تعد الشائعات من الظواهر الاجتماعية السلبية المنتشرة في المجتمعات، كما تعد من أخطر الحروب النفسية والمعنوية التي تنتشر في العالم في ظل أجواء مشحونة بعوامل اقتصادية وسياسية واجتماعية متعددة، ويعد إنتاج الشائعات أو الأخبار الزائفة التي من شأنها خلق فوضى في أي مجتمع.. جريمة معلوماتية يعاقب عليها القانون، وتصل عقوبتها السجن خمس سنوات، أو غرامة ثلاثة ملايين ريال. «الرياض» بدورها التقت عدداً من الأكاديميين والتربويين الذين حذروا من خلال هذا التحقيق من ترويج الإشاعات التي هدفها اختراق المجتمع المتماسك، وضرب اللحمة الوطنية والتقليل من الجهود الجبارة التي تبذلها الدولة في الداخل والخارج لتنعم بلادنا بفضل الله بالأمن، والاستقرار، ورغد العيش بفضل الله، ثم بفضل قيادتنا الحكيمة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو وليّ عهده الأمير محمّد بن سلمان بن عبد العزيز، - حفظهما الله -. «اختراق المجتمع» بداية يقول السفير الدكتور عبدالعزيز تركستاني - المتخصص في شؤون الشرق الأقصى: لا بد أن يعرف الجميع أن الوطن خط أحمر ولا يمكن أن يكون هناك أي تنازلات وأي مرونة في التعامل بأي أخبار وهواجس غير صحيحية تمس الوطن. وأضاف: يستطيع الإنسان أن يتنازل في كثير من الأشياء في حياته ولكن ليس التنازل عن المبدأ الأساسي في حب الوطن فهو من الإيمان. وقال: »هذه بداية مهمة جدا لا بد أن يعرفها كل شخص عن الشائعات التي تصدر ما بين الحين والآخر من بعض ممن يعتبرون أنهم جزء من هذا المجتمع، أو من الشائعات التي تصل وهي بلا شك مغرضة من خارج الوطن وهدفها محاولة اختراق هذا المجتمع المتماسك. إن العلاقة بين حكومتنا الرشيدة والقيادة الرشيدة مع المواطنين أثبتت لنا مع مرور الأيام أن هناك تلاحما كاملا من فضل الله تعالى والتجارب أثبتت ذلك. وأشار إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي المعروفة فيها الكثير من الغث والسمين وهذا الغث الحقود الذي نراه يهاجم ويطلق إشاعات ضد الوطن هو نوع واحد فقط وهم الحاقدون على أمن واستقرار هذا الوطن. وبما أنني كنت سفيرا سابقا لخادم الحرمين الشريفين في اليابان، فلا زلت أتشرف وألمس دوما في كل محفل أن المملكة العربية السعودية دائما هي في المكانة العليا التي لا يشوبها أي شائب. وإنني أدعو من هذا المنبر الجميل من خلال صحيفة «الرياض» الغراء أن يكون هناك متطوعون من أصحاب الحسابات المؤثرين من أبناء وبنات هذا الوطن لكي يقوموا بحملات إعلامية منظمة هادئة، للذود عن الوطن ولا نسميها حملة «كاونتر باك» أو حملة مضادة. ويكون هدف هذه الحملة ليس إعادة شتم الآخرين، ولكن الدفاع عن هذا الوطن الغالي والبحث عن مصادر القوة التي يكون فيها هذا الوطن وتعريفه للناس في الداخل والخارج. كما إنني أدعو أن تكون هذه الحملات بلغات مختلفة الإنجليزية والفرنسية واليابانية، وغيرها من اللغات التي لها علاقة بالعمل اليومي وتأثيره المباشر في هذه الدول الأوروبية والتي تقوم بعضها بنشر الإشاعات بدون التأكد من أي شيء ولا من أين مصدرها وإن كان بعضها متعمدا للأسف الشديد، أما بالنسبة لدول جنوب شرق آسيا ابتداء من شرق آسيا وانتهاء باليابان فإن العالم الإسلامي وغير المسلم هناك متعطش لمعرفة كل الجوانب الإيجابية لهذا الوطن الغالي المملكة العربية السعودية. وتابع، «أنا كنت في جاكرتا قبل أسبوع والفلبين وماليزيا وكمبوديا كل هذه الدول تنظر إلى المملكة العربية السعودية نظرة احترام وتقدير ولا تتأثر من الشائعات ولكن مع هذا لا يجب أن ننتظر ولا بد أن يكون هناك حملات منتظمة تشرح مميزات هذا الوطن وهذه القيادة والثوابت التي نعيش عليها خلال أكثر من 3 قرون بما فيها من ثوابت كخدمة الحرمين الشريفين ودعاء سيدنا إبراهيم لهذه الأرض الطاهرة والمهم أنها لا تكون ردة فعل مؤقتة بل يجب ولا بد أن يكون هناك حملة شاملة قبل الفعل نفسه، ولاتنتظر