بدأ سريان الهدنة المؤقتة في قطاع غزة لمدة أربعة أيام، في الساعة السابعة من صباح الجمعة، التاسع والأربعين من العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة. وأفادت مصادر محلية بانسحاب طيران الاحتلال من سماء جنوب قطاع غزة، فيما من المقرر انسحابه من الشمال من الساعة العاشرة حتى الرابعة مساء. وأشارت إلى أن آلاف النازحين الفلسطينيين المتواجدين في مراكز الإيواء بمناطق جنوبي القطاع، بدؤوا بالتوجه إلى منازلهم الواقعة في مدن الجنوب لتفقدها وللاطمئنان على عائلاتهم. ونوهت المصادر إلى إلقاء جيش الاحتلال عبر الطائرات منشورات فوق المناطق الجنوبية من القطاع قال فيها: «إلى سكان قطاع غزة، إن الحرب لم تنته بعد، الوقفة الإنسانية مؤقتة ومنطقة شمال قطاع غزة هي منطقة حرب خطيرة وممنوع التجول فيها». ورغم المنشورات الإسرائيلية، انطلقت دعوات فلسطينية شعبية للعودة إلى الشمال الساعة الواحدة من ظهر الجمعة. وتراجعت الدبابات الإسرائيلية من داخل الشوارع التي دخلتها في مدينة غزة، وتمركزت غرب المدينة وفي شارع عشرة جنوبها. كما تراجعت في مناطق شمال القطاع إلى الجهة الغربية والشمالية. وفي الساعات الأخيرة قبل دخول الهدنة حيز التنفيذ، شن طيران الاحتلال الإسرائيلي غارات مكثفة على شمال ووسط وجنوب قطاع غزة، طالت مدارس تؤوي نازحين ومستشفيات ومنازل، أسفرت عن وقوع عشرات الشهداء والجرحى، كما استهدف الغارات منزلين لعائلتي محارب وأبو حمد في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة. وارتقى 11 شهيدًا إثر استهداف الاحتلال مركبتين على طريق النصيرات - المغراقة وسط قطاع غزة. وشنت طائرات الاحتلال غارات متفرقة على منطقة المغراقة ومدينة الزهراء وسط قطاع غزة. وانتشلت فرق الدفاع المدني عشرة فلسطينيين من تحت الأنقاض جراء قصف طيران الاحتلال منزلاً لعائلة خضر في مدينة جباليا شمال قطاع غزة. ويتضمن اتفاق الهدنة الإنسانية إطلاق خمسين أسيرا إسرائيليا من غزة، مقابل الإفراج عن 150 فلسطينيا من سجون الاحتلال، وإدخال مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية والوقود إلى كل مناطق القطاع. وبلغ عدد شهداء العدوان على قطاع غزة مع بدأ سريان الهدنة 14 ألف شهيد و854 فلسطينيا، بينهم أكثر من 6150 طفلا و 4000 امرأة، وإصابة أكثر من 36 ألف آخرين، في حين بلغ عدد المفقودين قرابة 7 آلاف 4700 منهم أطفال ونساء. استهداف مدرستين أدانت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم « الألكسو « الاعتداءات الإسرائيلية التي يرتكبها جيش الاحتلال، باستهدافه الممنهج للمؤسسات التربوية والثقافية، حيث تم استهداف مدرستي الفاخورة وتل الزعتر، في قطاع غزة، وما خلفه هذا القصف من دمار وقتل للأبرياء. وناشدت «الألكسو» في بيان أصدرته من مقرها بالعاصمة تونس، دول العالم والضمائر الحرة والمنظمات الدولية التي تعمل في مجالات التربية والثقافة والعلوم، للعمل على إيقاف القصف العشوائي للمدارس، مما تسبب في حرمان آلاف التلاميذ من الدراسة، وهو حق مشروع تكفله العهود والمواثيق الدولية. دعم سعودي إغاثي أعرب المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط الدكتور أحمد المنظري، عن الاعتزاز بالتعاون مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، لدعمه للجهود الإنسانية والصحية التي تقوم بها المنظمة في قطاع غزة. جاء ذلك في كلمته خلال مراسم توقيع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، مجموعة من الاتفاقيات مع عدد من المنظمات والهيئات المعنية بشؤون الإغاثة والأعمال الإنسانية، لإغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وذلك بمقر السفارة بالقاهرة، بحضور سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مصر أسامة بن أحمد نقلي. وقال المنظري، إن إقليم شرق المتوسط يعاني من أزمات كبيرة جراء النزاعات والحروب وعدم الاستقرار السياسي، الأمر الذي يؤثر بدوره على البنى التحتية، وفي القلب منها المرتبطة بالنظام الصحية. وعد المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، ما يحدث في قطاع غزة بعد مرور 47 يوما من العدوان الإسرائيلي، اختبارا حقيقيا للقيم الإنسانية في العالم كله، وللمنظمات الأممية ورغبتها في خدمة البشرية. بدوره أعرب مفوض وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» فيليب لازاريني، عن شكره لدعم مركز الملك سلمان للإغاثة لوكالة الأونروا، للقيام بعملها تجاه الوضع الصعب في قطاع غزة. ووصف لازاريني، الوضع في قطاع غزة ب «المخيف»، مشيراً إلى أن هناك أكثر من 35 ألف شخص يحتمون بالمركز بعدما تركوا منازلهم ولا يوجد لديهم أي وسائل أمان وحماية. ورحب المفوض الأممي