مسيرة عطاء خالدة توجها بتسع بطولات تاجها كأس الملك عبدالعزيز أسس مدرسة الهلال الكروية قبل 45 عاماً.. والشلهوب آخر نجومها فقدت الساحة الرياضية عامة والهلالية خاصة أول من أمس –الأربعاء– اسماً براقاً ظل يتوهج في المشهد الرياضي لأكثر من أربعة عقود وارتبط بمنجزات غير مسبوقة ساهم في قيادة ناديه لتحقيقها بعدما قدم الكثير من الدعم والتضحية من أجل إعلاء شأن "الزعيم".. بوفاة الأمير بندر بن محمد بن سعود الكبير -رحمه الله-.. ذلك الاسم الفخم المدون بمداد الفخر في صفحات تاريخ نادي الهلال المضيء في سماء المجد الأزرق والمتوهج في منصات الذهب بما سطره من بطولات لا تضاهى في ساحات الكبار وإنجازات خالدة في ميادين التحدي. خدم الأمير الراحل النادي الذي عشقه منذ نعومه أظفاره ودعمه مادياً ومعنوياً ولم يبخل عليه بشيء في أكثر من موقع على مدى سنوات طويلة كعضو شرف ثم مؤسس وداعم لمدرسة الهلال الكروية ومشرفاً على الفئات السنية ثم رئيساً لمجلس إدارته وانتهاء برئاسة هيئة أعضاء شرف ناديه قبل أن يقعده المرض الذي عانى منه في السنوات السبع الماضية -رحمه الله-. وإذا كان لكل رئيس هلالي بصمة فإن للأمير بندر بن محمد بصمات عديدة حفرها تاريخ "ثاني أندية العالم" في ذاكرة الزمن. وكم كان هذا النادي محظوظاً بهذه الشخصية الإدارية المحنكة والقيادية الفذة التي ساهمت في دفع عجلة التقدم لمسيرة الكرة الهلالية. ويعد "الرئيس الألماسي" بندر بن محمد إحدى أبرز الشخصيات الهلالية في المشهد الرياضي وحتى في المشهد الفروسي إذ كان الشخصية الرياضية الفروسية الوحيدة المتفردة بالتتويج بكؤوس في ميادين الخيل لبطولات الإسطبل الأزرق مع شقيقه الأكبر (سلطان الميادين) الأمير سلطان بن محمد بن سعود الكبير -شفاه الله-.. وفي الوقت ذاته كان الأمير بندر يصعد منصات البطولات الكروية الهلالية في صورة نادرة الحدوث بتاريخ الحركة الرياضية السعودية. التاريخ ينصف الأمير بندر لقد أنصف التاريخ الرياضي الأمير بندر بن محمد -رحمه الله- بإنجازات غير مسبوقة قاد الهلال لتحقيقها خلال فترة رئاسته التي بلغت أربع سنوات (1996- 2000م) حصد فيها تسع بطولات خالدة في تاريخ ناديه، وهو بذلك يعد أول رئيس يتوج بتسعة ألقاب في غضون أربع سنوات. وعندما تولى رئاسة مجلس إدارة ناديه كان عمر الهلال 40 عاماً ورصيده من البطولات 23 لقباً بينها تسع بطولات للأمير عبدالله بن سعد -رحمه الله- في فترتين رئاسيتين له خلال 11 عاماً. وحين ترجل الأمير بندر عن كرسي الرئاسة كان التاريخ الأزرق يتغنى ب32 بطولة. ففي موسمه الأول كسب كأس الكؤوس الآسيوية لعام 1996م، ثم أتبعه في الموسم التالي بكأس السوبر الآسيوي 1997م، وعززه بإحرازه كأس دوري خادم الحرمين الشريفين، تلاه كأس الأمير فيصل بن فهد عام 1999م، إضافة إلى كأس بطولة الصداقة الدولية في أبها 1999م بمشاركة أندية عربية، وتوج الهلال بكأسها عقب فوزه على الأهلي المصري في المباراة النهائية. كأس الملك عبدالعزيز فخر بندر استمر تفوق الهلال في الموسم الأخير لرئاسة الأمير بندر عام 2000م بنجاحه في إضافة أربع بطولات رفعت رصيده إلى تسع بطولات أبرزها على الإطلاق كأس –المؤسس– الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- الذي تسلمه الأمير بندر من يد الملك فهد -رحمه الله-، ثم توالت الأفراح الزرقاء بنجاح الفريق الأزرق في انتزاع بطولة دوري أبطال آسيا 2000م، ثم تحقيق كأس ولي العهد، واختتم الأمير بندر مشواره البطولي بإحراز كأس الكؤوس العربية 2000م. أسس المدرسة قبل 45 عاماً قبل تلك الإنجازات الخالدة للرئيس الألماسي بندر بن محمد نقول: بدأت فصول علاقة الرمز الكبير مع عشقه الأزرق بارتباطه العملي مع نادي الهلال قبل 45 عاماً عقب توليه