خام برنت يصعد 1.3% ويصل إلى 75.17 دولار للبرميل    نيمار: فكرت بالاعتزال بعد إصابتي في الرباط الصليبي    قبضة الخليج تبحث عن زعامة القارة الآسيوية    6 فرق تتنافس على لقب بطل «نهائي الرياض»    ناتشو: كنا على ثقة أننا سنفوز على النصر    القبض على (4) مخالفين في عسير لتهريبهم (80) كجم "قات"    وفد طلابي من جامعة الملك خالد يزور جمعية الأمل للإعاقة السمعية    أمير المنطقة الشرقية يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    بمشاركة 25 دولة و 500 حرفي.. افتتاح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض غدا    مدرب الفيحاء يشتكي من حكم مباراة الأهلي    استقالة مارتينو مدرب إنتر ميامي بعد توديع تصفيات الدوري الأمريكي    بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي    رحلة ألف عام: متحف عالم التمور يعيد إحياء تاريخ النخيل في التراث العربي    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    أمانة الشرقية تقيم ملتقى تعزيز الامتثال والشراكة بين القطاع الحكومي والخاص    دوري روشن: التعادل الايجابي يحسم مواجهة الشباب والاخدود    الهلال يفقد خدمات مالكوم امام الخليج    منتدى المحتوى المحلي يختتم أعمال اليوم الثاني بتوقيع 19 اتفاقية وإطلاق 5 برامج    «الصحة الفلسطينية» : جميع مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل    اعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم    «طرد مشبوه» يثير الفزع في أحد أكبر مطارات بريطانيا    انطلاق مهرجان الحنيذ الأول بمحايل عسير الجمعة القادم    فيتنامي أسلم «عن بُعد» وأصبح ضيفاً على المليك لأداء العمرة    هل يعاقب الكونغرس الأمريكي «الجنائية الدولية»؟    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    «الزكاة والضريبة والجمارك» تُحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة كبتاجون في منفذ الحديثة    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    الكشافة تعقد دراسة لمساعدي مفوضي تنمية المراحل    الملافظ سعد والسعادة كرم    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    فعل لا رد فعل    ترمب المنتصر الكبير    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    استضافة 25 معتمراً ماليزياً في المدينة.. وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاهتمام بالتنشيط السياحي نقلة نوعية تنافس الوجهات المماثلة
نشر في الرياض يوم 01 - 10 - 2023

عززت المملكة العربية السعودية مكانتها كوجهة سياحية عالمية، عبر تنفيذ مبادرات في مجالات عدة، واستثمرت موقعها الجغرافي المتميز في قلب العالم العربي والإسلامي، وعملت على رفع جودة المرافق والخدمات، ليتمتع الزائر لبلادنا من خلال السياحة الدينية أو الترفيهية لتجربة لا تنسى.
ويتهافت الزوار من مختلف دول العالم ليعيشوا تجربة فريدة في مختلف بقاع بلادنا المتنوعة مناخيا وثقافيا وتراثيا، وليتعرفوا عن قرب على جمال المملكة الساحر، وتراثها الغني، كوجهة عالمية فريدة.
7.8 ملايين سائح خلال الربع الأول من العام 2023م
وتشتهر المملكة العربية السعودية بتنوع جغرافي قلما نجده في كثير من بلدان العالم، فموقعها الاستراتيجي بين ثلاثة قارات، جعلها تتميز عن غيرها من البلدان الأخرى في العديد من المميزات ومن ضمنها التنوع المناخي خصوصا بالمنطقة الجنوبية من المملكة، لجمعها بين مناخين متناقضين على مدار العام.
ومن خلال هذه التقرير سنركز على هذه المنطقة كواحدة من أجمل الوجهات السياحية في بلادنا لما تتميز به من مناظر طبيعية خلابة وأجواء معتدلة، ما جعلها وجهة جذب سياحي عالمي على مدار العام.
