بعد أكثر من عام على التقارب بينهما، تراجعت العلاقات البولندية الأوكرانية إلى أدنى مستوى وأصبحت ضحية مصالح تزداد تباينا ولحملة انتخابية محمومة تسبق الاقتراع التشريعي المقرر الأحد في بولندا، مما يثير استياء الحلفاء الغربيين للبلدين. وما زال الترحيب الحار الذي قدمه البولنديون لملايين اللاجئين الأوكرانيين بعد الغزو الروسي في فبراير 2022 ماثلا في الذاكرة، لكن العلاقات تميل اليوم إلى الفتور والمواجهة. ويرى مارسين زابوروفسكي من مركز أبحاث غلوبسيك" أن "العلاقات البولندية الأوكرانية تتراجع لا سيما بسبب الحملة الانتخابية"، مشيرا إلى أن حزب القانون والعدالة الحاكم يريد "جذب الناخبين المناهضين لأوكرانيا الذين يسعى حزب الكونفدرالية اليميني المتطرف أيضا إلى جذبهم". وأضاف أن حزب القانون والعدالة يضحي بالسياسة الخارجية من أجل السياسة الداخلية. وأوضح دليل على ذلك رفض الرئيس أندريه دودا الأحد الرد بوضوح عندما سئل متى ينوي التحدث مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. قبل ذلك تبادلت الدولتان انتقادات لاذعة. وخوفا من خسارة أصوات المزارعين، قام القوميون الموجودون في السلطة في وارسو بتمديد الحظر على واردات الحبوب الأوكرانية في منتصف سبتمبر، وردت كييف بإحالة القضية على منظمة التجارة العالمية. وردت وارسو التي كانت من بين أكبر داعمي أوكرانيا بالأسلحة، بالتأكيد بلسان رئيس وزرائها أن عليها الآن أن تركز على تحديث جيشها وأنها لن ترسل أسلحة إلى كييف بعد الآن. تلى ذلك تصريحات تتسم بالحدة. فقد شبه الرئيس البولندي أوكرانيا ب"رجل يغرق" ويمكن أن يجر منقذيه إلى القاع. من جهته أشار زيلينسكي إلى أن "بعض الدول تتظاهر بالتضامن مع أوكرانيا بينما تدعم روسيا بشكل غير مباشر". وأثارت هذه التصريحات غضب وارسو التي استدعت السفير الأوكراني. وقال زابوروفسكي إن "جزءا من ناخبي حزب القانون والعدالة يعتبرون أن هذا الحزب يبالغ في تأييده لأوكرانيا، لذلك تريد الحكومة تغيير ذلك، ومن هنا خرج النزاع حول الحبوب والأسلحة". وأضاف أن "البولنديين يشككون بشكل متزايد في مسألة أوكرانيا". وكشف استطلاع للرأي أجراه معهد "سي بي أو اس" أن نسبة المؤيدين لاستقبال لاجئين أوكرانيين في بولندا تراجعت من 76 بالمئة إلى 65 بالمئة بين يوليو وسبتمبر، وهو أدنى مستوى منذ بداية الحرب. وتستضيف بولندا إلى جانب ألمانيا، أكبر عدد من اللاجئين الأوكرانيين (حوالي مليون شخص في كل من البلدين). وكشف استطلاع آخر أجراه معهد إيبريس أن نحو 40 بالمئة من البولنديين يعارضون توسيع نطاق الأحكام التي تسمح للأوكرانيين بالوصول إلى سوق العمل والرعاية الصحية والتعليم والمساعدات الاجتماعية.