في مقام شحذ الاقتصاد الإبداعي، وأثره الفاعل في تعزيز اقتصاديات الدول، يروم استجلاء الأدوار الراديكالية الفاعلة للتصاميم والفنون في تبصير الإنسان ثقافة الفنون البصرية وتصميم المنتجات بما يتصف مع الهوية الثقافية وذاتية المجتمعات، لتصدير منتجات وأفكار حيوية تجسد واقع المجتمع وتمثل مرأه ازدهار الفنون والتصاميم التي تعظم الاستشعار بعظم الثقافة وفخر الموروث وزهو الماضي. «الاقتصاد الإبداعي» والصناعات الإبداعية ومستهدفات التحول الوطني: بجانب «الاقتصاد الرسمي» يأتي «الاقتصاد الإبداعي» الذي نحته اصطلاحياً عالم الاجتماع الألماني «ثيودور أدورنو» وأطلق عليه «صناعة الثقافة»، أي ميكانيزمات استخدام الصناعة في الكسب وتحقيق الأرباح، كأحد محركات نمو المجتمعات، ومقدمة للحلول لمواجهة التحديات، ليأتي «الاقتصاد الإبداعي» جامعاً بين الموهبة والإبداع والتكنولوجيا والثقافة، لانتهاج نمط اقتصادي فريد، ينوع مصادر الدخل ويدفع معدلات النمو، ويوظف الموهبة والفكر وطاقة الابتكار، والمحرك لاقتصاد السوق، والوثب لمستقبل يافع. ونحو الفارقية بين الاقتصاد الإبداعي والصناعات الإبداعية، فالاقتصاد الإبداعي لا يقتصر على القطاع الصناعي الإبداعي فقط، بل يمتد نحو التأثيرات والمساهمات، بما يعضد دور المعرفة المجتمعية كمحرك إبداعي يدشن الاقتصاد المستدام. لتشمل مجالات «الاقتصاد الإبداعي» التصوير الفوتوغرافي، وتصميم الجرافيك، وتصميم الأزياء، وصناعة الأفلام والهندسة المعمارية والنشر وألعاب الفيديو، والفنون والحرف اليدوية، والبرامج الترفيهية التفاعلية، والنشر، والتأليف، والمتاحف، والمكتبات، والمعارض، والمسرح، والموسيقى، والصناعة السينمائية، وصناعة الرسوم المتحركة، تصميم المنتجات. لتتسم «الصناعات الإبداعية» بالرسوخ وعدم الانهيار أمام الاقتصاديات التنافسية، وتتجلى أهميتها في الحفاظ على هوية المجتمعات، لتأسيسها علي الفكر الصناعي المستدام، كنتاج لتفاعل ثلاثي بين (الإبداع البشري، واستخدام التكنولوجيا، والاستثمار في المعرفة)، حيث تشكل الفنون والثقافة مقوم لجودة الحياة، وحجر الزاوية في برنامج التحول الوطني الطموح للمملكة، وتوفير بيئة تطلق إمكانات الأعمال، لتحقيق كامل التطلعات الثقافية والاقتصادية، ومنح فرص عمل واعدة للسواعد السعودية، توازياً مع الاستثمارات العالمية وجذبها، لدعم وتفعيل عمليات التخطيط الاستراتيجي، والمبادرات الملهمة لتحقيق الأهداف الرئيسة. وفي المملكة تم الانحياز لتعزيز جانب تصميم الهدايا التذكارية والسياحية، وتزويد الزائر بمنتجات تصميميه عبر تكليف المصممين المحترفين، وإجراء المسابقات والفاعليات التنافسية، لاسترداف مجسمات ذات هوية وثقافة سعودية مشبعة بالخصوصية تصدر الوثبات والمكانة الفنية والثقافية وتفرد المملكة وحرصها على تصدير معززات ثقافية ثرية محلياً وعالمياً. «وادي مكة للتقنية» وصناعة الهدايا التذكارية: مع تزايد اهتمامات الدول بصناعه السياحة كقاطرة