ومن هنا ندرك النظرة الثاقبة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة شركة السودة للتطوير - حفظه الله -، عندما أطلق المخطط العام لمشروع تطوير السودة وأجزاء من رجال ألمع تحت مسمى "قمم السودة"، وهذا سيعزز دورها كوجهة سياحية جبلية فاخرة، تتميز بثقافتها الأصيلة، وتراثها الفريد وطبيعتها الساحرة، وتقديم خيارات سكنية وترفيهية متنوعة.
الخطيب: المملكة من أكبر الدول المستثمرة في السياحة باستثمارات بلغت 800 مليار دولار
وسيعكس تطويرها اهتمام المملكة بتنشيط المنطقة سياحيا وتنمويا، لتكون وجهة جبلية سياحية عالمية، تنافس الوجهات المماثلة، وتشكل نقلة نوعية للمملكة والمنطقة عموما.
"انفتاح عالمي"
لقد وضعت رؤية 2030 برنامجا لتطوير السياحة لتكون ضمن أحد البرامج التي تعزز إيرادات الدولة غير النفطية، وتقلل من الاعتماد على الإيرادات النفطية كمصدر دخل رئيس، كذلك خلق قيمة مضافة للاقتصاد السعودي.
واستهدفت المملكة زيادة أعداد الزيارات إلى نحو 100 مليون زائر لتكون ضمن قائمة الخمس دول الأولى في عدد الزيارات بحلول 2030، وبفضل السياسية الحكيمة التي تنتهجها المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية أصبحت المملكة العربية أكثر انفتاحًا على العالم منذ إطلاق رؤية السعودية 2030، ورحبت بالزوار من شتى بقاع الأرض، وأسهم إطلاق التأشيرات إلكترونيًا بداية من عام 2019، في جذب ملايين الزوار إلى المملكة، وساعد على استحداث العديد من فرص العمل ودفع عجلة النمو الاقتصادي المحلي.
وعززت المملكة مكانتها كوجهة سياحية عالمية، عبر تنفيذ مبادرات في مجالات الآثار والثقافة والتعليم والفنون، للحفاظ على تراث المملكة الغني وجمالها الطبيعي، وجذبت الفعاليات الكبيرة مثل مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، وسباق السيارات السعودي، الزوار الذين تعرفوا على كرم الضيافة بالمملكة.
واستثمرت المملكة موقعها الجغرافي المتميز في قلب العالم العربي والإسلامي، وعملت على رفع جودة المرافق والخدمات، ليتمتع السياح بسياحة متطورة، كما يتمتع المعتمرين والحجاج بتجربة روحانية لا تنسى.
وترحب المملكة في كل لحظة بالزوار من مختلف دول العالم ليعيشوا تجربة فريدة، ويتعرفوا عن قرب على جمال المملكة الساحر، وتراثها الغني، كوجهة عالمية فريدة.
ومكّنت برامج تحقيق رؤية السعودية 2030 التحوّل الاقتصادي، الذي أسهم في إحداث تحوّل ثقافي في المملكة العربية السعودية من خلال قطاع الاقتصاد الرقمي وقطاعات جديدة أخرى في المملكة، مثل: قطاع السياحة، وقطاع الألعاب، وقطاع الترفيه، وقطاع الثقافة؛ والعمل على بناء جسور التواصل بين المملكة وشعبها والعالم.
وفي تصريح سابق لوزير السياحة أحمد الخطيب ذكر أن المملكة من أكبر الدول المستثمرة في قطاع السياحة باستثمارات بلغت 800 مليار دولار في العديد من الوجهات السياحية والمدن.
