يوم الأربعاء 6\12\2023 عقد وزير المالية السعودي معالي محمد الجدعان مؤتمراً صحفياً عن ميزانية الدولة للعام المقبل 2024، التي أقرها مجلس الوزراء السعودي، سيدي سمو ولي العهد -يحفظه الله- أكد في تصريح له حول هذه الميزانية، أن الهدف منها هو تعزيز النمو في الاقتصاد السعودي، وهو الهدف الرئيس الذي وضعه نصب عينيه منذ توليه مهامه وحمله الأمانة، وهذا الهدف يلزم بالضرورة على زيادة الإنفاق على مشاريع البنية التحتية والصناعات والخدمات المحلية، وزيادة معدلات الاستثمار في الاقتصاد المحلي، سواء زيادة مساحة المستثمرين السعوديين أو المزيد من الاستقطابات لرؤوس الأموال الأجنبية، وأكد سموه على أهمية تعزيز احتياطيات الحكومة النقدية والمحافظة على مستويات مستدامة من إجمالي الدين العام. وزير المالية والذي صرح بدوره أن اقتصاد السعودية يمر بمرحلة متميزة وفق مستهدفات الرؤية، مؤكداً على أن متوسط نمو الاقتصاد غير النفطي سيكون بحدود 6 % حتى عام 2030، بحيث نستطيع قراءة ما بين السطور أن المسيرة تمضي قدماً نحو العام 2030 وفق ما هو مخطط له سابقاً، رغم الكثير من الأحداث الدولية سواء السياسية أو الاقتصادية، والتي نحن كدولة سعودية في قلب كل حدث من أجل إيجاد الحلول وضمان التوازنات وتوحيد الجهود لمستقبل أكثر أماناً وسلاماً. وبقراءة سريعة لأهم ما جاء في بنود الميزانية التي عرضت على مجلس الوزراء لإقرارها، حيث من المتوقع أن يصل العجز المالي العام المقبل إلى 79 مليار ريال (21.07 مليار دولار)، إذ بلغ إجمالي الإيرادات المتوقعة للعام 2024: (1.172) تريليون ريال (312.48 مليار دولار)، بينما من المنتظر أن يبلغ إجمالي المصروفات 1.251 تريليون ريال العام المقبل، مما يعني عجزاً متوقعاً قد يصل إلى 79 مليار ريال سعودي، وذلك ما يقابله في العام 2023 مع نهايته فائض حقيقي وصل إلى 16 مليار ريال سعودي. ولمزيد من التوضيح، فإن الميزانية للعام 2024 هي ميزانية تقديرية، وبالتالي فإن وضعها بعجز مقدر يصل إلى 79 مليار ريال، يعني أنه على الحكومة أن تعمل على سد هذا العجز المتوقع، وذلك إما من خلال تعظيم الإيرادات وضبط وخفض المصاريف، وترشيد الاستهلاك العام، وهذا يعني أنه لكي نعظم الإيرادات، فالأمر يعني بالضرورة توسيع مساحة الإيرادات، والعمل على إنهاء المشاريع الإنتاجية تحت التنفيذ، وفيما يتعلق بالمصاريف فإن مثل هكذا ميزانية تؤكد على أن سياسة الضبط والترشيد موجودة، وهذه من الأنواع الحذرة في عالم الموازنات والميزانيات المالية، بحيث تعمل على تعظيم تقدير المصاريف مقابلة في تقدير حجم الإيرادات المتوقعة. ميزانية 2024 إنما هي في واقع الحال نسخة جديدة من ميزانيات الدولة في الأعوام الخمسة الماضية، لأنها تؤكد على العمل مستمر في تحسين الأداء المالي وإنهاء ملفات الفساد والهدر، كذلك استمرار العمل على إنجاز المشاريع الاستثمارية الضخمة التي بدأت فيها المملكة منذ خمسة أعوام تقريباً، والتي فور اكتمالها ستكون منبعاً للإيرادات العامة للدولة خارج هيمنة الإيرادات النفطية، ولكي لا يلتبس الأمر على البعض، فإن العمل على رفع إيرادات الدولة من عائدات النفط أمر مهم جداً، ولكن الفكرة كلها تكمن في أن مشاريع الدولة الكبرى واستدامتها ونموها، لا يجب أن يعتمد فقط على سعر برميل النفط، وإنما يكون هنالك مصادر أخرى للإيرادات من برامج اقتصادية واستثمارية غير نفطية. المملكة تشهد نهضة كبيرة، وهذه النهضة تحتاج إلى معدلات إنفاق عالية جداً، ولكن سياسة الحكومة في عملية توطين الصناعات وتشجيع الاستثمار التحول إلى الإنفاق الإنتاجي وليس الاستهلاكي، كل هذا يساهم في زيادة معدلات النمو بشكل مطرد وبشكل حقيقي، والمزيد من التوسع العمودي والأفقي في القطاعات التي بدأت عملية الإنتاج كالسياحة والترفيه والرياضة والثقافة ورفع حجم الصادرات المحلية غير النفطية.