عند الإعداد للكثير من المعارض الفنية والمسابقات في ظل الحركة الثقافية والفنية والبصرية يتطلب لكل معرض ومسابقة لجان تحكيم وفرز متكوّنة من نقاد ومختصين وذوي خبرة، خاصة وأن العمل الثقافي والفني رغم كل ما فيه من تعاون يُبقي باب التواصل مع بعض الفنانين على أطراف المشادات والتجاذبات في حال قامت الجهات المنظّمة بإبلاغ الفنانين المشاركين بأن أعمالهم تم الاعتذار عنها أو رفضها. ولعل هذه التجاذبات والمشادات تشتد خاصة بالتساؤلات التي يطرحها الفنان: لماذا لم تقبل أعمالي وقد أشاد بها كبار الفنانين؟ من هم أعضاء لجنة الفرز؟ لوحتي من أكثر اللوحات عندي شهرة و»لايكات» في مواقع التواصل! من المهم هنا أن نقدّم تعليقاً بسيطاً بل وطرحاً متفرّعاً لا يقع على اللوحة والمنجز الفني بل على العمل الثقافي ككل وعلى طبيعة إدراك الفنان نفسه لعمله ودوره العميق في التفريق بين المنافسة والعرض، لأن العرض الشخصي للفنان يختلف عن خوض المنافسة الجماعية التي تكون خاضعة لمقاييس وبنود ومنافسين. فاختيار العمل الفني في معرض أو ملتقى أو مسابقة يكون خاضعاً لشروط، وهي مختلفة حسب توجّه الملتقى، والرفض لا يعني إسقاط قيمة العمل أو عدم الإشادة به، خاصة وأن عدم قبول أي عمل وإرفاق رسالة اعتذار لا تكون فيها الجهة الحاضنة للبرنامج مُجبرة على تبرير الرفض. إن عدم التوفيق في مسابقة أو في ملتقى لا يعني بالضرورة أن العمل لا يستحق الإشادة والإعجاب أو أنه غير احترافي أو هناك تشكيك فيه، بل يعني تركيزاً أكثر على البحث في خصوصية كل معرض أو مسابقة، ومن تلك الخصوصية التركيز الذاتي على التميّز، وهنا لا يكفي إرسال العمل الفني للمشاركة بل التدقيق في تفاصيله بالتوازي مع تفاصيل الملتقى، وهنا يكون للفعل الثقافي جدوى وتبادلاً وتقديراً ونهضة حسية فكرية وإبداعية وابتكارية. فالأعمال المقترحة والمشاركة فيها زخم لا يُحصى، لذلك على الفنان البحث عن التميّز والبحث عن عين أخرى تقرأ عمله وتقدّمه لجمهور واسع، فإما يقبل ويبحث ويشيد ويدهش أو يكون تواصله باهتاً وسطحياً، فالفنان بحاجة إلى عين أخرى لها من الخبرة النقدية والقراءة التي تكون إضافة مُجدية لخبرة وتجربة الفنان المشارك وصقل معنوي، لأن الاكتفاء بالإشادة وحده غير كفيل على صياغة تجربة فنية متفرّدة. على الفنان البحث والتجديد والتواصل والوعي والنفاذ بين كل تفاصيل الملتقى أو المسابقة التي يطرح فيها تجربته حتى يجد ذاته بعمق متفرّد يضمن له الإشادة بفنّه من الجميع فنانين ومتابعين ونقاد وعارضين.