"إنجازات وتميز"
وسبق وأعلنت وزارة السياحة عن تحقيق المملكة فائضاً كبيراً في ميزان المدفوعات لبند السفر في الربع الأول من عام 2023م، حيث بلغ الفائض 22.8 مليار ريال مقابل عجز قدره 1.6 مليار ريال في الربع الأول من العام السابق، وتحقق هذا الفائض نتيجة للنمو الكبير لإيرادات السياحة الوافدة بحوالي 225 % مقارنة بالربع الأول من عام 2022م لتصل إلى حوالي 37 مليار ريال سعودي بحسب بيانات البنك المركزي السعودي.
ويعكس هذا الإنجاز حجم الجهود المبذولة من قبل الوزارة لتعزيز القطاع السياحي، ومساهمته في نمو الاقتصاد الوطني، ويأتي ذلك في إطار استراتيجية تنمية السياحة الوطنية.
وكانت المملكة قد حققت مؤخراً عددًا من الإنجازات المميزة في قطاع السياحة؛ من أبرزها ما صدر عن منظمة السياحة العالمية، إذ تقدمت المملكة في مؤشر إيرادات السياحة الدولية 16 مركزًا لتصل إلى المركز 11 في العام 2022م مقارنةً بالمركز 27 في عام 2019م على مستوى العالم. كما واصلت المملكة إنجازاتها الدولية في قطاع السياحة، حيث استقبلت حوالي 7.8 ملايين سائح وافد خلال الربع الأول من عام 2023م، ويُعد أعلى أداء ربعي تاريخياً ليحقق نمواً بنسبة 64 % مقارنة بنفس الفترة من عام 2019م، وبذلك حققت المملكة المركز الثاني عالمياً في نسبة نمو عدد السياح الدوليين حسب بيانات المنظمة الصادرة في شهر مايو من عام 2023.
"جنوب المملكة"
ويعد جنوب المملكة من أفضل الوجهات السياحية التي جمعت مفردات الجمال في جبالها وسهولها الخضراء الشاسعة، ومبانيها التراثية المميزة، ومناخها الصيفي الرائع، الذي يتنفس بردًا وعطرًا بين مروجها الخضراء؛ فهي تجمع بين سحر الطبيعة وشموخ الجبال، بالإضافة إلى كرم أهلها وتقاليدهم الأصيلة.
وكل هذا الجمال أهّلها بجدارة لتكون واحدة من أهم الوجهات الصيفية في المملكة ومنطقة الشرق الأوسط عبر العديد من السنوات، فهي سيدة الضباب وعروس الجنوب وموطن الطبيعة الغنّاء، التي تزهو بثوب من السحر والجمال الخلاب، والأجواء الصيفية الرائعة.
وتشهد أبها التي تقع فيها قمم السودة وأجزاء من رجال ألمع حراكًا سياحيًا كبيرًا في كل عام بفضل ما تتمتع به من منتجات سياحية متميزة تبرز تنوع الوجهات الصيفية في المملكة وما تتضمنه من فعاليات وأنشطة نوعية لجذب الزوار من الداخل والخارج.
ويستمتع زوارها من السياح والمصطافين، سواء من داخل المملكة أو خارجها، بالعديد من الفعاليات الثقافية والترفيهية المصاحبة خصوصا في موسم الصيف.
وتتمتع أبها بالعديد من المواقع السياحية ذات الطبيعة الخلَّابة، ومن أشهرها جبل السودة، حيث يستطيع السائح أن يسير بين السحاب، أو يطالع لوحة ساحرة من الطبيعة الممتدة من أعلى الجبال، أو من خلال عربات (التليفريك)، التي تهبط من أعلى السودة نحو وادي العوص، لزيارة قرية رجال ألمع التراثية، بتاريخها العريق وعمرها الذي يتجاوز الخمسة قرون، حيث تعمل المملكة على تسجيلها ضمن قائمة اليونيسكو للتراث الإنساني العالمي.
