود الكثير من الدول الأخرى التي ليست لها قوة عاملة كافية وهذه فرصة للاستفادة من العاملين في أفريقيا. وناقش الجدعان دروس المرونة المالية في أعقاب الصدمات الاقتصادية الأخيرة، ولفت إلى ضرورة عمل الحكومات على الإصلاحات الهيكلية وتعزيز قدرات الاستجابة للصدمات والاستثمارات في الموارد البشرية، إذ إنها أمور أساسية لصمود القدرة المالية والاقتصادية. وأبان أنه بالنسبة إلى الحكومات يجب أن يكون هناك تحضير واستجابة مسبقان لتجنب أي صدمة قادمة، للتمكّن من القدرة على الصمود على المستوى المؤسسي والمالي والتنظيمي وبناء مرونة اقتصادية". وتحدث وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف في جلسة حوارية بمنتدى دافوس الاقتصادي، حول السياسات الصناعية ودورها في تحقيق الأهداف، واستعرض تجربة المملكة والإجراءات التي اتخذتها لإيجاد بيئة استثمارية عادلة بدءاً بتنويع القاعدة الاقتصادية، وتسريع الأتمتة، وتبني تقنيات التصنيع الحديثة، إضافة إلى تنمية القدرات البشرية. وأكد الخريف خلال حديثه في جلسة نظمها جناح السعودية الرقمية في دافوس: "أن المملكة حققت تقدمًا كبيرًا في التحول الرقمي، وذلك من خلال استثمارها في عدد من المشاريع الرقمية الضخمة، والتي ساهمت بدورها في ظهور ابتكارات وطنية جديدة، وخلق فرص عمل عالية المهارات، وتحقيق النمو الاقتصادي السريع". وقال الخريّف إن قرار رفع أسعار اللقيم والوقود الصادر مؤخراً، هو جزء من برنامج أُعلن عنه سابقاً، يتمثّل بتعديل أسعار الطاقة. وعن الإجراءات المتخذة حيال الأسعار أفاد الخريف ان الشق الأول يتعلق برفع الكفاءة في عددٍ من القطاعات التي تستخدم الوقود السائل وعلى رأسها قطاع الإسمنت، حيث نسعى لإزاحة الوقود السائل من الصناعة، لتمكين الصناعة من رفع الكفاءة، وهناك برنامج من وزارة الصناعة بالتعاون مع وزارتي الطاقة والمالية، لمعالجة ذلك واستبدال الوقود السائل ببدائل أبرزها الغاز، لأن الوقود السائل من أقل مصادر الطاقة كفاءةً، وأكثرها آثاراً ضارة كالآثار البيئية الناجمة عن استخدامه، والكميات المستخدمة منه والبالغة نحو مليون برميل يومياً من الممكن استغلالها بالتصدير، أما الشق الآخر والمتعلق بأسعار اللقيم فقال الخريف "إنه على الرغم من رفع الأسعار إلا أن المملكة تعتبر من أفضل الأماكن للصناعات البتروكيماوية"، حيث أن الأسعار دُرست بعناية وتسمح للمستثمرين بالمنافسة عالمياً، وبناء قدرات جديدة، وسيكون هناك برنامج لتحفيز الصناعات التحويلية، حيث تُركّز استراتيجية الصناعة على إيجاد صناعات تحويلية بدلاً من تصدير المواد البتروكيماوية الخام، فالمملكة تُصدّر حالياً 85% من إنتاجها من تلك المواد وترغب بتحويل جزء منه داخلها، وسيُستفاد من تغيرات أسعار اللقيم بتمرير ميزة للصناعة التحويلية. الى ذلك وقّعت المملكة مذكرة تفاهم مع "منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية" لتعزيز التعاون بين الجانبين في العديد من مبادرات تطوير السياسات العامة في قطاعات عدة منها الاقتصادية، والضريبية، والحوكمة المؤسسية، والاستدامة. وجرى توقيع الشراكة الإستراتيجية، ضمن فعاليات الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي 2024 في دافوس بسويسرا، وتعكس نهج المملكة القائم على ابتكار حلول تعتمد على التعاون الدولي متعدد الأطراف، وعلى حرص المملكة على إرساء أطر عمل مؤسسية مشتركة ومتوازنة لترسيخ دعائم الازدهار المستدام. وبموجب مذكرة التفاهم الموقعة، تعزز المملكة ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية التعاون الثنائي في البحث المشترك، وتبادل المعلومات، والبيانات الإحصائية، وتنظيم الاجتماعات والفعاليات، ودعم التوافق مع معايير المنظمة، والذي يتضمن التقييم والتحليلات المقارنة لممارسات السياسات. وتشارك المملكة في تسع لجان تابعة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية وتلتزم بسبعة صكوك قانونية تابعة لها. وسيؤدي هذا التعاون إلى تعميق تعاون المملكة مع المنظمة في مجال السياسات؛ بما في ذلك الحوكمة العامة والسياسة التنظيمية، وتطوير المهارات والتعليم، وحوكمة الشركات والتمويل، وسياسة الاستثمار، ومكافحة الفساد، وتسهيل التجارة. وتؤكد الشراكة على الالتزام بالحوكمة الرشيدة، والنزاهة، والشفافية، والسياسات المبنية على البيانات والمعطيات. وتواصل المملكة تحقيق رؤية المملكة 2030، التي تركز على مفهوم التعاون الدولي لدوره المحوري في تشكيل السياسات الداعمة للنمو الاقتصادي، والتنمية الاجتماعية، والاستدامة البيئية محلياً وعالمياً.