الفعل نفسه. وأضاف أن «الوطن خط أحمر وهناك الكثير يمكن أن نعمله لخدمة هذا الوطن والاستفادة من الإعلام بكافة أشكاله، والمهم جدا أن يساهم الجميع في رفعة هذا الوطن المعطاء والقيادة الحكيمة والشعب العظيم» «النشر الرقمي» بدوره، قال د. ظافر العمريّ - أستاذ البلاغة والنقد في جامعة أمّ القرى -: يعاني العالم في هذا العصر من الصراعات السياسية والعسكرية ونرى من حولنا تلك الأحداث التي لم تعد خافية في عالم النشر الرقميّ، والحمد الله تنعم بلادنا بفضل الله بالأمن، والاستقرار، ورغد العيش؛ بما أنعم الله عليها من قيادة حكيمة على رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ووليّ عهده الأمير محمّد بن سلمان - حفظهما الله - وأيّدهما بنصره وتوفيقه. والقيادة تعمل لجعل هذا الوطن في مقدّمة دول العالم في كلّ ما يتطلبه العصر من منافسة، وأخذ بأسباب التطوّر والتقدّم العلميّ، والصناعيّ، مع تحقيق الرخاء والأمن للمواطن. وأضاف: إنّ واقعنا يجمع بين تلك الأحداث من حولنا، وبين مسيرتنا الناجحة، المتّجهة إلى أهدافها ورؤيتها بثبات؛ وهو ما يدعونا إلى أن ننظر إلى واقعنا البهيج، وندع تلك الشائعات المغرضة، والأكاذيب المحرّضة المفتعلة حول ما يمرّ به العالم من أحداث، وظروف استثنائيّة تجعل المغرضين يصنعون الأخبار الملفّقة، والتحليلات المغلوطة مستغلة في ذلك رغبة المجتمعات في تتبّع الأخبار، ومعرفة الأحداث؛ حيث يسعى أولئك إلى نشر أكاذيبهم، ومحاولة تفسير الأحداث وفق رغباتٍ وأهواءٍ لا تتّفق مع واقع بلادنا، ولا مع سياسة قيادتنا. ومن هذا المبدأ المنطقيّ الواعي فإنّ على المواطن أن يكون أكثر وعيًا بتلك الشائعات، والأكاذيب، وأهدافها التي تسعى إلى زعزعة النفوس، وخلق اضطرابات في آراء المجتمعات بما لا تخدم مصالح الوطن. وأضاف «واجب المواطن أن يعي ذلك كلّه، وأن يعمل على تحقيق الالتفاف حول قيادته التي بها يُحفظ للوطن أمنه واستقراره، وبعزيمتها يحقّق الله لهذا الوطن الرقيّ والتقدّم» «الشعب والقيادة» من جانبه قال :الدكتور سليمان العيوني «يرى أن العاقل عندما ينظر بعين الحكمة إلى ما يحدث في كثير من الدول المضطربة ليتأكد له وجوب التفاف الشعب حول قيادته الحكيمة، التي أثبتت في كل الأزمات السابقة أنها تسير بالبلاد نحو شاطئ الأمان بكل ثبات وعزيمة. وهذا الالتفاف كما توجبه الشريعة طاعةً لولي الأمر، يوجبه العقل السليم والواقع مكانًا وزمانً، وتابع «أما المكان فكل مكان حلَّ فيه الاضطراب في المجتمعات، وسادت الشائعات والأكاذيب، واختلف الناس فيه على ولاة أمرهم، تبع ذلك اضطراب في حياتهم الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وودوا لو عادوا كما كانوا». «السلاح الناعم» وفي نفس السياق قال فواز آل داوود - تربوي -: «إن الشائعات هي الأخبار التي تصدر من مصادر مجهولة أو غير موثوقة، عن وقائع وأحداث، ويتم تداولها بسرعة وفضول وإثارة للعواطف وتغذي الأحاديث الجانبية للناس والتي تزيد فيها وتنقص، ما يؤدي إلى الإساءة للأفراد أو الجماعات أو المنظمات. وينتج عنها إثارة الرأي العام بشكل سلبي، يؤدي لتفكك المجتمع أو توتر العلاقات الاجتماعية والرسمية أو التشويش على الجهات التي تعمل على تنمية المجتمع وحمايته». وأضاف «أن الشائعات تستخدم حاليا كسلاح حربي (ناعم) يتم من خلاله مهاجمة الدول والمجتمعات بغرض تدميرها من خلال تحطيم الثقة بينهم، ومصدرو الشائعات لهم أهداف متعددة منها الاقتصادي والسياسي أو الانتقام والإساءة للآخرين. وهم يستغلون وسائل إعلامية مشبوهة ويستخدمون منصات التواصل الاجتماعي لسهولة وصول الناس العاديين لها وتناقلهم ما يصدر عنها». وتابع «حتى أن دراسة ألبورت - بوستمان وضعت قانوناً لشدة انتشار الشائعات وهي: أن شدة الشائعة تساوي أهمية الموضوع مع غموض المعلومات حوله. وهما الشيئان اللذان يستغلهما مصدرو الشائعات فالموضوع مهم للفئة