وتستقطب أبها أعدادًا كبيرة من عشاق الطبيعة والأجواء الباردة صيفاً، خاصة بعد أن أصبحت زيارة المملكة أكثر يسرًّا وسهولةً من أي وقت مضى؛ بعد توفر أنواع عدة من التأشيرات لزيارة المملكة؛ كما أتاحت المملكة التأشيرة الإلكترونية للمقيمين بدول مجلس التعاون الخليجي دون اشتراط مهن محددة.
"تطوير السودة"
وعندما تدخل السودة ورجال ألمع في دائرة اهتمامات سمو ولي العهد - حفظه الله - فإنها ستأخذ مكانتها على خارطة الأماكن السياحية العالمية وستنافس قريبا بكل اقتدار.
وقبل أن نتحدث عن تطوير "قمم السودة وأجزاء من رجال ألمع " يجب أن نستذكر ما سبق وأعلن سمو ولي العهد رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة، عن إطلاق شركة السودة للتطوير في منطقة عسير باستثمارات متوقعة تتجاوز قيمتها 11 مليار ريال، حيث تهدف الشركة المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة، للاستثمار في البنية التحتية وتطوير قطاعي السياحة والترفيه، من خلال العمل على تطوير منطقة المشروع التي تشمل السودة وأجزاء من رجال ألمع، لتصبح وجهة سياحية جبلية فاخرة تتميز بثقافتها الأصيلة، وتراثها الفريد وطبيعتها الساحرة، وتقديم خيارات سكنية وترفيهية متنوعة.
وبالنسبة للسودة فهي تقع على بعد 25 كلم من مدينة أبها، وعلى ارتفاع 3000م عن سطح البحر، حيث تقع على قمة جبل السودة، وينفرد الموقع دون سواه بخصائص طبيعية خلابة، يندر تواجدها، حيث تسقط أعلى نسبة أمطار في منطقة عسير، وتكسوها بغزارة غابة كثيفة من الأشجار، وتتباين تلك المنطقة المرتفعة في توزيع غطائها النباتي، وطبوغرافيتها، بين الأرض المستوية والحواف المنحدرة، والانكسارات الحادة، وتتخللها جميعا أشجار العرعر داكنة الخضرة، بفعل غزارة المطر وارتفاع نسبة الرطوبة في المنطقة، حيث تعانق السحب قمم الجبال باعثة الانتعاش والحيوية في النفس، كما يمكن مشاهدة بعض الصخور المنحوتة بكتابات ورسوم تتحدث عن حقبة جاوزت 3000 عاما مضت، وتتميز السودة بالمباني السوداء، ما جعلها تكتسب جمالا ساحر بسبب امتزاج اللون الأسود، باللون الأخضر وسط الغابات، ما يشكل لوحة رائعة بديعة الجمال، تأسر زوارها وهواة التصوير والتوثيق.
وتمتاز السودة بأجمل الغابات الطبيعية في العالم، خاصة في ظل ندرة شجر العرعر المتواجد فيها بكثرة، كذلك تنوع نباتاتها لاتجتمع في مكان واحد سوى في السودة.
ومن الميزات التي تنفرد بها السودة عن غيرها أنها تسجل درجات حرارة لا تتجاوز 15 درجة مئوية في فصل الصيف، فيما تكون درجات الحرارة في فصل الشتاء منخفضة جداً قياساً بالمناطق المحيطة بها.
وعن سبب تسمية السودة بهذا الاسم فيرجع البعض السبب بأن صخورها السوداء يعتقد أنها تكونت من بقايا حمم بركانية، ويطلق على السودة عدة مسميات منها: مدينة المطر، مدينة السحاب. وفي السودة قد لا يمر يوم دون أن يتساقط عليها المطر، والرذاذ، حبات البرد.
وتتربع السودة على ارتفاع يصل ل 3.015 مترا فوق سطح البحر مما يجعلها أعلى قمة في المملكة العربية السعودية.