بالتوصل إلى هدنة إنسانية في قطاع غزة، مؤكدًا أهمية الالتزام بها واستخدامها في رفع المعاناة الإنسانية ورفع مستوى الإغاثة الإنسانية. من جانبها ثمنت المديرة الإقليمية لبرنامج الغذاء العالمي كورين فلايشر، الدعم المقدم من مركز الملك سلمان للإغاثة لعدد من المنظمات الأممية، للاضطلاع بدورها تجاه الأزمة الإنسانية الراهنة في غزة. ورحبت فلايشر بالهدنة الإنسانية التي تم الإعلان عنها في غزة، مشددة على ضرورة الالتزام بتنفيذها، خاصة في ظل تردي الوضع الغذائي الناتج عن توقف جميع المخابز، بسبب نقص الدقيق ونفاد الوقود. من جهته، شدد رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مصر ألفونسو فيروا بيريز، على ضرورة العمل مع الشركاء الدوليين كافة لوقف الحرب في غزة، مشيراً إلى أن المنظمات الإقليمية والدولية تعمل دون كلل أو ملل لمعالجة الأزمة الإنسانية في قطاع غزة. ونوه بأن 70% من المنشآت والمرافق الصحية والإنسانية تم تدميرها بفعل الحرب هناك، مبرزاً في هذا الصدد أهمية الدعم والتمويل اللازم للمنظمات الأممية، للقيام بدورها تجاه إغاثة الفلسطينيين في قطاع غزة. جحيم على الأرض بدأت هدنة لأربعة أيام بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة أمس الجمعة، وتأمل وكالات إغاثة في استغلال فترة وقف القتال، لتكثيف إيصال المساعدات للقطاع المحاصر. وتفاقم نقص الغذاء والوقود ومياه الشرب والأدوية في الأسابيع القليلة الماضية، وحذرت وكالات تابعة للأمم المتحدة من تفشي الأمراض وهو ما قد يزيد من عدد الوفيات بشكل حاد. ولم تصل أي مساعدات خارجية لأجزاء من شمال قطاع غزة منذ أسابيع، ووصف متحدث باسم الأممالمتحدة الوضع هناك بأنه «جحيم على الأرض». نزوح هناك نحو 1.7 مليون من سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، فروا من منازلهم ونزحوا داخل القطاع. ويقول مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن قرابة مليون منهم، يحتمون في مبان تديرها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وعدد تلك الملاجئ 156 على الأقل. والملاجئ مكتظة للغاية، بما يفوق طاقتها بأكثر من أربعة أمثال، بعد أن فر عشرات الآلاف من المدنيين إلى جنوب القطاع هربا من وطأة القصف الإسرائيلي في الآونة الأخيرة، لكن الجنوب أيضا تعرض لضربات جوية إسرائيلية شرسة قتلت وأصابت مدنيين. وينام أغلب الرجال والشبان والفتية من النازحين في العراء، قرب الجدران الخارجية للملاجئ. وقال مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن بعض الأسر نصبت خياما خارج ملجأ في خان يونس. المستشفيات لا يعمل أي مستشفى في شمال قطاع غزة بشكل طبيعي، بسبب شدة القصف ونقص الوقود. ويقول مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن ثماني من أصل 11 منشأة في الجنوب ما زالت تعمل، وواحدة فقط منها متاح فيها إجراء عمليات جراحية معقدة، وفقا لما تقوله منظمة الصحة العالمية. وقالت المنظمة أيضا إنها طلبت المساعدة لإخلاء ثلاثة مستشفيات في الشمال، وإن الخطط جارية في هذا الصدد. وتقول منظمة أوكسفام الخيرية، إن عدد الولادات المبكرة ارتفع بنحو الثلث تقريبا على مدى الشهر المنصرم في القطاع الذي تحاصره إسرائيل، مع معاناة الحوامل من زيادة التوتر الشديد والصدمات النفسية. إيصال المساعدات تم فتح معبر رفح بين قطاع غزة ومصر والسماح بدخول مساعدات محدودة منذ 21 أكتوبر، بينما ظلت باقي المعابر مع قطاع غزة مغلقة. ودخلت من مصر الخميس 80 شاحنة في المجمل محملة بإمدادات إنسانية. وقالت مصر إن 130 ألف لتر من الوقود وأربع شاحنات غاز ستدخل يوميا لقطاع غزة، مع بدء الهدنة وكذلك 200 شاحنة مساعدات. المياه سمحت عمليات إيصال للوقود في الأيام القليلة الماضية بإعادة تشغيل بعض آبار المياه، ومحطات الضخ في جنوب قطاع غزة. لكن مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية يقول إن هناك مخاوف شديدة من الجفاف في شمال القطاع، حيث لا تعمل محطة تحلية المياه ولا خط المياه من إسرائيل. وأضاف أن محطات معالجة مياه الصرف لا تعمل بكامل طاقتها، بسبب أضرار لحقت بها ونقص الوقود وتنتشر مياه الصرف في الشوارع قرب رفح منذ الأيام القليلة الماضية. الوقود تسمح إسرائيل بدخول كميات محدودة يوميا من الوقود لقطاع غزة من مصر. وتم إيصال 75 ألف لتر الخميس. وتوزع الأونروا الوقود لدعم توزيع الأغذية وتشغيل مولدات المستشفيات، ومحطات المياه والصرف والملاجئ والخدمات الضرورية الأخرى. فلسطينية تحمل طفلًا بعد ضربة إسرائيلية على منزلهم في رفح (رويترز) قتلى ومصابون على الأرض في المستشفى الإندونيسي (رويترز) فلسطينية تحمل طفلًا بعد ضربة إسرائيلية على منزلهم في رفح (رويترز)