يجب ألا يسمح العالم لإسرائيل بالإفلات من العقاب موقف أميركا وأوروبا مؤسف تجاه غزة أكد السفير الفلسطيني لدى المملكة باسم الأغا، أن موقف المملكة العربية السعودية المشرف بشأن الحرب التي تشهدها غزة، لا يمكن إنكاره أو حتى المزايدة عليه، وأن الرياض احتضنت قمتين عربية وإسلامية، صدر عنها عدد من القرارات، وتشكيل لجان ومواقف سياسية تساند الشعب الفلسطيني، لوقف هذه الإبادة الممنهجة. وقال الأغا: شعبنا لن يرحل، وسيبقى على أرضه، مشددا على ضرورة قيام مجلس الأمن بمسؤوليته في حماية الشعب الفلسطيني. وأضاف: إن دوامة العنف تتجدد كل يوم، بسبب غياب العدالة الدولية والحقوق المشروعة لشعبنا الأعزل، وأن الأمن والسلام لن يتحقق بدون حل الدولتين، مثمناً الجهود الإغاثية السعودية، المتمثلة في مركز الملك سلمان للإغاثة، بصفته مركزاً رائداً في دعم الفئات المتضررة من الأزمات والكوارث حول العالم. «الرياض» أجرت حواراً مع السفير الفلسطيني في الرياض، على خلفية الأحداث الدامية التي تشهدها غزة هذه الفترة، ونص الحوار كالتالي: * كيف تنظرون إلى الدور السعودي في دعم القضية الفلسطينية، وخصوصًا بعد الأحداث المؤلمة التي شهدتها غزة؟ o مواقف المملكة العربية السعودية مواقف راسخة وثابتة، ودون ابتزاز أو مزايدات، ولعل من أهم خصائص الدور السعودي في دعم القضية الفلسطينية، أنه يتسم بالاستمرارية والثبات، وذلك عبر ما يقارب قرن من الزمان، لم يتراجع فيه هذا الدور ولم يتوقف، فقد ظلت المملكة تدعم القضية والشعب الفلسطيني في نضاله، منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز - يرحمه الله - والأبناء البررة من بعده، متوجين بالملك سلمان وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان - حفظهم الله - وكلٌ له مآثره ومواقفه تجاه فلسطين، قضيةً وشعب، وكذلك القدس تحديدًا، منذ اندلاع ثورة البراق عام 1929 وحتى الآن. المملكة كعادتها، وعلى إثر كل اعتداء صهيوني على أبناء الشعب الفلسطيني، انبرت في الوقوف إلى جانب الشعب، موظفة إمكاناتها الإعلامية وقنواتها السياسية والدبلوماسية، ولقاءات وتصريحات مسؤوليها، ومواقفها عبر المنظمات الإقليمية والدولية، بما في ذلك الجامعة العربية والأممالمتحدة، ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي، في دعم الشعب الفلسطيني، وآخرها في غزة، لمواجهة هذه الحرب الشرسة، التي شنتها إسرائيل، جوًا وبحرًا وبرًا. وكذلك ما يمارسه جيش الاحتلال والمستوطنين في الضفة الغربيةوالقدس، من اقتحامات للمدن، والاستيطان والاعتقالات والاغتيالات، وحرق الأطفال ونسف البيوت، وقد أجرى سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، اجتماعات واتصالات عديدة مع قادة وزعماء العالم، لحثهم على بذل الجهود لوقف العدوان، الذي يتعرض له قطاع غزة، والذي تسبب في استشهاد آلاف القتلى والجرحى، منهم أكثر من ستة آلاف طفل، وانهيار قرابة 60% من مباني غزة، وعشرات المدارس ودور العبادة والمستشفيات، إضافة إلى منع الطعام والماء والوقود والأدوية، واستهداف البنية التحتية، وسيارات الإسعاف والطواقم الصحية. كما يؤكد الموقف السعودي، من خلال تصريحات سمو وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، وجولاته مع وزراء الخارجية العرب والمسلمين، وهم يجوبون العالم، للوقوف وبفاعلية مع القضية العربية، مع فلسطين وأهلها، نصره في مواجهة الظلم والقهر والعدوان والقتل ضد هذا المحتل، بكل السبل، ومنها المؤتمرات الصحفية، ومن خلال مندوب المملكة الدائم في الأممالمتحدة، ومجلس حقوق