"المؤرخون والسودة"
ومن هنا لا بد أن نتعرف على جبال السودة وتلك القمم التي أطلقها سموه، تقول زميلتنا الكاتبة د. ملحة عبدالله عبر مقالها في "الرياض": إن قرية السودة هي من قرى بلاد عسير ذات الجبال والمرتفعات الشاهقة التي تناطح السحاب وتسبح في عبابة الغيوم، تلك القرية الحالمة السابحة بين السحب تعانق نسمات الفضاء البكر الخالي من شوائب التلوث والعوادم والماكينات الصناعية وضجيج العربات وصفارات الإنذار، تنافس الطيور في ارتفاعها حتى إن الواقف على قمم جبالها يخال الطير تسبح لتدنو تحت أقدامه، قرية تقارب الخيال إذا حكى الحاكي وتفشل عندها كلمات الشعراء إذا ما حاولوا وصفها أو إماطة لثامها المزين بزهور اللوز والكادي والبعيثران والحبق وكل الأزاهير النادرة!
وهي قرية تضرب جذورها في عمق التاريخ حيث يقول المؤرخون: "إن السودة عرفت من آلاف السنين بتاريخها القديم، فهناك نقوش ورسومات على صخور جبلية، ترمز للإنسان المقاتل وبعض الحيوانات مثل الغزلان والمها، إضافة إلى بعض الأدوات المستخدمة في القتال قديماً، وهذه الأحجار تتوزع في عدة مواقع في السودة، ويعيد البعض تاريخها إلى أكثر من 3000 سنة" كما أن اسمها يرجع إلى قمرة الأحجار السوداء بين الغابات الكثة، إلا أننا قد رددنا اسمها في موسوعتنا إلى كثافة غاباتها والتي تحتوي على تنوع حيواني كبير ومنها الأسود والفهود والغزلان والضباع والذئاب، وغير ذلك من الحيوانات المفترسة بين تلك الغابات الكثة.
"التزام بيئي"
وتقع قمم السودة على مساحة كبيرة من الغابات والجبال التي تمتد لأكثر من 627 كم2 مع مساحة بناء لا تتجاوز 1 % منها، مما يعكس التزام شركة السودة للتطوير بحماية البيئة وتطبيق معايير الاستدامة، والمحافظة على الموارد الطبيعية وتنميتها في منطقة المشروع التي تضم السودة وأجزاء من رجال ألمع، بما يدعم جهود مبادرة السعودية الخضراء.
وإطلاق سمو ولي العهد لقمم السودة أكد الحفاظ على البيئة والثروات الطبيعية والتراثية وحفظها للأجيال القادمة، وهذا الالتزام البيئي سيسهم في تنويع مصادر الدخل وبناء اقتصاد جاذب للاستثمارات الدولية والمحلية".
ويرى رئيس مجلس إدارة غرفة أبها حسن بن معجب الحويزي عبر "الرياض" أن مشروع قمم السودة سيؤدي إلى نمو البيئة الطبيعية والثقافية الفريدة من نوعها في منطقة عسير جنوب غرب المملكة بما يتماشى مع جهود صندوق الاستثمارات العامة مما يمكن القطاعات الحيوية الواعدة، ويدعم استراتيجية تطوير منطقة عسير قمم وشيم.
موضحاً أن مشروع قمم السودة ستعكس الوجه الجديد للسياحة الجبلية الفاخرة من خلال توفير تجربة معيشية غير مسبوقة، وسيسهم المشروع في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030، لافتاً إلى أن ذلك سينمي القطاع السياحي والترفيهي، ودعم النمو الاقتصادي من خلال المساهمة في زيادة إجمالي الناتج المحلي التراكمي بأكثر من 29 مليار ريال، وتوفير آلاف الوظائف بشكل مباشر وغير مباشر.
