أقر مجلس الوزراء ميزانية السعودية للعام 2024، حيث أظهر بيان الميزانية الذي نشرته وزارة المالية تحقيق إيرادات قدرها 1.172 تريليون ريال في 2024، بينما بلغت المصروفات المعتمدة 1.251 تريليون ريال وعجز قدره 79 مليار ريال كما توقعت وزارة المالية أن يستمر العجز حول هذه المستويات في المدى المتوسط نظرا لأن الحكومة سوف تتبنى الإنفاق التوسعي الذي يساهم في رفع الناتج المحلي، كما تشير التقديرات الأولية لعام 2024 نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 4.4 في المئة، مدعوماً بنمو الناتج المحلي للأنشطة غير النفطية، مع توقع استمرار القطاع الخاص في قيادة النمو الاقتصادي، والمساهمة في زيادة فرص الأعمال وخلق الوظائف في سوق العمل، بالإضافة إلى تحسن الميزان التجاري، والاستمرار في تنفيذ برامج ومبادرات تحقيق الرؤية، والاستراتيجيات القطاعية والمناطقية والمشاريع التنموية الكبرى، وتحقيق الأنشطة الاقتصادية لمعدلات نمو إيجابية خلال عام 2024 وعلى المدى المتوسط، تعويضات العاملين المحملين على ميزانية الدولة سوف ترتفع الى أكثر من 544 مليار ريال وهو ما يمثل أكثر من 43 % من حجم الإنفاق الحكومي، إن استمرار هذه النسبة العالية في بند التعويضات لها تبعات سلبية والمخطط له ضمن رؤية 2030 أن يتم خصخصة بعض القطاعات لتخفيف الأعباء المالية والإدارية على الحكومة، وعملياً تم الشروع في خصخصة بعض القطاعات من أهمها القطاع الصحي والذي تمثل تعويضات العاملين فيه أكثر من 11 % من إجمالي تعويضات العاملين في ميزانية الدولة 2023 حوالي 61 مليار ريال، أما النتائج الفعلية لميزانية 2023 فقد جاءت الإيرادات أعلى من تقديرات الميزانية بحوالي 63 مليار ريال على الرغم من تراجع إنتاج النفط السعودي بحوالي 16 % وتراجع متوسط أسعار النفط بحوالي 20 %، الإيرادات غير النفطية ارتفعت إلى 441 مليار ريال وهو أعلى رقم تحقق في تاريخ المملكة وهذا نتيجة لتطبيق برامج رؤية 2030، وبلغت نسبة الإيرادات غير النفطية من إجمالي الإيرادات حوالي 40 % وكانت قبل الرؤية لا تزيد على 10 %، الناتج المحلي الإجمالي الاسمي كان قبل إطلاق الرؤية 2.5 تريليون ريال وفي العام الحالي 2023 وصل إلى 4.1 تريليونات ريال بنسبة نمو بلغت 66 %، ولعل هذه الأرقام أقوى رد على المشككين الذين كانوا يراهنون على عدم نجاح الرؤية، ولا زلنا ننتظر بشغف الكثير من الإنجازات والإصلاحات الاقتصادية التي ستجعل من المملكة قوة اقتصادية ودولة موثوقة وآمنة للاستثمارات الأجنبية وقد تمكنت المملكة بمركزها الاقتصادي الذي يتنامى من جذب استثمارات أجنبية مباشرة بنحو 14.3 مليار ريال خلال النصف الأول من عام 2023م، التضخم وهو الهاجس الذي يخشى منه صانعو السياسات النقدية والمالية استطاعت الحكومة بفضل الله، والتنبؤ المبكر للخطر من الحفاظ على المؤشر في النطاق الذي لم يؤثر على مستوى المعيشة، ولعل أبرز إجراء عُمل هو وضع حد أعلى لأسعار البنزين لأن أسعار الوقود تؤثر على جميع الأنشطة الاقتصادية وارتفاعه يعني ارتفاع بقية السلع تبعا له، متوسط التضخم العالمي بلغ في 2023 حدود 6.9 % وفي المملكة ارتفع متوسط النمو في معدل التضخم منذ بداية العام الحالي حتى شهر أكتوبر بمعدل 2.5 ٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق وهو أقل بكثير من المتوسط العالمي، وتستهدف المملكة الوصل إلى أقل من 2 % بحلول العام 2026، ولذلك قد تمدد الحكومة فترة تنفيذ بعض المشاريع للمحافظة على مستويات التضخم في النطاق الذي لا يؤثر على مستوى المعيشة مع تحقيق معدلات نمو جيدة للاقتصاد، كما أظهرت أرقام ميزانية 2023 ارتفاع الإنفاق الرأسمالي إلى حوالي 203 مليارات ريال مقارنة مع 143 مليار ريال تم إنفاقها في عام 2022 بنسبة نمو بلغت 40 % وزيادة الإنفاق الرأسمالي هو من أجل تسريع تنفيذ المشاريع التي ستعود منافعها على إيرادات الدولة غير النفطية إضافة الى تنشيط القطاع الخاص وتمكينه من فتح فرص وظيفية جديدة وبحسب وزارة الموارد البشرية فإن عدد الوظائف الجديدة تجاوزت أعداد الخريجين وساهم ذلك في خفض معدل البطالة بين السعوديون إلى 8 % وهو رقم قريب من مستهدف رؤية 2030، وإذا ما أضفنا هذا الإنفاق الرأسمالي في ميزانية الدولة إلى الإنفاق الرأسمالي من صندوق الاستثمارات العامة فإننا أمام إنفاق رأسمالي تاريخي بأكثر من 350 مليار ريال، وهو ما يحقق نمو للناتج المحلي غير النفطي بحدود 6 % حتى عام 2030م. المؤتمر الصحفي لوزير المالية هذا العام حول الميزانية من أروع المؤتمرات حضورا تميزا ووضوحا في الطرح، شفافية وإجابات شافية.