الإنسان في جنيف، وفي اجتماعات مجلس الوزراء وغيرها. أن تلبية دعوة السيد الرئيس محمود عباس، لعقد قمة عربية استثنائية لبحث الأوضاع الحرجة في غزة، حضي بتجاوب سريع ومباشر من المملكة، في مواجهة العدوان وتلك الحرب الشعواء على شعبنا. وقد وصل الموقف السعودي إلى ذروته، في إطلاق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي العهد، حملة شعبية عبر منصة "ساهم" التابعة لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، لإغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، كما أن دعوة المملكة لعقد القمة العربية - الإسلامية الاستثنائية في الرياض في 11 /11 /2023 كان تتويجًا للجهود السعودية، المبذولة من أجل دعم القضية الفلسطينية، وإسماع العالم الصوت العربي والإسلامي، الذي يرفض بشكل قاطع استمرار العدوان والاحتلال، وكفى انتهاك لكل المواثيق الدولية، فمن حق الشعب الفلسطيني أن يعيش على أرضه بحرية وكرامة. ومع بداية العدوان، أخذت المملكة قراراً بتدشين جسر جوي وبحري، لا مداد الشعب الفلسطيني وترسيخ صموده، وتولى هذا الدور الرائد مركز الملك سلمان للإغاثة بجنوده الأبطال، وعلى رأسهم د. عبدالله الربيعة. كما يؤكد الرئيس محمود عباس، أن ثقتنا بالملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وبالشعب السعودي النبيل، ثقة كبيرة وعالية، وستبقى المملكة بقيادتها وشعبها، قلعة الدفاع عن فلسطين وقضايا العرب والمسلمين. فمواقف هذه البلاد مواقف خالدة، منذ عهد المؤسس، وفي كل المنعطفات التاريخية، كنا نجد المملكة تقف وبكل وضوح وثبات مع فلسطين وشعبها، وكما يؤكد دائماً الملك سلمان وسمو ولي العهد، للسيد الرئيس محمود عباس، "نحن سند فلسطين ولستم وحدكم". والجميع يتذكر عندما أعلن الرئيس الأميركي السابق ترمب، أن القدس عاصمة دولة الاحتلال، وإنهاء حق اللاجئين بالعودة للوطن، وإذ بالملك سلمان يعلن في قمة للقادة العرب، وتسمية قمة الظهران بقمة القدس، والتبرع للقدس وللاونوروا، ليقول ويعلن للعالم أن القدس عاصمة فلسطين، وأن حق اللاجئين في العودة أمر لا نقاش فيه، وستبقى تلك المواقف في أعلى مقامات الذاكرة الفلسطينية. * الرياض شهدت انعقاد القمة العربية الإسلامية قبل أيام.. ما دلالات تلك القمة على صعيد التطورات الأخيرة في فلسطين، وأبرز الرسائل التي حملتها وكيف نظرتم إلى بيانها الختامي؟ o انطوت تلك القمة على أهمية كبرى، فهي المرة الأولى التي تعقد فيها قمة عربية - إسلامية مشتركة؛ حيث نجحت الرياض في جمع قادة وزعماء العالمين العربي والإسلامي تحت سقف واحد. وربما أنها المرة الأولى التي تتوحد فيها الآراء والمواقف والتوجهات، من قبل زعماء الأمة العربية والإسلامية مجتمعين، وتوحدهم حول هدف واحد، هو الانتصار لقضية العرب والمسلمين المركزية، وتوجيه إدانة قوية للمعتدي الإسرائيلي، عبر رسالة واضحة المعاني، وجهتها القمة للعالم كله، ولدولة المحتل الإسرائيلي بشكل خاص، بأنه لا يمكن أن يحل الأمن والسلام في المنطقة وفي العالم، دون التوصل إلى حل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية، على أساس القرارات والمرجعيات الدولية، وفي مقدمتها حل الدولتين والمبادرة العربية للسلام، وهو ما أكد عليه سمو ولي العهد رئيس القمة بقوله: "السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة هو إنهاء الاحتلال والحصار والاستيطان، وحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة بحدود 67 وعاصمتها القدسالشرقية"، وهو ما تضمنه أيضا البيان الختامي للقمة، بالقول: "إن