يترقب المتابعون والمهتمون قفزة هائلة واستثنائية في أوصال قطاع التأمين في المملكة، تعمل على تعزيز عملياته وتنويع خدماته، بالشكل الذي تتطلع إليه رؤية 2030، التي وعدت بإعادة بناء الاقتصاد السعودي، اعتماداً على قطاعات اقتصادية قوية وداعمة، أقل ما تتمتع به، استدامة النمو والقوة. وليس خافياً على الجميع، أن قطاع التأمين السعودي خلال السنوات الماضية، كان يواجه تحديات كثيرة، ومشكلات متأزمة، حدت من انطلاقته كما ينبغي، ولكن الأمل يحدو الجميع بإمكانية تغيير بوصلة القطاع إلى النمو المتسارع، خاصة بعد قرار مجلس الوزراء بإنشاء هيئة التأمين، التي تتولى ترتيب أوراقه المبعثرة، وإدارته بطريقة احترافية، وتحديد أولوياته. ورغم أن القطاع يضم نحو 200 شركة بين كبيرة متوسطة وصغيرة، إلا أن التحديات التي واجهت القطاع، كانت كثيرة ومتنوعة ومقلقة في الوقت نفسه، هذه التحديات لم يكن أولها الضعف في تنمية سوق التأمين، سواء من حيث المنتجات أو الأقساط أو الأرباح، وليس آخرها معاناة أغلب الشركات من عدم استقرار الأوضاع المالية، لذلك فأن نسبة مساهمة القطاع في إجمالي الناتج المحلي القومي، لم تتعد 2.9 % في العام الماضي (2022)، وهي نسبة لا تكاد تصل إلى ثلث النسبة العالمية، التي تحققها العديد من الدول، والتي قد تتراوح بين 4 % و10 %. الدول الأولى عالمياً في نسبة مساهمة قطاع التأمين في ناتجها المحلي، لم تكن جميعها غربية، وإنما هناك دول من قارة آسيا، مثل تايوان والصين واليابان وكوريا، ومعظم هذه الدول لديها رؤية وبرامج للنهوض باقتصاداتها، تُشبه رؤية 2030 السعودية، وهذا يحفز على محاكاة تجربة هذه البلاد، وتكرار النجاح الذي صنعته في قطاعاتها التأمينية. وأعتقد أن أول تحدّ، ستعمل الهيئة الجديدة على تخطيه.. هو الصعود بنسبة مساهمة القطاع في الناتج المحلي إلى 4.3 % بحلول عام 2030، لتقترب من النسب العالمية قدر الإمكان، ولا أعتقد أن التطلعات ستقف عند هذه النسبة، بل ستتجاوزها إلى نسبة أعلى في سنوات مقبلة. الارتفاع بنسبة مساهمة القطاع في الإجمالي المحلي، ليس مستحيلاً أو صعباً، خاصة إذا عرفنا ضخامة القطاع، والإقبال الكبير على خدماته، مع الوضع في الاعتبار أن التحديثات التي أوجدتها رؤية 2030 على أرض الواقع في المشهد الاقتصادي السعودي، يزيد الطلب على الخدمات التأمينية، التي تلبي حاجة المستثمرين والشركات الراغبة في العمل بالسوق السعودي، كل هذا سيعمل على فتح أسواق وإيجاد منتجات جديدة في العديد من مسارات التأمين المختلفة، أسوة بمسار التأمين الصحي، الذي يستحوذ على 80 % من قطاع التأمين السعودي. أكرر ما سبق أن ذكرته من قبل، إنني متفائل بمستقبل قطاع التأمين، وقدرته على التوسع والنمو وتحقيق تطلعات الرؤية في رفد الاقتصاد الوطني، ودعم توجهاته.