يبدو المعرض في زواياه المتكاملة سردا متناغم التفاصيل التي تجمع اللونين الأبيض والأخضر وكأنها تستعيد الرؤية الأولى لهذين اللونين كعلامة فارقة ورمزية أبعد في العمق فبين اللونين ثبات الأرض ومنهما تعانق الهمّة ومعايشة البيئة بحكاياتها بين الطبيعة والانسان. «من حولهم» معرض يستعيد أجيال فنية من الرواد الذي استطاعوا أن يثروا الحركة التشكيلية السعودية ويعيدوا إليها البريق الثابت المتناغم والمتداخل في كل ما تحتويه كل لوحة وكل عمل فني، فهي مبادرة من معهد مسك للفنون للتعريف بالحركة التشكيلية السعودية، عبر تاريخها وتطوّرها، ما يعكس نضجها ونهضتها التي خلقت بصمتها وفعّلت خصوصيتها عبر كل المدارس الفنية التي عبّر عنها الفنانون من الواقعية إلى الانطباعية والتجريدية والحروفية. لفتة مهمة ومبادرة سعى لها المنظمون لمشاركة 19 فنان وفنانة بأعمال من نهاية الخمسينات الى نهاية الثمانينات، فتحت فرصة التعرّف على التجربة للأجيال الجديدة لتوكب ذلك الشغف اللامتناهي بين اللون والريشة واللوحة والصورة، كما تضمن المعرض استعراض للعديد من الكتب الفنية الخاصة بمعهد مسك وبالعديد من الكتالوجات وكتيبات المعارض وقصاصات الصحف وثّقت مسيرتهم والإمكانيات المتاحة وقتها. كانت الأعمال تنبع من بيئة الفنان لخلق مفرداته التشكيلية والتعبير بها والتميّز بها في الأسلوب خاصة بتفصيل الأمكنة والعمارة والبيوت والطبيعة والحياة اليومية التي تغوص في تفاصيل الماضي البسيط الذي تمكّن من أن يخلق همزة الوصل بين الانسان وحضوره في الطبيعة في تلك الأيقونات المتمثّلة في الصحراء والأبواب والعمارة والنخيل والخيول التي اكتملت بالزخرفات والملامح عبّرت في كل فنان عبر مسيرته الحافلة التي سعى من خلالها وبدرجة أولى إلى التعريف بالسعودية الصورة والتصوّر.