اكتملت إعلانات البنوك السعودية عن نتائجها المالية للسنة الماضية 2022، وأظهرت الأرقام أن البنوك قد نجحت في تحقيق أرباح قياسية بأكثر من 16 مليار ريال، ونسبة النمو فاقت 32 %، كما أن أسعار الفائدة التي تم رفعها على مدار العام الماضي ساهمت في تحقيق معدلات نمو جيدة في صافي دخل العمولات مسجلة رقما غير مسبوق عند 25 مليار ريال، ونسبة النمو بلغت 19 % البنوك المنكشفة على الشركات استفادت أكثر من ارتفاع أسعار الفائدة، وخصوصا البنوك التي لديها حجم القروض بالفائدة المتغيرة أكثر من القروض بالفائدة الثابتة، أما البنوك المنكشفة على الأفراد فقد أظهرت أرقامها تراجع نمو دخلها من العمولات الخاصة لأن قروض الأفراد معظمها بالفائدة الثابتة وجزء كبير منها بأسعار فائدة منخفضة، وللتوضيح أكثر نقارن الأرقام بين مصرفي الراجحي والإنماء، تتركز محفظة الراجحي التمويلية بنسبة 76 % على شريحة الأفراد، وقد حقق في الربع الأول قبل رفع أسعار الفائدة نسبة نمو 12 % في صافي دخل العمولات الخاصة مقارنة مع الربع الأخير من عام 2021 وتراجع هذا النمو فصليا حتى وصل إلى أدنى مستوى له في الربع الأخير بنسبة 4 % فقط بينما مصرف الإنماء الذي تتركز محفظته التمويلية على الشركات بنسبة 78 % فقد حقق في الربع الأول نمو بنسبة 9 % وواصل النمو فصليا حتى حقق في الربع الأخير نموا بحوالي 27 % على مستوى القطاع المصرفي ارتفع صافي دخل العمولات إلا أن أسعار الفائدة المرتفعة أثرت على معدلات نمو القروض، حيث كان نموها في الربع الأول 5.2 % على أساس فصلي بينما لم تحقق إلا نسبة نمو لم تتجاوز 1.5 % في الربع الأخير، وقد يستمر التراجع في نمو الإقراض خلال العام الحالي ولذلك قد نرى تراجعا في نمو صافي دخل العمولات الخاصة متأثرة بتراجع نمو القروض أولا ثم ارتفاع حجم الودائع المكلفة التي سترتفع مع استمرار العوائد المرتفعة، الودائع لأجل حققت رقما قياسيا في عام 2022، حيث ارتفعت بحوالي 159 مليار ريال بعدما وصل نسبة العائد الذي تدفعه البنوك للمودعين أكثر من 5 % ومتوقع استمرار ارتفاع العائد مع استمرار الفيدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة، وقد يتأكد ذلك خلال الاجتماع القادم بعد البيانات التي صدرت يوم الجمعة الماضي وأظهرت إيجابية مؤشر التضخم المفضل للفيدرالي الأميركي، حيث جاء أعلى من توقعات الأسواق، وسجل مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي داخل الولاياتالمتحدة نموا بنسبة 5.4 % خلال شهر يناير الماضي على أساس سنوي، وهو أعلى من توقعات الأسواق التي أشارت لتسجيله 4.9 %، بعدما سجلت القراءة السابقة له 5.3 % خلال شهر ديسمبر السابق. أما ما يخص مخصصات خسائر الائتمان فقد انخفضت بنسبة 19 % عن عام 2021 في 8 بنوك نشرت قوائمها المالية، حيث جنبت هذه البنوك مخصصات بحوالي 9 مليارات ريال نزولا من 11 مليار ريال في عام 2021 البنك الأهلي تراجعت مخصصاته بنسبة 50 % ولكن عام 2021 كان عاما استثنائيا لأن البنك جنب مخصصات بحوالي 2.4 مليار ريال في الربع الثاني ناتج عن عملية الاندماج مع بنك سامبا، أما مصرف الراجحي وهو البنك صاحب المحفظة التمويلية الأكبر على مستوى المصارف السعودية فقد خفض مخصصاته بنسبة 15 % على الرغم من نمو المحفظة التمويلية لديه بنسبة 25 % وهو ما يتطلب زيادة مخصصاته وليس خفضها، وبذلك انخفضت نسبة تغطية المخصصات للقروض المتعثرة من 3 مرات إلى 2.6 مرة وهذه التغطية أعلى من متوسط تغطية القطاع البنكي الذي يقف عند 1.5 % ولكن إذا نظرنا إلى «المعيار المحاسبي الدولي 9» الذي تم تطبيقه في عام 2018 يحتم على البنوك توقع خسائر الائتمان قبل حدوثها وتجنيب مخصصات تحسبا لذلك ولأن تمويل الأفراد حسب المعيار 9 يعتبر أن التمويل الاستهلاكي لديه مخاطر أعلى من تمويل الشركات، فلذلك يطلب من البنوك تجنيب مخصصات أعلى، الوضع الراهن للاقتصاد العالمي والضبابية التي تحيط به تتطلب من البنوك السعودية التعامل مع المخصصات بحذر شديد لأن خفض المخصصات من أجل تجميل الميزانية وزيادة الأرباح قد يكون لها انعكاسات سلبية مستقبلا. هذه قراءة أولية لنتائج البنوك سوف يتبعها تقارير تحليلية أكثر عمق من خلال تحليل القوائم المالية بعد اكتمال نشرها.