كان البرازيلي ماريو زاغالو الذي توفي الجمعة عن 92 عاماً ركناً رئيساً في نجاحات البرازيل في كأس العالم لكرة القدم، وساهم في ارتقائها إلى قمة اللعبة إلى جانب جيل من الموهوبين. كان زاغالو اللاعب الوحيد على قيد الحياة من تشكيلة البرازيل التي أحرزت لقبها العالمي الأوّل في 1958 والذي خفّف من آلام سقوطها في المباراة الحاسمة لنهائي 1950 أمام الأوروغواي على أرضها، عندما كانت بحاجة للتعادل كي تحرز اللقب. علّق زاغالو على تلك المناسبة «كنت في ماراكانا خلال تلك الخسارة المصيرية ضد الأوروغواي. كنت جندياً وكانت وظيفتي إبعاد الناس عن أرض الملعب». تابع اللاعب المولود في ماسيو في 9 آب/أغسطس 1931 لعائلة من جذور لبنانية وإيطالية «لن أنسى أبداً الصمت، الحزن وخيبة الأمل من تلك الخسارة». وفيما ظلّت تلك الذكرى حيّة، بذل زاغالو قصارى جهده لتخفيف حدّة الألم، فترك بصمته على أربعة من الألقاب الخمسة القياسية التي أحرزتها البرازيل في كأس العالم. بعد بروزه في صفوف الناشئين خلال خمسينات القرن الماضي، جسّد الجناح الأيسر المزج بين موهبة هجومية وصلابة دفاعية، وجمع بين التقنية المميزة والالتزام القوي. أحرز لقب ولاية ريو دي جانيرو خمس مرات مع فلامنغو وبوتافوغو، واستهل مشواره مع البرازيل بعمر السادسة والعشرين، قبل فترة قصيرة من مونديال السويد 1958، لكنه أصبح عنصراً مهماً وخاض 33 مباراة دولية حتى موعد اعتزاله الدولي في حزيران/يونيو 1964. كان المونديال السويدي محطة انطلاق لأسطورة رائعة بعمر السابعة عشرة: ظهر بيليه على الساحة العالمية وكان نجماً في النهائي أمام السويد 5-2. سجّل زاغالو الهدف الرابع وأهدى بيليه الخامس الأخير في تشكيلة ضمت الرائعين غارينشا وديدي وفافا. بيليه الذي رحل في كانون الأول/ديسمبر 2022، قال في آب/أغسطس 2013، بمناسبة العيد ال82 لزميله السابق «زاغالو بمثابة أخ لي. عندما وصلنا إلى السويد لمونديال 1958، كنت بعمر السابعة عشرة والأصغر سناً في الفريق، فقام زاغالو وزيتو وجيلمار بحمايتي». بعدها بأربع سنوات، خاض زاغالو كل دقائق المونديال، عندما تخطت البرازيل بقيادة غارينشا إصابة بيليه في دور المجموعات، فتحاملت على أوجاعها وتغلبت على تشيكوسلوفاكيا 3-1 في نهائي سانتياغو. بعد اعتزاله، عاد زاغالو إلى عالم المستديرة من بوابة التدريب، فاستلم نادي بوتافوغو وقاده إلى لقبين إضافيين في الولاية، وبعمر الثامنة والثلاثين، ورث زاغالو تشكيلة فائقة الموهبة، تضمنت: بيليه، كارلوس ألبرتو، جايرزينيو وريفيلينو، وقاد الفريق إلى ستة انتصارات في ست مباريات، لتحرز البرازيل لقبها الثالث في أربع نسخ. وعادل إنجازه لاحقاً بإحراز لقب المونديال كلاعب ومدرب كل من الألماني فرانتس بكنباور (1974 و1990) والفرنسي ديدييه ديشان (1998 و2018). بعد سنوات قليلة من اعتزاله اللعب، فرض زاغالو نفسه في مقعد المدرب، كان أول من يعتمد خطة 5-3-2 التي تتحوّل إلى 3-5-2 في المقاطع الهجومية. وصف لحظات مونديال 1970 بأنها «الأعظم في مسيرتي كمدرب». أدى تعطّشه المتواصل للنجاح إلى ألقاب محلية إضافية مع فلوميننسي وفلامنغو، قبل توجهه إلى الكويت حيث أحرز لقب كأس الخليج عام 1976 وبلغ نهائي كأس آسيا حيث خسر بصعوبة أمام إيران 0-1. بعد قيادته الإمارات للتأهل إلى مونديال 1990 وإقالته بعدها بأيام، استُدعي زاغالو إلى منتخب البرازيل كمدير تقني في مونديال الولاياتالمتحدة 1994، رفقة تلميذه كارلوس ألبرتو باريرا، أحرز لقباً عالمياً رابعاً بعد نهائي باهت انتهى بركلات الترجيح ضد إيطاليا، انتهى مشواره نحو لقب خامس بسيناريو دراماتيكي، على وقع نوبات التشنّج والصرع الغامضة التي ضربت المهاجم رونالدو أمام فرنسا (0-3) في نهائي 1998، ضمنت مسيرة زاغالو الناصعة توليه الإشراف مؤقتاً على سيليساو بعد رحيل لويز فيليبي سكولاري إثر اللقب العالمي الخامس في 2002. وفي 2003، كان المشوار الأخير له مع المنتخب كمنسّق تقني قبل مونديال ألمانيا 2006 الذي شهد خروج البرازيل من ربع النهائي أمام فرنسا زيدان أيضاً. قال رونالدو عن الرجل المكنى «البروفسور»: «كان أحد أعظم اللاعبين في جيله، بعد إحرازه لقب كأس العالم أربع مرات، ترك بصمة دامغة في كرة القدم البرازيلية».