وبفضل الجهود السياحية الكبيرة التي يرعاها ويشرف عليها سموه ويشرف عليها بنفسه، أصبح قطاع السياحة في المملكة الأسرع نموًا في العالم، حيث سجل معدل نموٍ بلغ 14 % وقد حققت المملكة نتائج غير عادية في تدفق السياح الدوليين الوافدين بمعدلٍ تجاوز 121 %، في الفترة من يناير وحتى يوليو 2022م.
"رجال ألمع"
وفي منطقة المشروع التي أعلن عنها سمو ولي العهد والتي تضم السودة، تضم أيضا أجزاء من رجال ألمع، وتعمل شركة تطوير السودة إلى تطوير السودة وأجزاء من رجال ألمع وبتطويرها مع السودة ستصبح وجهة جبلية سياحية فاخرة.
و"رجال ألمع التراثية" هي قرية تراثية تقع في محافظة رجال ألمع الواقعة بمنطقة عسير جنوب غرب المملكة، وتبعد عن مدينة أبها حوالي 52 كم باتجاه الغرب. يزيد تاريخ بنائها على 900 سنة، وقد كانت نقطة مهمة تربط بين القادمين من اليمن وبلاد الشام مروراً بمكة المكرمة والمدينة المنورة، الأمر الذي جعلها مركزاً تجارياً مهماً.
وتتكون القرية من نحو 60 مبنىً بنيت من الحجارة الطبيعية والطين والأخشاب، ويضم الموقع متحفاً قام بإنشائه أهالي القرية.
وتقع القرية في وادٍ معزول في وسط جبال السروات في منطقة عسير، وهي منطقة محورية بين السهل الساحلي على البحر الأحمر، والذي يعرف بتهامة، والهضبة السعودية الوسطى.
وتحمل رجال ألمع ميزة في البناء، وعمقاً حضارياً وتراثياً، كما تتميز بالفنون المعمارية الفريدة المتمثلة في الحصون الشاهقة المبينة بطريقة فنية بديعة تجمع بين الجمال والإتقان واستغلال المساحات بشكل لافت، حيث تتراص حصون على مساحات صغيرة متقاربة، لتصنع كتلة واحدة بارتفاعات متفاوتة، يصل ارتفاع بعضها إلى ستة طوابق زخرفت من الخارج بحجر "المرو" الأبيض، كما زيّنت من الداخل بالنقوش الفنية التي يطلق عليها "القط العسيري"، مما جعلها مقصداً للزوار القادمين إلى منطقة عسير من داخل المملكة وخارجها.
ونجحت وزارة الثقافة ممثلة في هيئة التراث ووزارة السياحة في إعداد ملف ترشيح عدد من القرى التراثية السعودية ضمن مبادرة القرى السياحية التابعة لمنظمة السياحة العالمية، ليقع اختيار المنظمة على قرية "رُجال" بفضل ما تمتلكه من تاريخٍ كبير وإرثٍ حضاري يمتد لما يقارب ال 900 عام.
وقد أدرجت "رُجال ألمع" التابعة لمحافظة رجال ألمع بمنطقة عسير، من قبل منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة حديثاً على قائمة أفضل القرى السياحية في العالم، لعدة اعتبارات ومقاييس حققتها، وفق رؤية عالمية للقرية المماثلة لها عالمياً، حيث تحمل أسساً تاريخية وتراثية، ولمسات أهالي المنطقة الذين عاشوا حقبة تؤكد اهتمامهم بمتطلبات الحياة، وتميزوا بالحرص على تسجيل إرثهم وتناقله جيلاً من بعد جيل.
ويؤكد هذا الإنجاز أهمية الالتزام بالاستدامة واستخدام السياحة كقوة للتغيير الإيجابي في المجتمعات، حيث اختارت منظمة السياحة العالمية رجال ألمع من بين 175 جهة مشاركة تمثل 75 دولة.
وتواصل وزارة السياحة جهودها في تطوير القطاع ورفع مساهمته بالاقتصاد الوطني، لتحقيق مستهدفاتها ومستهدفات رؤية السعودية 2030.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.