السلام العادل والدائم والشامل" هو السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة". إن قراءة متأنية ومتعمقة للبيان الختامي للقمة، يؤكد على أن تلك القمة تعتبر الأكثر أهمية في تاريخ القمم العربية والإسلامية، لما حققته من هدف إحياء القضية الفلسطينية وتفعيلها، وأهمية التوصل إلى حل لها، عبر مفاوضات جادة، لا سبيل فيها للمراوغات الإسرائيلية، إلى جانب الرسالة التي حملتها للشعب الفلسطيني في غزةوالضفة الغربيةوالقدس، بوقوف الأمة العربية والإسلامية بجانبهم دعمًا وتأييدًا ومساندة. ومما يلفت النظر أيضًا في البيان الختامي، قرار ترأس سمو الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية بالمملكة، لجنة تقوم بالتواصل مع دول العالم، وتقوم بزيارات رسمية تشمل عددًا من الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن؛ وذلك بهدف الوقف الفوري لإطلاق النار على قطاع غزة، والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة وحقيقية، لتحقيق سلام دائم وشامل وفق المرجعيات الدولية المعتمدة. وتأكيد القمة، أن منظمة التحرير الفلسطينية، ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني، رداً على كل محاولات الوصاية على شعبنا، ومحاولات فرض قيادات وأشخاص عليه. الشعب الفلسطيني، هو صاحب القول الفصل في شؤونه الداخلية، وهو يرفض الإملاءات عليه، ويدرك إن الخيار الامثل له هو الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، ولتفهم دولة الاحتلال والأمريكيين والأوروبين وغيرهم، أن الشعب الفلسطيني قادر أن يختار قيادته، بانتخابات حرة ونزيهة، في القدسوالضفة الغربية وقطاع غزة. وهذا ما دعا له السيد الرئيس محمود عباس، في كلمته امام القمة العربية الاسلامية المشتركة، لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ومجلس وطني، بعد تلاشي غبار حرب الإبادة، حرب التطهير العرقي في غزة. هل يعرف هذا العالم أن هناك شهداء أسرى في مقابر الأرقام وفي الثلاجات منهم من قضى 30 عاماً؟ وعدد أولئك الشهداء يزيد عن 270 شهيداً، وترفض دولة الاحتلال تسليمهم لأهاليهم، بمبرر أنه لا يُسلم لأهله إلا عندما تنتهى مُدة محكوميته في القبر والثلاجة!! * في ظل تردي الأوضاع الإنسانية والمعيشية للمواطن الفلسطيني، وحالة الانقسام بين الفصائل.. إلى أين وصل ملف المصالحة؟ وهل هناك أمل لعودة الصف الداخلي الفلسطيني موحدًا؟ * تردي الأوضاع الإنسانية والمعيشية للمواطن الفلسطيني، هو نتيجة طبيعية للاحتلال، والحصار، وسياسة التجويع التي تنتهجها سلطات الاحتلال، أما حالة الانقسام، فإنه ينظر الآن إلى المشهد الفلسطيني في غزة على أنه لابد وأن يؤدي إلى تغير الوضع الفلسطيني الراهن سياسيًا. قطاع غزة عاش حصاراً ظالماً لسبعة عشر عاماً، حصار بري وبحري وجوي، أي ظلم وقهر هذا؟ والضفة الغربية بها من المستوطنات والحواجز العسكرية المئات، واقتحامات وقتل وحرق للأطفال، ونسف للبيوت واعتقالات، ثم يأتي من يقول بضعف السلطة، ولماذا السلطة لا تقوم بكذا وكذا.... عمومًا، العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة الآن، وحد مشاعر ومواقف الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والقدس، وعلى امتداد التراب الفلسطيني، حيث إنه من أهم إيجابيات صمود أهالي القطاع، عودة اللحمة للوحدة الوطنية الفلسطينية، وهو ما يتمثل بشكل واضح في المقاومة، التي يبديها أبناء الضفة الغربية في مواجهة الاجتياحات اليومية للجيش الإسرائيلي والمستوطنين، لمدن ومخيمات الضفة. وأيضاً المواجهات المستمرة دفاعاً عن المسجد الاقصى الشريف، وفي مواجهة تهويد القدس، وكذلك الإعلان عن مخططات دولة الاحتلال، عن الانفاق والحفريات تحت المسجد الأقصى، ووضع المواد الكيميائية على أساساته لكي ينهار، ومن ثم يُعلن أن الانهيار طبيعي، لكيلا يُحدث ذلك اي دور وردود أفعال عربية وإسلامية. * ما هو مشروع إسرائيل في غزة.. وهل هناك مخطط لم يعلن عنه بعد يستهدف الضفة الغربية؟ * تهدف إسرائيل من عدوانها الحالي على غزة بالدرجة الأولى، إلى القضاء على الشعب الفلسطيني بالتهجير القصري، والقتل والتشريد والترويع، إلى جانب ما تدعيه وتكرره دوما في وسائلها الإعلامية، من تحرير لمن تسميهم "المخطوفين" من جنودها، وهي تعتقد أن في وسعها تحقيق هذين الهدفين، من خلال قصفها المتواصل للمدنيين في القطاع. وقد عبر نتنياهو عن رؤيته للأراضي الفلسطينية عبر "خريطته" التي عرضها في الأممالمتحدة في سبتمبر الماضي، والتي ألغى فيها اسم فلسطين نهائيًا، جاعلاً أرض فلسطين التاريخية كلها إسرائيل، حيث طغى اللون الأزرق، الذي يحمل كلمة إسرائيل، على خريطة الضفة الغربيةالمحتلة كاملةً، بما فيها قطاع غزة. دولة الاحتلال، تُركز على التهجير القصري الى سيناء، تنفيذاً لمشروع الجنرال ايلاند، بإقامة الكيان الفلسطيني في سيناء، وبأي تسمية، المهم تجميع الفلسطينيين في سيناء، وإنهاء القضية الفلسطينية بهذا التجمع، وهنا سنجد كرم هذا العالم الذي يسمى العالم الحر، بضخ الاموال لإنهاء قضية فلسطين، هكذا يتراءى لهم أو هكذا يحلمون، سواء الإدارات الأمريكية أو تلك الدول التي تتشدق أو تتغنى بحقوق الإنسان، وحقوق الطفل والمرأة. لقد انتفض الغرب يوم السابع من أكتوبر أسرع من الصوت، بتقديم كل من أنواع الدعم سلاحاً ومالاً وخبراء عسكرين، ولم يحركوا ساكناً للمجازر التي نفذها الاحتلال في فلسطين والمنطقة العربية على مدى عقود طويلة، مجزرة مدرسة بحر البقر في مصر، قانا الأولى والثانية، مجزرة جنين والدوايمة وخان يونس، ونحالين ونابلس وقبيه، وطول كرم والخليل، والقائمة تطول، وكل هذا لم يحرك لديهم ساكناً، هؤلاء مدعي الإنسانية والديمقراطية، وحاملي لواء الحرية، تباً لتلك الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان التي صنعوها. ولكنني أقول، هم السبب في كل ما حدث سابقاً، وما سيحدث لاحقاً، ان لم يكن هناك حلاً سياسياً بالشرعية الدولية، وبمبادرة السلام العربية، والقانون الدولي، ولو تدارك هؤلاء الوضع، لما وجدت لا فصائل ولا غيرها، ولكانت سياسية تنمية الوطن والحياة الكريمة للشعب ولأطفاله هي الحاضرة. هؤلاء، الذين جعلوا من إسطوانة السابع من أكتوبر معزوفة لتبرير العدوان، ودعمهم الامشروط لدولة الاحتلال، ولكن الأماني مهما تأجلت سيأتي فجرها لتشرق، والأمل أقوى من الاحتلال، والواجب يقتضي دائماً أن نذكر ونتذكر الأسرى في سجون الاحتلال، الذين يعانون مر المعاناة، من حرمانهم من أبسط حقوقهم، ويمارس عليهم التعذيب اليومي، والحرمان من الأكل والشمس والهواء، ولكن هذه هي طبيعة المحتل. أما بالنسبة للضفة الغربية، فالمخطط لها أيضاً بالتهجير القصري في اتجاه الأردن، فكم من مرة أعلن القادة الصهاينة، أن الأردن هي الوطن البديل، وتصدى لذلك الشعب الفلسطيني ممثلاً بقيادته وبمنظمة التحرير، وأنه لا للوطن البديل، ولا للتوطين والدمج. وكذلك الموقف السعودي الواضح والصريح والموقف المصري والأردني، والعمق العربي في مواجهة هذا المخطط. * ماذا يقصد الإسرائيليون عندما يرددون شعار (إعادة تشكيل المنطقة)؟ * هذا الشعار ليس جديدًا، ولا ينسب إلى إسرائيل فقط، وهو يعكس موقف يعول عليه الغرب، ويسعى إلى تحقيقه كشكل من أشكال الاستعمار الجديد، في إطار وثيقة كامبل بنرمان و"سايكس - بيكو" جديدة، للسيطرة على المنطقة، وعندما تردد إسرائيل هذا الشعار، فهي تقصد من ورائه "إعادة تشكيل المنطقة لتكون كلها تحت سيطرتها". * هل ستعود غزة لما كانت قبل 7 أكتوبر، أما أن الاحتلال بدأ في تنفيذ الوطن البديل؟ * ليست هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل غزة، من خلال القصف الهمجي وهدم البيوت والمدارس والمستشفيات والمساجد، ولكنها هذه المرة هي الأكثر شراسة، لقد تناست دولة الاحتلال سبعة عقود ويزيد من المذابح والمجازر، التي ظلت دولة الاحتلال ترتكبها في حق الفلسطينيين. معركة غزة، معركة مصير بالنسبة لشعبنا، ومعركة فاصلة في تاريخ النضال الفلسطيني، وستنهض غزة هاشم من الركام، كطائر الفينق، رافعة رأسها المكلل بغار النصر إن شاء الله، صبراً وثبات، كما الضفة الغربيةوالقدس وعلى امتداد الوطن. وهذا السلوك مارسته من قبل تجاهنا الدولة الاستعمارية البريطانية ضد الشعب الفلسطيني، إلى أن سلمت فلسطين للصهاينة. * ماهو الحل برأيك لقضية القدس، لاسيما مع واقعها المرير الذي تعيشه منذ عقود، وتفريغها من ساكنيها؟ * ليس بوسعنا وضع حلول جديدة لقضية القدس، فالحل موجود في قرارات الأممالمتحدة، وفي كافة المرجعيات الدولية والعربية الخاصة بتلك القضية بما في ذلك المبادرة العربية للسلام. ولابد من الأخذ في الاعتبار أن كافة قرارات الأممالمتحدة الخاصة بالقدس، تنص على أنها أرض عربية محتلة منذ حرب يونيو 1967. * في جميع قمم الجامعة العربية نجد القضية الفلسطينية حاضرة.. كيف تنظرون إلى دور الجامعة في مستقبل هذه القضية؟ * القضية الفلسطينية بقيت باستمرار تتصدر أعمال الجامعة العربية، وبالتالي القمم العربية باعتبارها الهيئة الأعلى في مجالس الجامعة، ومختلف مستويات مجالس الجامعة، تعبر وتجسد أهمية ومكانة القضية الفلسطينية بالنسبة للأمة العربية، كقضية مركزية للأمة، وتحظى بأولوية الاهتمام والمتابعة والدعم، رغم كل التحديات المحدقة بالأمة العربية، فرغم كل ما تواجه دولنا العربية من تحديات حقيقة جسيمة، إلا أن القضية الفلسطينية بقيت باستمرار تتصدر جدول أعمال أولويات هذه الدول، وعادة ما يتم تكريس ذلك في القمم العربية المتتالية، التي كان آخرها قمة جدة، ومؤخراً القمة الطارئة المشتركة العربية الإسلامية المنعقدة بالرياض، برئاسة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، هذه القمة أيضا مخصصة للقضية الفلسطينية، خرجت بقرارات هامة ومتعددة الاتجاهات، في دعم وحماية وإسناد القضية الفلسطينية، بدءاً من إعادة تأكيد وتجديد الاسس التي تتعامل معها الأمة العربية والإسلامية مع القضية الفلسطينية كقضية مركزية، وثوابت هذه الأمة بشأن فلسطين، ثم بما ركزت عليه من قضايا أخرى، تتعلق بهذا العدوان، وحرب الإبادة التي تشنها إسرائيل قتلاً وتدميراً في قطاع غزة، منذ ما يزيد عن شهرين، ثم لوضع آليات للضغط لوقف الحرب، من خلال تحرك الوفد الوزاري العربي، الذي يجوب عواصم العالم برئاسة المملكة العربية السعودية رئيسة القمة، ثم لفتح قنوات الدعم والإسناد الإغاثية للأهل في غزة، مروراً بمتطلبات مواجهة هذا الإجرام، وإسناد الشعب الفلسطيني في المجالات السياسية والدبلوماسية والإعلامية والقانونية. إن قرارات القمة ومخرجاتها كانت تعبر عن محصلة المواقف المشتركة ل57 دولة عربية وإسلامية، وهو مواجهة العدوان الإسرائيلي، والجرائم التي ترتكب بحق شعبنا ستظل محل اهتمام و