يعرف الاحتيال بأنه القيام بفعل مقصود لتضليل شخص ما طبيعي أو اعتباري للحصول على منفعة عبر إخفاء الحقائق، أو تحريفها أو تزويرها أو سرقتها؛ ويعد الاحتيال المالي أحد أهم أنماط الاحتيال أجمالا وأكثرها شيوعا، ومن صوره تلك التي تقع في بيئة العمل وفيها يكون المحتال موظفا وجهة عمله هي الضحية، ويتشكل هذا النوع غالبا عندما يتلاعب الموظف في المهام والملفات المسندة له، مثلا: لخلق فوضى إدارية أو تأليف أزمة مالية أو هندسة مشكلة تقنية، بغرض الاستيلاء على معلومات سرية أو بيانات حساسة أو مستندات رسمية من جهة عمله والتسويق لاحقا لمهاراته المهنية في حلها بقصد تحقيق مكاسب وظيفية، أو بيعها لطرف ثالث، أو الهروب ومساومة تلك الجهة ماديا مقابل ما تحصل عليه من وثائق مستندية أو أصول فنية تتسم بالسرية. قضايا الاحتيال المالي في بيئة العمل قد تقع في جهة حكومية أو منشأة خاصة، وتلعب نوعية الوظيفة ومدى حساسية المهام، والثقة وأمانة الموظف الموكل له التعامل مع ملفات على درجة من السرية دورا مهما في تشكل وقائعها؛ ولكن المفترض بعد وقوعها يتم إحاطة الجهات المختصة مباشرة بعد إجراء التقييم للوضع داخليا، ولكن الغالب أنه يتم التكتم عليها بحسب حجم المنشأة ومدى تأثيرها ونوعية نشاطها، ولا يتم اللجوء للسلطات المعنية ألا بعد أن تتأزم الأمور وتخرج عن السيطرة ويتسرب الخبر إعلاميا، خصوصا عندما يصحب ذلك الاحتيال المالي ابتزاز لتلك الجهة نتيجة ما تحصل عليه الموظف المحتال من مستندات أو معلومات أو بيانات أو أسرار حساسة، والسبب في ذلك هو رغبة بعض المعنيين عن ذلك بالبعد عن البلبلة والمحافظة على المنصب والسمعة الوظيفية أو التجارية؛ ومن القضايا السابقة نستشهد مثلا بما حصل في جهة حكومية كان يعمل لديها متعاقد في قطاع التقنية والمعلومات، قام بزرع فيروس لشل شبكة المعلومات الداخلية في تلك الجهة، من أجل إبراز قدراته التقنية في حلها، ولكن بعد اكتشاف أن ذلك الموظف هو سببها أنهي عقد عمله وتم تسفيره؛ القضية الأخرى كذلك لمتعاقد يعمل بنفس المسمى الوظيفي السابق في مستشفى خاص، قام بتشفير المعلومات والملفات الطبية، وبعد هروبه خارج الوطن قام بابتزاز المستشفى وطلب فدية مقابل فك ما وضعه من تقييد على ما يملكه المستشفى من معلومات وسجلات طبية. تلك أمثلة منتقاه بتصرف مختصر لربط الموضوع لقضايا يعزى العامل الرئيس في تشكل وقائعها إلى التساهل في عدم الاستعانة بالمواطن فيما يمكن تسميته بالوظائف الحساسة أو المهن الحرجة، والتي من الأساس تم قصر العمل فيها على السعوديين بقرارات صريحة من قبل الجهات الرقابية ذات العلاقة، لكن وهو المؤسف أنه يتم الالتفاف داخل بعض الجهات على ضوابط الاستقدام والتلاعب بمسميات التأشيرات والمهام الوظيفية ومتطلبات الإقامة النظامية، من أجل توظيف وتمكين الأجنبي إما لعدم الثقة في قدرات المواطن، أو وهو الأقرب من أجل الحصول على أيدي عاملة رخيصة؛ ولهذا نقول إن فاتورة مثل هذا النوع من المغامرات باهظة الثمن نظاميا وماديا على أي من كان، ففضلا عن أنها ربما تكلف المنصب الوظيفي، أو السمعة التجارية، فإنها ربما يترتب عليها تقييد لحرية من تسبب في تشكل وقائعها بداية لتبعات تأثيرها على مقومات حماية منظومة المعلومات الوطنية أمنيا واقتصاديا.