ما أجمل أن تسود بَين أفراد المجتمع روح الأُلفة والمَحبة والتسامح، والقيام بالحقوق فيما بينهم ومن أهمها حق الجار، وقد حث ديننا الحنيف على هذا الحق العظيم وأوصانا بضرورة احترام الجار والقيام بحقوقه وعدم إيذائه. وقد جاء في الحديث: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليُحْسن إلى جاره)؛ رواه مسلم. وقال نبينا عليه الصلاة والسلام: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننتُ أَنَه سيورّثه" متفق عليه. وقد نهى الله عز وجل من أذية الجار ومنها النظر إلى محارمه فيما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: أيُّ الذنْبِ أعظم عند الله؟ قال: أن تجعل لله ندًّا وهو خلَقَك، قال: قلتُ له: إن ذلك لعظيم، قال: قلتُ: ثم أيّ؟ قال: ثم أن تقتل ولدَك مخافة أن يَطْعَم معك، قال: قلت: ثم أيّ؟ قال: ثم أن تزانيَ حليلةَ جارِك)؛ رواه مسلم. وجاء أيضاً في صحيح البخاري بأن يكف الأذى عن جاره وأن يَدفع عنه كُلّ ما يُؤذيه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: (أنه قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: هِيَ فِي النَّارِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ فُلانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلاتِهَا وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالأَثْوَارِ مِنَ الأَقِطِ وَلا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: هِيَ فِي الْجَنَّةِ). وجاء في الحديث في صحيح البخاري عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - أنّه قال: (واللهِ لا يؤمنُ، والله لا يؤمنُ، والله لا يؤمنُ، قيل: من يا رسولَ اللهِ؟ قال: الذي لا يأمنُ جارُه بوائقَه قالوا يا رسولَ اللهِ وما بوائقُه؟ قال: شرُّه). ومن الأذية بالجار أيضاً التلصص على جاره بغير إذنه وقد ورد الوعيد من ذلك ففي الحديث: (من اطَّلع في بيتِ قومٍ بغير إذنهم؛ فقد حلَّ لهم أن يفقؤوا عينَه) رواه مسلم. وفي الجانب الآخر لا تستغرب من بعض الناس إذا تمسك بجيرانه الأوفياء ورفض الانتقال من الحي، وقام بتجديد بناء منزله لما رآه من طيب المعشر، وحسن الخلق، وحسن المعاملة من جيرانه، وقيامهم بحقوق الجار كاملة.. وصدق المثل المعروف الذي يقول: (الجار قبل الدار). وفي الختام ما أجمل قول الشافعي: ومن يقض حق الجار بعد ابن عمه وصاحبه الأدنى على القرب والبعد يعش سيدا يستعذب الناس ذكره وإن نابه حق أتوه على قصد