المستهدفة، والمعلومات حوله شحيحة». وبين، أن العنصر المهم هو وعي المواطن وإدراكه لما ينشر، وأنه ليس كل ما يرد في الفضاء الافتراضي والإعلامي، هو حقائق دقيقة ونزيهة، وأن دس السم في تلك الرسائل الاعلامية شيء معتاد بل ومقصود، كما أن ليس كل ناشر يعتبر موثوقاً ومحايداً، بل هناك مصادر كثيرة غير موثوقة أو مجهولة في الأصل فكيف يتم استقاء المعلومات منها وتصديقها. «ويلاحظ مؤخراً أن هناك مواطنين متطوعين في وسائل التواصل يعملون على ضبط الشائعات التي تستهدف المجتمع السعودي ويكشفون مصدريها ويعرونهم على الملأ ويفندون ما ينشرونه للإساءة لوطننا». «تفكك وانقسام» من جانبه قال د. محمد الآنسي، استشاري تخطيط إعلامي، إنه في ظل اتساع استخدامات شبكات منصات التواصل الاجتماعي بين مختلف أطياف ومسارات الرأي العام، وجدت «الشائعات» في أوقات «الأزمات» وخارجها أيضًا مجالًا واسعًا في تمريرها وإضعاف الروح المعنوية أو إحداث بلبلة، أو دفع الجمهور المستهدَف إلى الشعور بالعجز عن تحقيق الانتصار في الحرب، أو التدمير النفسي بعدم استطاعة تحقيق إنجازات ما في أي مجال من المجالات. وتابع «يذهب العديد من خبراء الدعاية والاتصال إلى التأكيد أن استخدام الشائعات لا يقتصر على الجيوش خلال الحروب، لكنه أوسع من ذلك، ويمكن أن يؤدي إلى تفكيك الشعوب، وزيادة الاستقطاب والانقسام، ما يعني أن الشائعات في عصرنا الحاضر لم تُعد مجرد أكاذيب مختزلة ضمن إطار ما، بل هي أحد أهم مضامين - إن لم تكن على رأسها- في إستراتيجيات الحرب النفسية، وهذا ما يثبته الواقع بحذافيره». وأشار إلى أن «السؤال المتجدد مجتمعيًا، هو كيف يمكن لنا تأهيل الشعوب في عدم الانسياق خلف «الشائعات»؟، برأيي أن مواجهتها ومكافحتها تكمن أولًا في رفع مستوى «الوعي المجتمعي الوطني»، باعتباره رأس الحربة في التدمير الفوري للشائعة قبل وصولها إلى المدار المسموح بها، وهو ما يتطلب بناء إدراك توعوي من صفوف الدراسة العامة إلى مراحل التعليم الجامعي، ليس فقط على شكل مقررات تدرس، وإنما على شكل حلقات نقاشية مركزة». والمتطلب الثاني هو «الإنذار الإعلامي المُبكر» في قيام المنظومات والمؤسسات الإعلامية الوطنية في التصدي لهذه لارتدادات الشائعات وفق مصداقية المعلومات وشفافيتها، وهي منهجية علمية لبناء وتحصين الأوطان؛ وذلك في سبيل تقويض الشائعات المغرضة قبل انتشارها، والمساهمة في تشكيل «الحصانة المجتمعية» لدى الرأي العام من خلال التحقق من المعلومات المغلوطة ومعرف أهدافها ومنطلقاتها وأبعادها الإستراتيجية، ومن المهم أيضًا القيام بالمرحلة اللاحقة التي تفعل عنها الكثير من المؤسسات الإعلامية، والذي يتمثل في عملية تحليل وقياس «الشائعات»؛ للمساهمة في وضع التصورات اللازمة لتطوير آليات العمل وطرق المواجهة الاستباقية والاستكشافية». «دراسة استطلاعية» وفي نفس السياق ذكرت، دراسة استطلاعية أجراها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني سابقاً، بين خلالها أن أكثر من 82 % من المشاركين حول واقع الشائعات في المجتمع السعودي يؤكدون أن الرأي العام يتأثر بالشائعات، حيث شدد عدد كبير من المشاركين بلغت نسبتهم 82.9 % على أن الشائعة تسهم في التأثير على الرأي العام، بينما اعتبر 17.1 % أنها لا تؤثر. وشملت الدراسة التي أعدتها وحدة استطلاعات الرأي العام بالمركز 1049 فرداً، منهم 740 من الذكور و309 نساء، وبلغت نسبة هامش الخطأ 2.84 عند مستوى ثقة 95 %، وتم اختيار عينة الدراسة الاستطلاعية بطريقة عشوائية باستخدام برنامج حاسوبي مصمم خصيصاً لهذا الغرض، يمثلون جميع مناطق المملكة. ويرى نحو 69.2 % من أفراد عينة الدراسة أن الشائعات واسعة الانتشار بين أفراد المجتمع، في حين يؤكد نحو 23.1 % منهم أنها متوسطة الانتشار، ونحو 7.7 % يرون أن انتشار الشائعات بين أوساط المجتمع قليلة. د. محمد الأسى د. ظافر العمري د. فواز آل داوود