مسؤولية الإشراف على الفئات السنية الهلالية من خلال المدرسة الكروية التي أسسها في النادي عام 1400ه 1980م كأول مدرسة كروية في تاريخ الكرة السعودية، وتولى دعمها بمدربين عالميين متخصصين في الفئات السنية أمثال اليوغسلافي بروشتش والإسباني كوبالا والمصري طه الطوخي -رحمه الله-. دعم المدرسة بمدربين عالميين عاشت المراحل السنية الهلالية بفضل تلك الأسماء التدريبية الرنانة وهجاً فنياً عالياً وحضوراً مطرزاً بالبطولات وتميزت المدرسة بنتاجها الغني بمواهبها وبالتالي استطاعت احتكار بطولات المملكة فضلاً عن صناعة النجوم المميزين أمثال يوسف الثنيان وسامي الجابر وحسين الحبشي وخالد التيماوي والثلاثي صفوق ومحمد ونواف التمياط إضافة إلى فيصل أبو اثنين وعبدالرحمن التخيفي وسعد مبارك ومحمد الشلهوب وغيرهم. فكر إداري وخبرة قيادية لقد نجح بندر بن محمد بفكره المستنير وخبرته القيادية وحكمته الإدارية في صناعة وتقديم أجيال من اللاعبين خدموا الكرة السعودية من خلال المنتخبات والبيت الهلالي لأعوام عديدة وقفزت ببطولاته إلى رقم غير مسبوق. إذ كان رصيد فريق الهلال الأول من البطولات عند افتتاح مدرسته الكروية ست بطولات فقط، واليوم يزدان تاريخه ب66 بطولة بفضل الله ثم بالأجيال المتلاحقة من النجوم الذين تخرجوا من المدرسة وخدموا الفريق الأول وكان آخرهم الأسطورة محمد الشلهوب ببطولاته القياسية غير المسبوقة التي وصلت 33 لقباً. صناعة النجوم أهم من النتائج الوقتية وفي مقابله أجريتها مع سموه نشرتها (جريدة الرياض) عام 1407ه - 1987م قال الأمير بندر - رحمه الله- : «هدفنا من التعاقد مع كوبالا وقبله بروشتش والطوخي تطوير الجهاز التدريبي للمدرسة نحو الأفضل وسياستنا طويلة المدى لا تبنى على نتائج وقتية وإنما تهدف إلى إيجاد اللاعب الكفء قبل البحث عن النتائج الوقتية». وذات مرة حين وصل ناشئوا وشباب الهلال من خريجي المدرسة إلى المباراة النهائية على بطولة المملكة قال الأمير الراحل: «نحن في نادي الهلال نخطط لمستقبل الأزرق ونسعى بكل ما أوتينا بإمكانات لإيجاد قاعدة متينة تخدمه في الأعوام المقبلة، ومن هذا المنطلق بدأنا التخطيط، وها هي أولى بوادر النتائج الإيجابية تتضح للعيان، ففي 24 ساعة فقط وصل الفريقان لنهائي بطولة المملكة، مما يعني أن الهلال يملك قاعدة صلبة أرجو أن تخدمه في السنوات القادمة». مسيرة عطاء خالدة وبعد 34 عاماً من الارتباط العملي بنادي الهلال وتحديداً في أواخر عام 2014م أعلن الرئيس الألماسي وكبير الهلاليين الأمير بندر بن محمد استقالته من رئاسة هيئة أعضاء الشرف لناديه وقرر التنحي عن مهمة الإشراف على الفئات السنية بعد مسيرة حافلة بالعطاء المثمر والإنجازات الخالدة، وقال في خطاب استقالته: «سأظل عضواً محباً وعاشقاً وداعماً لهذا النادي من أي موقع». رحم الله بندر بن محمد رحم الله الأمير الشهم و»الرئيس الهلالي الألماسي» بندر بن محمد بن سعود الكبير وغفر له وجعل جنة الفردوس داره و قراره، وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان. متوجاً بكأس إحدى بطولات الهلال مع النجمين يوسف الثنيان وسامي الجابر الأمير بندر في احتفالية فوزه بكأس مع فرسه (الخرعاء) بالملز 1409ه في إحدى المناسبات الهلالية مع الأمير هذلول بن عبدالعزيز -رحمه الله- والأمير سعود بن تركي بندر بن محمد -رحمه الله- 1407ه الأمير بندر منتشياً في إحدى بطولات الهلال وبجانبه الأمير عبدالله بن مساعد الفقيد في بداية مرضه 2017م على كرسي متحرك مع إداري الهلال السابق فهد المليفي الرئيس الهلالي الألماسي مع نجله الأكبر الأمير محمد بن بندر الصورة الخالدة للأمير بندر بن محمد وهو يقدم كأس المؤسس هدية لمؤسس الهلال في المستشفى -رحمهما الله- عام 2000م