متابعة لوضع حد لها، ومسائلة سلطات الاحتلال الاسرائيلي عن تلك الجرائم، من خلال الآليات القانونية، التي اعتمدتها القمة الطارئة، كذلك التصدي لكل المحاولات والمخططات والمشاريع، التي يتحدثون بها عن مستقبل غزة، لما يمهد لمحاولات التهجير واقتلاع وتدمير لكل مقومات الحياة في القطاع، ثم محاولات تمرير بعض المشاريع تتعلق بهذا الامر، من تجاوز لإرادة الشعب الفلسطيني، ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية، بالعديد من المخططات و المشاريع التي لا يتوقف أمرها فقط على حدود قطاع غزة، وإنما تمتد إلى الضفة الغربية بما فيها القدس، وقد وضعت القمة أيضا الأسس التي سيبقى التعامل معها راسخاً، فيما يتعلق بقطاع غزةوالضفة الغربية، والتأكيد على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وهي الناطق باسم هذا الشعب، وهي قيادته التي تحظى بالشرعية الدستورية، وأن غزةوالضفة الغربية وحدة واحدة، وأن غزة لم تكن يوماً خارج إطار السلطة الوطنية الفلسطينية، وبالتالي هذا رد مباشر على مشاريع التهجير، وفصل غزة عن الضفة الغربية، وكذلك الإطاحة بالعناصر السيادية للشعب الفلسطيني، وما أنجزه خلال نضاله العادل، وصولاً لهدف إنهاء الاحتلال، وتجسيد إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، هذا الهدف سيبقى يحظى بكل قوة وإجماع وتبنى، ودعم وإسناد من قبل القمم والدول والشعوب العربية، حتى تنعم هذه المنطقة بالأمن والاستقرار والسلم والازدهار. * مجلس الأمن كان دائمًا للأسف محاطا باستخدام أمريكا لحق الفيتو، كيف تنظرون إلى الانحياز الأمريكي والأوروبي من معاناة الشعب الفلسطيني، خاصة وأنها السبيل الوحيد للضغط على حكومة الاحتلال؟ * قرارات مجلس الأمن مؤشر لمدى هيمنة الإدارة الأمريكية والدول الغربية، وهي تشكل أغلبية أعضاء المجلس، وهذا يؤكد على عجز المجلس عن القيام بدوره وممارسة اختصاصه، وكذلك في عجزه عن تنفيذ القرارات التي يتخذها بشأن الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية، وهذا ما ترك أثراً بتطور هذا الصراع، بغياب إمكانيات تحقيق السلام العادل المنصف، الذي يلبي حقوق الشعب الفلسطيني، ويضع حداً لهذه المظلمة التاريخية، التي يواجها الشعب الفلسطيني، الأمر الذي انعكس كذلك على حالة الأمن والاستقرار في المنطقة، وهو السلام الذي لا يتحقق ما لم ينعم به الشعب الفلسطيني، وغياب هذا السلام يشكل تهديداً لحالة الأمن والاستقرار، وهذا ما نرى نتائجه اليوم، ويعيشه المجتمع الدولي، يراه على البث الحي المباشر من حرب إبادة شاملة، في ظل حالة عجز المجتمع الدولي، ممثلاً بمجلس الأمن، وأمام مظلة الحماية التي توفرها الإدارة الأميركية لهذا العدوان. أعتقد أن الأمر لا يتعلق فقط بآثار ونتائج غياب تحقيق السلام ومعايير العدالة، وضرورة قيام مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته، وممارسة اختصاصه في المنطقة، إنما بات يتعلق بنظام الأمن الجماعي للنظام الدولي العالمي، وضرورة تصويب هذا النظام، بما يضمن تحقيق وتطبيق قواعد القانون دون إنتقائية، وبالمعايير المزدوجة التي نراها اليوم. آن الأون لوضع حد لهذا الخلل في النظام الدولي، الناجم عن هذا الانحياز الغربي، آن الآوان لتوحيد المعاير والعمل لأجل إشاعة السلام والعدل في العالم، بمعيار واحد ينطبق على الجميع، وفق قواعد القانون، هذا ما يمثل تحدياً أمام المجتمع الدولي بأسره، وليس فقط إزاء القضية الفلسطينية والقضايا العربية. . عودة الفلسطينيين يختصرها مفتاح صور الشهداء السعوديين في فلسطين في حرب 1948