لم يُراهِن موحّد بلادنا المغفور له - إن شاء الله - جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود مثلما راهَن على الثروةِ البشريّة المتمسّكة بالعقيدة الإسلاميّة المعتدلةِ الصحيحة. كسَب الرهان؛ فكانوا نِعمَ الرجال الأوفياء لدينهم وملكهم ووطنهم، بادلهم وفاءً وسخاءً وعطاءً وبذلاً، اهتمّ بتعليمهم وصحّتهم، ورفاههم والذودِ عنّهم، والتباهي بهم، وكذا أبنائهم وأحفادهم، سارَ على هذا النّهجِ أبناء الملك الموحّد، وكذا سارَ الأبناء والأحفاد مسيرةِ أجدادهم؛ فتحققَ حاضرٌ مجيد ومستقبلٌ مُزهر، يقول خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله - بهذا الصدد: «هدفي الأوّل أن تكونَ بلادنا أنموذجاً ناجحاً وسأعمل معكم على تحقيقِ ذلك»، ويؤكّد ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكيّ الأمير محمد بن سلمان مضمون ذلك بقوله في افتتاحية الرؤية الوطنية: «يسرّني أن أقدّم لكم رؤية الحاضر للمستقبل التي نريد أن نبدأ العملَ بها اليومَ للغد بحيث تُعبّر عن طموحاتنا جميعًا، وتعكس قدرات بلادنا»، ويضيف - حفظه الله -: «لسنا قلقين على مستقبل المملكة؛ بل نتطلّع إلى مستقبلٍ أكثرَ إشراقًا، قادرونَ على أن نصنعه بعونِ الله بثرواتها البشريّة.. وعلينا أن نتوجّه دومًا إلى الأمام». تؤكّد الرؤية الوطنيّة 2030 في محورها الثاني على توفير الفرص للجميع عبر بناء منظومةٍ تعليمية مرتبطة باحتياجات سوق العمل، وتنمية الفرص للجميع. من هذه الانطلاقات، وهذه المفاهيم، وتلكم المبادئ والركائز؛ دعمت جامعات المملكة العربية السعودية بكلِّ ما تحتاجه من إمكانات مادّية ومعنوية، وسُخِّر لها كل معطيات النجاح، اُفتُتِح بها معظم التخصصات التي يحتاجها سوق العمل، وتمّ تخصيص بعض الجامعات؛ كجامعة الملك سعود. ومن أجلِ تحقيقِ التطلّعات؛ تمّ ابتعاث أعداد كبيرة لجامعات العالم؛ ليعودوا - بإذن الله - مُحمّلين بالعلمِ والمعرفة؛ ليعملوا وِفقَ الرؤية الوطنية العملاقة؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ المبتعثون للمملكةِ المتّحدة - حسبما جاء على موقع سفير - 9148 مبتعثًا و8081 مبتعثةً، والمبتعثون حديثًا 4698، وبلغ عدد المرافقين لأولئك من زوجاتٍ وأولادٍ وبناتٍ وآباءٍ وأمّهات 12014. تلكم الأعداد الكبيرة ستعودُ - بإذن الله - لتُسهِم في تحقيق الرؤى والأحلام، والتشييدِ والبناء، هؤلاء هم الثروات البشرية كما جاء في كلمة صاحب السمو الملكيّ الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء: «رجال اليوم؛ لبناءِ الغد، سواعد البناء؛ لوطنٍ طموح». هؤلاء الثروات البشرية المنتشرة في جميع أنحاء المعمورة يدرسون في جامعاتها المتقدّمة هم قوى ناعمة تنشر الخير وتبعث رسائل للعالم عمّا وصلت إليه بلادنا بقيادة الحكومة الراشدة التي أصبحت في مقدّمة الأمم، تقود العالم في المجالات كافة، الشواهد على ذلك واضحة، بيّنةٌ ساطعة. كنتُ في دعوةٍ كريمة من رئيس نادي الطلبة السعوديين في مدينة ليدز البريطانيّة المبتعث لنيل درجة الدكتوراة في الطبِّ التعليمي الدكتور عبدالعزيز العثمان، ضمّ ذلك اللقاء عددٌ كبير من المبتعثين لنيلِ درجات الماجستير والدكتوراة في تخصصاتٍ علميّة نادرة؛ كالطبِّ والهندسة والإلكترونيات والحاسوب والذكاء الاصطناعيّ. دار الحديث إلى وقتٍ متأخرٍ من الليل؛ كلٌ يتحدّث في مجاله، وأنّ ما وصلوا إليه كله بفضلِ الله ثمّ بفضلِ بلادنا التي تبذل بسخاء للعلمِ وأهله، وأصبحت المملكة شمسٌ تُشرق على العالم؛ فمع أنّ أولئك يتعلمون بجامعاتها؛ إلا أن تلكم الجامعات تستفيد منهم ومن تلاقح الأفكار بين جامعاتنا السعودية وبين تلكم الجامعات؛ لدرجةِ أنّ بعض أولئك المبتعثين يُدرسّون بتلكم الجامعات؛ نظرًا لتفوّقهم وجدارتهم؛ فثروتنا البشرية يُفاخر بها، فلله الحمد من قبل ومن بعد. ويقوم على أولئك الثروات البشرية من متابعةٍ وعنايةٍ واهتمام حكومة بذلت وسخّرت وتابعت من خلال؛ سفارة خادم الحرمين الشريفين والملحقية الثقافية في المملكة المتّحدة. فهنيئًا لنا ثرواتنا البشريّة التي من خلالها نُسابق لغدٍ مُشرق بإذن الله، ولتحقيقِ رؤيةٍ وطنيّةٍ طموحة.