للتنمية، والمدخول الاقتصادي وتواصلية ثقافية عالمية فاعلة ومقوم رئيس لبناء القدرة وتعزيز الريادة، انطلقت المملكة من مكانتها الدينية وموقعها الجغرافي وقدراتها السياحية وتوازياً مع رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني، لضروريات طرح مقترحات فنية تتسم بالأصالة والمعاصرة، بهدف حفظ التراث الوطني وشحذ قطاع السياحة بمنتجات وهدايا تذكارية تتصف مع الهوية والمعاصرة، وتزويد الحاج والمعتمر والزائر، بهدايا تذكارية لإبراز المملكة كوجهة سياحية تنبض في قلب خارطة السياحة العالمية والتسويق الدولي، انطلاقاً من استلهام العناصر والقيم الجمالية للزخارف التقليدية في منطقه مكةالمكرمة، عبر الارتكال في عملية تصميم المنتج على أسس إنشائية وجمالية واعتبارات فنية ووظيفية واستخدام الخامات الملائمة. لذا فقد جاءت فاعلية تحدي «صناعة الهدايا التذكارية» برعاية معالي رئيس الجامعة أ. د. معدي بن محمد آل مذهب، وبتنظيم شركة وادي مكة ورسالتها نحو الاستثمار في الإنسان والمكان والإنتاج الفكري بما يعزز أدوار بناء مجتمع واقتصاد المعرفة، والشراكة مع معهد الابتكار وريادة الأعمال، ورعاية شركة مطوفي حجاج تركيا وحجاج أوروبا وأميركا وأستراليا، وتعاون مثمر راديكالي مع كلية التصاميم والفنون بجامعة أم القرى، التي تنمي الطلاب معرفياً لبناء الاقتصاد المعرفي، وتقديم برامج أكاديمية في الفن والتصميم ذات جودة عالية، والعمل على اعتمادها أكاديمياً لإثراء الحصيلة المعرفية والإبداعية، وتشجيع الإبداع والتميز في تصميم المنتجات في الفترة من 24-31 ديسمبر 2023م. عبر رحلة ملهمة، دامت خمسة أيام من الإبداع والتألق، وبمجمل مشاركات 350 طلباً متقدماً، 95 مشاركاً، من خلال 9 فرق، و13 فرداً، و5 ورش عمل، تنافس فيها طلبة كلية التصاميم والفنون (الفنون البصرية، تصميم المنتجات، التصميم الجرافيكي) وترجمة أفكارهم إلى هدايا فريدة حداثية، في تحدٍ يجمع المصممين لخلق وتنفيذ أفكار إبداعية كمنتجات وهدايا تذكارية ونوعية، تثري رحلة الحاج والمعتمر، وتعكس الطابع الثقافي في المملكة العربية السعودية، تحت شعارات «عش التحدي»، «اصنع فكرتك»، «صمم لرحلة الحج والمعتمر»، في فاعلية تحدي صناعة الهدايا المبتكرة، «ابتكر هدية للحج والمعتمر وكن جزءاً من رحلتهم في السعودية». وتشكيل نماذج أولية عبر طابعات 3D Print لطرحها على لجان التحكيم ومناقشتهم في بنود أطروحاتهم، لتحكيمها وتبني الشركات الراعية لتنفيذ عدة أفكار عبر خطوط إنتاج التصنيع والتنفيذ الفعلي، ليرى المصمم نتاج تصوراته الفنية وطرحه الحداثي، بما يعكس الدراية التصميمية وعمق الثقافة والفهم والوعي، وجودة مخرجات تعلم المقررات، وقيادة عميدة الكلية، وتعضيد قيمة الفنون، وتأطير طموح المصممين، لتسطير ومضات تصميمية تسهم في إثراء مفهوم تصميم المنتجات، في حراك حيوي ذو قيم مضافة تسطر خصوصية متفردة. * الأستاذ المساعد بكلية التصاميم والفنون - جامعة أم القرى