على أصوات التلاوات القرآنية لمشاهير القراء، التي تصدح من داخل المطاعم الضيقة بالكراسي التقليدية والملامح العتيقة، والتي تفوح منها روائح الفلافل والكبدة، تعيش الجالية المصرية بمكةالمكرمة ملامح حياة المصريين بكل تفاصيلها، لتتحول أحياء "المعابدة والعتيبية وساحة إسلام" بمكةالمكرمة إلى أسواق وأحياء بملامح مصرية، في قلب قبلة العالم مكةالمكرمة. أكثر من نصف قرن من الزمان، وتلك الأحياء المكية، مقصد للمصريين من العمال المهنيين، وملتقى المعتمرين المصريين أيضاً، الذين يقصدون تلك الأحياء أثناء قدومهم لأداء مناسك العمرة والحج، لتوفر المحلات التجارية المصرية مثل المطاعم ومحلات شحن البضائع ومحلات الحلاقة وبيع اللحوم. العامل المصري محسب أبو محمود الذي يسكن حي شارع المنصور منذ 39 عاماً أوضح ل"الرياض" أن كثيرا من تلك الأحياء أصبحت ملتقى لأبناء محافظات معينة فمثلاً في ساحة إسلام أغلب المصريين من محافظاتسوهاج وأسيوط وقنا والأقصر، مشيراً إلى أن فتح تأشيرات الزيارة ساهم بجلاء في رفع أعداد الجالية المصرية في أحياء مكةالمكرمة بنسبة 20 % وذلك لاستقبال الزوجات والأبناء مبيناً أن تكاليف استقدام العائلات من مصر إلى المملكة يتراوح ما بين 600 إلى 800 ريال. عماد المصري "جزار" كشف أن 50 % من العمالة المصرية في ساحة إسلام من محافظاتالمنصورة 40 % من محافظات الصعيد و10 % من محافظة الرحمانية، مشيراً إلى أن شهرة الأحياء المصرية في مكةالمكرمة أصبحت معروفة على مستوى مصر والمناطق ومحافظات المملكة، حيث قدوم مئات الآلاف من المصريين أثناء الحج والعمرة، للاستمتاع بتناول الأكلات المصرية مثل الحواوشي والكبدة والكفتة والسجق والبامية والفتة ولحمة الرأس والكلاوي والمكرونة. عائدات اقتصادية متنوعة، أفرزتها حركة تصاعد أعداد العمالة المصرية في مكةالمكرمة، لعل من جملتها أنها أشغلت الدور الشعبية والعمائر القديمة داخل الأزقة الضيقة، وعلى سفوح الجبال، ولا أدل على تزايد أعداد الجالية المصرية وانعكاس ذلك على الحركة العقارية في مكةالمكرمة، أن نسبة كبيرة منهم اتجهت إلى استئجار البيوت القديمة، والخربة لترميمها وإصلاحها للسكن فيها. الأسماء المصرية مثل " التكية المصرية، المحروسة، الباشوات، الكشري المصري، تتكرر كثيراً على واجهات المطاعم وبيع الفطائر ومحلات الاتصالات والمواد التموينية، فيما تظل تجمعات المصريين على قارعة طرق تلك الأحياء، علامة فارقة كرست لعشق المصريين لأحياء مكةالمكرمة التي اختاروها لأكثر من نصف قرن. ولا تخرج مهن المصريين الذين يسكنون تلك الأحياء من أعمال اللياسة وحدادة البناء والنجارة والبناء والدهانات فيما تتراوح أجرة العامل اليومية ما بين 180 إلى 200 ريالاً. في ذات الاتجاه يرى مصريون أن عدة أسباب أدت إلى اختيار تلك الأحياء من جملتها رخص الشقق السكنية وتعارف السعوديين على مواقع تواجد العمالة المصرية وقربها من المسجد الحرام، حيث نسبة كبيرة منهم تشتغل في مشاريع الحرم المكي فضلاً عن توفر جميع الخدمات التي لا تتطلب وسيلة نقل. مطاعم مصرية في قلب مكة